صدى الشعب – كتب ازهر طوالبه
في الذكرى الثالثة لوفاة العم محمد حسن خزاعلة أبو صلاح ..
الأخ الحبيب .. طيب الأصل .. طليق الفكر
عظيم المحبة والعرفان ..لروحك النقية الطيبة …
ففي وقتٍ لسنا فيه على جاهزيّةٍ عالية، للوقفِ أمامَ مُغادرةٍ لا تُحتمَل ولا تُطاق، يُغادِرنا، العَم “أبو صلاح” .
فنقفُ عاجزينَ أمامَ هذه المُغادرة، مُكبّلينَ بحبالها الطّويلة، مُحاصرينَ بأسوارها العالية، مُسيطَرٌ علينا، مِن قبلِ جنودٍ لا نراهُم، يشّهِرونَ أسلِحتهم، ولا يُطلقونَ علينا، إلّا طلقة واحِدة، بيدَ أنّ هذه الطّلقة، لها مِن الأثر علينا، ما لَم يكُ للنازيينَ مِن الأثرِ على الألمان..هذه طلقةٌ، تُجيد الاستقرار في أعمقِ نقطة لقُلوبنا، وتُبدِع في جعلِ خلايانا العصبيّة، أكثَر نفورًا، وأشدُّ غضبًا، وأملأ حُزنًا، وأقلّ راحة…
غادَرنا، رجلٌ لَم نكُ نعرِف عنهُ إلّا طيب المعشَر، وحُسن الخُلق، وصلابة الموقِف، ورجاحة العقِل، ورزانة الحضور، وبهاء الوجود..رجلٌ كانَت تتدلّى مِن بينِ شعرهِ السبعينيّ الأبيَض، خصالٌ مِن المحبَّة، وتنبُع مِن قلبه، ينابيعٌ مِن الشّهامة والأصالَة، المُكلَّلةُ بكُلّ معان الرّجولة، والمُحاطةُ بالهيبة والمهابَة…
غادرنا، رجلٌ محامٍ، دافعَ عن النّاس، وعن أصحاب الحقّ، بالتّحديد، عملَ ما باستطاعتهِ، مِن أجلِ أن يسودَ العَدل بينَ النّاس، حاولَ أن يصّعَد للسّماء، قبلَ صعوده الأخير ؛ صعودٌ بعودة ؛ ليضَع فوقَ كُلّ سحابةٍ تُمطِر، ميزان؛ إيمانًا منهُ بأنّ لا حياة تُقام لا في السّماء ولا في الأرض ؛ إلّا بالعَدِل .
غادرنا، رجلٌ قوميّ، عُروبيّ آمنَ بأنّ القوميّة العُربيّة، هي فقط، طريق النّجاة، الذي يجِب على كُلّ إنسانٍ عربيّ أن يُسلُكَه ؛ إن أرادَ أن يحقِّق نهضة عربيّة، على الصّعيدين الإقليميّ والعالميّ .
نَم قرير العينِ، يا عَم، نَم، فأنتَ بضيافةِ الرحمن، الرّحيم، القدُّوس.
نَم، وكُن على ثقةٍ مُطلقة، بأنَّكَ لم تُغادرنا إلّا جسدا، فروحكَ وحضوركَ المعنويّ، ما زالَ، وسيبقى، راسخًا في أعماقنا.
يا أيُّها النقيّ، عليكَ السّلام، وصلوات المُحبّينَ، في كُلّ مكانِ، وفي أيّ زمان، تغشاكَ…