خريسات: القطاع يلعب دورا في تلبية الأسواق المحلية وتوفير فرص العمل *يخفف من الاعتماد على الزراعة التقليدية واستخدام الموارد المائية *يساعد الحفاظ على البيئة والمحافظة على التنوع البيولوجي البحري
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة، يعتبر استزراع الأسماك أحد الحلول الحيوية التي يسعى الأردن لتعزيزها كجزء من استراتيجياته الزراعية المستدامة.
يمثل قطاع الاستزراع السمكي قطاع واعد يسهم في الاقتصاد الوطني، حيث يسهم في توفير فرص عمل وتحسين مستوى الدخل للمجتمعات المحلية.
وقال رئيس قسم بحوث الأسماك في المركز الوطني للبحوث الزراعية الدكتور احمد خريسات إن استزراع الأسماك يشكل جزءاً أساسياً من القطاع الزراعي في الأردن، حيث يسهم في تنويع الإنتاج الزراعي ويخفف من الاعتماد على الزراعة التقليدية واستخدام الموارد المائية.
وأشار الى انه يعزز الاستزراع السمكي أيضاً من استخدام الموارد المائية بشكل مستدام وفعال، ويساهم في تحسين خصوبة التربة من خلال استخدام مياهه في الري، مما يزيد من الإنتاجية الزراعية بشكل عام.
وحو أهمية الاستزراع السمكي كجزء من الاقتصاد الوطني أكد على أن قطاع الاستزراع السمكي يشكل جزءاً أساسياً من الاقتصاد الوطني الأردني، حيث يساهم في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة عبر مختلف مراحل الإنتاج والتسويق.
وأضاف أن هذا القطاع يلعب دوراً حاسماً في زيادة الإنتاج الغذائي، مما يساعد في تلبية الطلب المتزايد على البروتين الغذائي ويقلل من الحاجة إلى استيراد الأسماك.
وأشار إلى أن الاستزراع السمكي يعزز من الأمن الغذائي الوطني من خلال توفير مصدر مستدام للبروتينات الحيوانية، بالإضافة إلى إمكانياته في تطوير منتجات سمكية عالية الجودة قابلة للتصدير إلى الأسواق الدولية، مما يسهم في زيادة الإيرادات الوطنية.
وأوضح أن قطاع الاستزراع السمكي يلعب أيضاً دوراً رئيسياً في تنمية المناطق الريفية والمحلية من خلال توفير فرص عمل ومصادر دخل إضافية للمزارعين والمجتمعات المحلية، مما يساهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الأردن.
وفيما يخص الفوائد البيئية لاستزراع السمكي أوضح أن استزراع الأسماك يلعب دوراً بارزاً في الحفاظ على البيئة والمحافظة على التنوع البيولوجي البحري، مبينا أن هذا النوع من الزراعة يساهم في تقليل الضغط على مصايد الأسماك الطبيعية، مما يساعد في الحفاظ على الأنواع البحرية المتنوعة.
وأشار إلى أن الاستزراع السمكي يعزز أيضاً من استدامة الموارد المائية والأراضي من خلال تبني ممارسات مستدامة في عمليات الإنتاج.
وأكد أن هذه الممارسات تساهم في الحفاظ على جودة المياه وتقليل التأثيرات البيئية السلبية، مما يعزز من فعالية استخدام الموارد ويحقق استدامة النظم البيئية في المنطقة.
وحول الدعم الحكومي والسياسات لاستزراع السمكي أكد على أن الحكومة الأردنية تولي اهتماماً كبيراً بتعزيز قطاع الاستزراع السمكي من خلال تقديم حوافز وتشجيعات للمستثمرين.
وأوضح أن هذه الخطوات تأتي في إطار تعزيز الاستثمارات وتعزيز الاستدامة في القطاع الزراعي، خاصةً في ظل التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي العالمي.
وأضاف أن الحكومة تدعم أيضاً الأبحاث العلمية والتطوير التكنولوجي في مجال الاستزراع السمكي، بهدف تحسين الإنتاجية ورفع جودة المنتجات.
وأكد أن هذه الجهود تهدف إلى تعزيز تنافسية المنتجات السمكية الأردنية على المستوى الإقليمي والدولي، مما يساهم في زيادة الصادرات الوطنية وتعزيز الاقتصاد الوطني بشكل عام.
التحديات والفرص
وأكد أن قطاع إنتاج الأسماك في الأردن يعاني من بعض التحديات، أبرزها الموارد المائية المحدودة، لافتا الى انه مع ذلك، يسعى القطاع إلى تطوير نفسه من خلال الاستزراع السمكي.
وأوضح أن الإنتاج المحلي يحقق كميات من الأسماك عبر الاستزراع السمكي، إلا أن الأردن لا يزال يعتمد جزئياً على استيراد الأسماك لتلبية الطلب المحلي.
وبين أن أماكن وجود الأسماك في الأردن تشمل عدة مناطق مهمة، إذ يعتبر خليج العقبة في البحر الأحمر واحدة من أهم المناطق الطبيعية لصيد الأسماك.
وأضاف أن الأحواض الاصطناعية تنتشر في مناطق مختلفة من الأردن، خاصة في الأغوار والمناطق القريبة من مصادر المياه، مشيراً أنه يتم استغلال بعض البحيرات والسدود كمواقع للاستزراع السمكي، مثل السدود، مما يساهم في تعزيز الإنتاج المحلي من الأسماك.
وأكد أن قطاع الأسماك في الأردن يشمل مجموعة متنوعة من الأنواع المستزرعة، موضحا أن هذه الأنواع تتضمن الأسماك التي تُزرع في الأحواض، مثل البلطي النيلي، الكارب الشائع، وأسماك السلور.
وأوضح قطاع الأسماك في الأردن يواجه مجموعة من التحديات البيئية، حيث يعاني الأردن من مناخ جاف وقلة الأمطار، مما يؤثر سلبًا على الموارد المائية المتاحة للاستزراع السمكي.
وأشار إلى أن الموارد المائية تعتمد بشكل كبير على المياه الجوفية والمياه المحلاة، مما يزيد من تكلفة الإنتاج.، كما أن ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف يؤثر على بيئة تربية الأسماك، مما يزيد من تكاليف التبريد والتكييف.
وأضاف أن بعض المناطق تعاني من تلوث المياه نتيجة الأنشطة الزراعية والصناعية، مما يؤثر على نوعية المياه المتاحة للاستزراع السمكي.
التغيرات المناخية
في إطار تناول التغيرات المناخية في الأردن، أكد أن هناك العديد من العوامل المؤثرة على القطاع، موضحا أن زيادة درجات الحرارة تؤثر بشكل كبير على البيئة المائية، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى ارتفاع حرارة المياه في الأحواض والبحيرات، مما ينعكس سلبًا على صحة ونمو الأسماك، مضيفا أن المياه الدافئة تحتفظ بكميات أقل من الأوكسجين، مما قد يسبب ضغوطًا على الأسماك ويزيد من معدلات النفوق.
وأشار إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يشجع أيضًا على نمو الطحالب والنباتات المائية الضارة، مما يقلل من جودة المياه ويزيد من المنافسة على الأوكسجين والموارد الغذائية، لافتا الى انه تزداد معدلات التمثيل الغذائي للأسماك في درجات الحرارة المرتفعة، مما يتطلب تغذية إضافية ويزيد من تكاليف الاستزراع.
فيما يتعلق بتغير نمط الأمطار، ذكر أن انخفاض معدلات الأمطار يؤدي إلى نقص في توافر المياه العذبة، مما يؤثر سلبًا على كمية المياه المتاحة للاستزراع السمكي، كما يمكن أن يؤدي تغير نمط الأمطار إلى فترات من الأمطار الغزيرة تتبعها فترات جفاف، مما يزيد من الجريان السطحي ويؤدي إلى تلوث مصادر المياه بالمواد العضوية والمغذيات.
وأشار إلى أن الفيضانات المفاجئة قد تحمل الرواسب والملوثات إلى الأحواض والبحيرات، مما يؤثر على جودة المياه ويزيد من مخاطر الأمراض، لافتا انه تؤثر التغيرات في نمط الأمطار أيضًا على توفر المياه للري الزراعي، مما يقلل من المياه المتاحة للاستزراع السمكي.
وحول تأثير فترات الجفاف المتكررة على القطاع، أوضح أن نقص الموارد المائية يؤدي إلى انخفاض مستويات المياه في الأحواض والسدود، مما يحد من القدرة على تربية الأسماك، كما يمكن أن يؤدي الجفاف إلى زيادة ملوحة المياه، مما يجعلها غير ملائمة لبعض أنواع الأسماك ويؤثر سلبًا على نموها وصحتها.
وأضاف أن الجفاف يزيد الضغط على الأنظمة البيئية الطبيعية، مما يقلل من قدرتها على دعم الحياة السمكية، مشيرا الى انه يتطلب التعامل مع فترات الجفاف استثمارات إضافية في أنظمة الري وتبريد المياه ومعالجة المياه، مما يزيد من تكاليف الاستزراع السمكي.
تأثير التغيرات المناخية
حول تأثير التغيرات المناخية على نمو وصحة الاستزراع السمكي من ناحية درجة حرارة المياه، قال إن ارتفاع درجة حرارة المياه يؤثر سلبًا على نمو الأسماك وصحتها.
وأشار إلى أن تأثير ارتفاع درجة حرارة المياه على النمو يتمثل في زيادة معدل التمثيل الغذائي للأسماك، مما يؤدي إلى زيادة حاجتها للغذاء، مشيرا الى انه إذا لم يتم تلبية هذه الحاجة، يمكن أن يتباطأ النمو أو يتوقف تمامًا.
وأشار الى أن الأسماك التي تتعرض لدرجات حرارة أعلى من نطاقها المثالي تعاني من الإجهاد الحراري، مما يمكن أن يقلل من مقاومتها للأمراض ويزيد من معدلات النفوق.
وتابع بالحديث عن تغير السلوك الغذائي، حيث قد تتغير عادات التغذية للأسماك مع ارتفاع درجة الحرارة، مما يؤثر على فاعلية واستدامة برامج التغذية في مزارع الأسماك.
وفيما يتعلق بتأثير التغيرات المناخية على نوعية المياه، أوضح أن زيادة التلوث يعد من التحديات الرئيسة، حيث يمكن أن تؤدي الفيضانات والجريان السطحي المرتبط بتغيرات نمط الأمطار إلى تلوث مصادر المياه بالمواد العضوية والملوثات الكيميائية، مما يؤثر على نوعية المياه في أحواض الاستزراع.
وأضاف أن ارتفاع درجة حرارة المياه يقلل من قدرتها على الاحتفاظ بالأوكسجين، مما يمكن أن يؤدي إلى حالات نقص الأوكسجين (هيبوكسيا)، مما يؤثر سلبًا على صحة الأسماك، لافتا الى انه يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة وزيادة المغذيات إلى نمو الطحالب السامة، التي تضر بصحة الأسماك وجودة المياه.
وأكد أن ارتفاع درجة حرارة المياه يُعد من العوامل المؤثرة سلبًا على صحة الأسماك، حيث يؤدي إلى زيادة انتشار الأمراض والطفيليات.
وأوضح أن الضغوط البيئية الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة وتغير نوعية المياه تزيد من إجهاد الأسماك، مما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
وأشار إلى أن التغيرات المناخية قد تُخلق ظروفًا مثالية لنمو وتكاثر الطفيليات التي تصيب الأسماك، مما يزيد من التحديات الصحية في مزارع الأسماك.
ولفت إلى أن حالات الأمراض البكتيرية والفيروسية قد تتفاقم في بيئات المياه الدافئة والملوثة، مما يتطلب اتخاذ تدابير وقائية وعلاجية مكثفة للحفاظ على صحة الأسماك وضمان استدامة الإنتاج السمكي.
وأكد أن ارتفاع درجات حرارة المياه نتيجة التغيرات المناخية يؤثر سلبًا على نمو وصحة الأسماك، مما ينعكس على مستوى الإنتاجية السمكية.
وأشار إلى أن الإجهاد الحراري وضعف نوعية المياه يؤديان إلى زيادة معدلات النفوق وتقليل نمو الأسماك، مما ينتج عنه انخفاض كبير في الإنتاجية، مضيفا أن التعامل مع آثار التغيرات المناخية يتطلب استثمارات إضافية لتحسين جودة المياه وتوفير التبريد والغذاء والعلاجات الطبية، مما يزيد من التكاليف.
وأوضح أن التغيرات المناخية تُسهم في زيادة عدم استقرار الظروف البيئية، مما يؤدي إلى تقلبات كبيرة في الإنتاجية من عام إلى آخر.
وحذر من أن التغيرات المناخية المستمرة قد تؤدي إلى تغييرات دائمة في البيئة المائية، مما يستدعي تعديل استراتيجيات الاستزراع السمكي لضمان استدامة الإنتاج على المدى الطويل.
التكيف مع التغيرات المناخية
وأكد أهمية التكيف مع التغيرات المناخية من خلال تطوير تكنولوجيا الاستزراع السمكي، موضحا أن من بين هذه التكنولوجيا استخدام أنظمة التبريد والتدفئة لتحسين مقاومة الأسماك لهذه التغيرات، حيث تم تطوير أنظمة للتحكم في درجة حرارة المياه في الأحواض لضمان بيئة مناسبة لنمو الأسماك.
وأشار إلى أهمية استخدام أنظمة تهوية متقدمة لزيادة نسبة الأوكسجين المذاب في المياه، مما يعزز صحة الأسماك ويقلل من معدلات النفوق.
ولفت إلى استخدام تكنولوجيا الاستشعار والمراقبة لرصد جودة المياه ودرجات الحرارة ومستويات الأوكسجين بشكل مستمر، مما يمكن المزارعين من اتخاذ إجراءات تصحيحية سريعة.
وأضاف أن دمج الاستزراع السمكي مع الزراعة المائية أو الاستزراع البحري يعد من الاستراتيجيات الفعالة لتحسين استخدام الموارد وتقليل التأثير البيئي.
وأكد أهمية إدارة الموارد المائية كجزء من استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية، موضحا أن تحسين إدارة الموارد المائية يعد ضروريًا لضمان توافر المياه النقية للاستزراع السمكي، مشيرًا إلى أهمية تجميع المياه من خلال بناء سدود وحواجز لجمع مياه الأمطار والفيضانات، لاستخدامها خلال فترات الجفاف.
وأشار إلى تقنيات إعادة تدوير المياه، التي تساعد في الحفاظ على المياه وتقليل الحاجة إلى مياه عذبة جديدة، بالإضافة إلى تحسين إدارة المصادر المائية المحلية مثل الأنهار والبحيرات، وذلك من خلال سياسات صارمة لمنع التلوث والاستخدام المستدام.
ولفت إلى أهمية استخدام تقنيات معالجة المياه لتنقية المياه المستخدمة في الاستزراع السمكي من الملوثات والمواد العضوية الضارة، مما يساهم في تعزيز استدامة الإنتاج السمكي وضمان صحة الأسماك في ظل التحديات البيئية المتزايدة.
وأكد على أهمية تنويع الأنواع السمكية كاستراتيجية فعالة للتكيف مع التغيرات المناخية، موضحا أن هذا يتضمن استزراع الأنواع الأكثر مقاومة للتغيرات المناخية، مثل اختيار الأنواع التي تتحمل درجات حرارة أعلى وتغيرات نوعية المياه بشكل أفضل.
وأشار إلى أهمية تطوير برامج تهجين وتربية انتقائية لإنتاج سلالات أسماك أكثر مقاومة للأمراض والظروف البيئية المتغيرة، مضيفا أن توسيع التنوع البيولوجي من خلال تنويع الأنواع السمكية المستزرعة يمكن أن يسهم في الحد من المخاطر المرتبطة بتغيرات المناخ والتأثيرات البيئية السلبية.
وأكد على أهمية البحث والتطوير في وضع استراتيجيات جديدة للتكيف مع التغيرات المناخية، موضحا أن دعم الأبحاث المناخية يعد أمرًا ضروريًا، حيث يتطلب الأمر تمويل ودعم الأبحاث التي تركز على تأثير التغيرات المناخية على الاستزراع السمكي وطرق التكيف الممكنة.
وأشار إلى أهمية تطوير العلاجات من خلال البحث عن طرق جديدة للوقاية والعلاج من الأمراض والطفيليات التي قد تزداد نتيجة لهذه التغيرات، لافتا إلى ضرورة تشجيع الابتكار في تقنيات الاستزراع السمكي لتحسين كفاءة استخدام الموارد وتقليل التأثيرات البيئية، داعيا إلى تعزيز الشراكات بين المؤسسات الأكاديمية والصناعية لتسريع تطبيق نتائج الأبحاث في الميدان.