صدى الشعب – كتبت هبة جوهر
أنا أردنية كاملة الدسم، لم أشعر يوما في هذه البلاد -بلادي- تمييزاً على أي أساس، ولم أعامل على أي صعيد من أي شخص أو مؤسسة بغير أنني مواطنة أردنية، أحلم كما يحلم أي أردني أن تعود فلسطين كل فلسطين، وبأن يبقى الأردن قوياً شامخاً.
لم أشعر يوماً في هذا البلد الكريم -بلدي- باضطراب في الهوية، لم تكن يوماً هويتي الوطنية إلا أردنية، فهي ساطعة كالشمس واضحة ودافئة، وقد حالفني الحظ أن أزور وأعمل في كل محافظات المملكة، خالطت ناسها وترابها وتطور شوارعها وأحلام شبابها.
لم أرتبك لحظة في الإجابة حينما يسألني أحدهم “من وين إنت؟” أجيب “أنا من هون.. من عمان.. حجرة في فسيفساء مدينة أردنية عروبية تنبض في حب فلسطين”.
أنا من هنا.. من عمّان التي يحتفظ متحف “القارمات” فيها لقارمة محل عائلتي الذي مازال موجوداً مقابل المسجد الحسيني، ومازالت محال جدي موجودة في أقدم أسواقها كأقدم محال لبيع “الكلف” ولجبل الحسين في ذاكرتي الكثير من الألق والشوق، فأعرف ضواحيه وسوقه ومخيمه، أنا من عمان أعرف أقدم مطاعمها وأطيب مخابزها عشت في شرقها وغربها وشمالها، وكونت الذكريات على جبالها.
أعرف إربد مدينة الحلم والصبا، عشت فيها وحققت أولى خططي في جامعتها العريقة “اليرموك” لأعود إليها مدربة، محاضرة، وسيدة تسترجع ذكريات الصبا.
أتذوق نكهات الشمال من جرش وأعرف أن هناك جمال الطبيعية يرحب بي حينما أقرأ يافطة “يا هلا” ويأتي الحنان مع نسمة هواء بصوت “متعب السقار”، أمشي شمالاً من بين القرى ومن الطريق الرئيسي لأجد الخضار على مد البصر في عجلون وجبالها وقلعتها وأكواخها.
في حين تهبك “المفرق” فضاء آخر للرؤيا حينما تشعر أن السماء قريبة من الأرض، وتتشابك فيها الزُرقة مع لون الأرض بأقل تضاريس ومبان تشوش على هذا الفضاء.
وفي البلقاء قصص تروى عن شوارع السلط الشاهدة على الحضارة، وفي أقضية المحافظة المليئة بالتكافل بين أبنائها، فيها من الحكايات ما يغني الموروث المادي وغير المادي.
لا أعرف البحر الميت كمنطقة سياحية وحسب، أعرف الشونة بقُراها وأهلها وطعم حمضياتها، وشموخ كرامتها.
وفي مأدبا تبرز صورة الأردن فناً وتنوعاً وثقافة وسياحة، وفي التنوع صورة أخرى تُقدمها الزرقاء بل وتجود في تناغمها.
وتميل الروح إلى الجنوب حيث قلعة الكرك وثقافة أهلها وعروبية فكرهم، وطيب الطفيلة وهدوء شوراعها، فيما تجود معان على ضيوفها كرماً وحباً وتاريخاً، فتستحوذ على نبضات القلب.
هذا الأردن .. بلد الطيب والتنوع والكرم، الذي يجود علي حُباً .. فالحمد لله على هذه النعمة…
