وسائل التواصل الاجتماعي والصحة : تأثيرات مزدوجة بين الإيجابيات والمخاطر
صدى الشعب _ أسيــل جمــال الطـرونـة
قال رئيس قسم الإرشاد النفسي والتربوي في جامعة جدارا الدكتور نزار الزعبي، إن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا محوريًا في تشكيل تجارب الشباب النفسية والاجتماعية، سواء بشكل إيجابي أو سلبي.
وأشار الزعبي في حديثه ل”صدى الشعب” إلى مظاهر التأثير النفسي والاجتماعي، لمنصات التواصل الاجتماعي من ناحية، أنها تسهم في تعزيز العلاقات الاجتماعية من خلال تسهيل التواصل مع الأصدقاء والعائلة، إلا أن هذا التفاعل قد يكون سطحيًا أحيانًا، مما يترك الشعور بالوحدة لدى بعض المستخدمين وايضاً الضغط الاجتماعي إذ تؤدي هذه الوسائل إلى زيادة الضغط على الشباب لتحقيق معايير مثالية للجمال والنجاح، الأمر الذي قد يؤدي إلى مشاعر القلق والتوتر بالإضافة إلى تأثير الصورة الذاتية، كما أن التعليقات والصور المنشورة على هذه المنصات قد تؤثر سلبًا على تقدير الذات، إذ يقارن المستخدمون أنفسهم بالآخرين في بيئة يغلب عليها التجميل والمثالية.
وأضاف، أن التنمر الإلكتر وني يُعد من أبرز السلبيات المفتشرة، حيث يترك آثارًا نفسية حادة كالاكتئاب والقلق، وايضا الإدمان على الاستخدام من جهة أخرى، قد يؤدي الاستخدام المفرط إلى الإدمان، مؤثرًا بذلك على النوم والتركيز والدراسة، والمحتوى السلبي إضافةً إلى ما سبق، فإن التعرض المستمر للمحتويات السلبية، مثل الأخبار المؤلمة أو الصور الحزينة يزيد من التوتر النفسي.
وبالإضافة إلى الدعم النفسي في المقابل، يرى الدكتور الزعبي أن بعض المستخدمين يجدون في وسائل التواصل متنفسًا للتعبير عن مشاعرهم والحصول على دعم معنوي من الآخرين، مما قد يسهم في التخفيف من ضغوطهم.
وبحسب الدكتور الزعبي، فإن الإفراط هذه الوسائل قد يقود إلى عدد من الاضطرابات النفسية، من أبرزها الاكتئاب الذي يؤدي إلى التفاعل السلبي والمقارنات المستمرة مع الآخرين، والقلق خاصة بسبب ظاهرة “الخوف من الفقدان” (FOMO) وضغط الانخراط الدائم.
واضطرابات النوم إذ يؤثر الاستخدام المتواصل قبل النوم على جودة الراحة، وايضاً الإجهاد النفسي نتيجة تراكم المعلومات والتعرض لتعليقات سلبية، واضطراب الهوية حيث يشعر البعض بأنهم يفقدون ذاتهم الحقيقية مقابل الصورة التي يقدمونها للعالم،بالإضافة إلى الإدمان والذي ينعكس سلبًا على العلاقات والأنشطة اليومية، والشعور بالعزلة رغم كثافة التفاعل الافتراضي، إلا أن المستخدمين قد يشعرون بانفصال عن الواقع.
ورغم هذه السلبيات، يؤكد الزعبي إلى أن هناك العديد من الجوانب الإيجابية لاستخدام هذه المنصات منها تعزيز، العلاقات الاجتماعية عبر البقاء على اتصال مع الآخرين بسهولة ، وتبادل المعلومات حيث تعد منصات التواصل مصدرًا ثريًا للأخبار والمعرفة، والتعبير عن الذات اذ تمنح الشباب مساحة للتعبير الحر عن آرائهم ومشاعرهم ، والدعم النفسي من خلال المجتمعات الافتراضية التي تشارك التجارب وتقدم الدعم، ايضا التعلم والتطوير الذاتي عبر مشاركة المحتوى التعليمي والمحفز.
ويشدد الدكتور الزعبي على أهمية تحقيق التوازن من خلال استخدام المنصات بشكل معتدل وتحديد أوقات يومية لها، والتفاعل مع محتوى إيجابي ومفيد فقط وتأثيرها على المزاج وتجنب المحتوى المؤذي.
وفيما يتعلق بتقدير الذات، يشير الدكتور الزعبي إلى أن المقارنات المتكررة على هذه المنصات قد تخلق صورة مثالية زائفة للحياة، مما يدفع الأفراد إلى السعي لتحقيقٍ معايير غير واقعية. وهذا بدوره قد يسبب انخفاضًا في تقدير الذات، شعورًا بالنقص، وزيادة التوتر وعلى الرغم من ذلك، فقد تشكل هذه المقارنات حافزًا إيجابيًا لبعض الأشخاص لتحسين أنفسهم، شريطة وعيهم بالحدود الفاصلة بين الإلهام والضغط النفسي .
ويؤكد الدكتور الزعبي، أن للأسرة والمدرسة دورًا أساسيًا في توعية الشباب، من خلال ، الأسرة عبر فتح قنوات الحوار، ووضع قواعد واضحة، وتقديم الدعم، ونمذجة السلوك الإيجابي، من خلال تنظيم ورشات توعوية، وتدريب المعلمين، وتعليم ومهارات التفكير النقدي، وتوفير دعم نفسي للطلاب.
وأوضح الزعبي، انه ومن اجل الحفاظ على صحة نفسية مستقرة، ينصح الخبراء بعدة خطوات، من أبرزها تحديد وقت مخصص لاستخدام وسائل التواصل، وتخصيص وقت للتفاعل مع العائلة والأصدقاء واقعيًا، والانخراط في الأنشطة البدنية وإيقاف الإشعارات المزعجة، وتخصيص أوقات خالية من الشاشات ، ايضاً تطوير الهوايات الشخصية، مراقبة المشاعر والانتباه لأي إشارات سلبية و اختيار المحتوى بعناية والتواصل الوجهي بالإضافة إلى تقييم العادات الرقمية بشكل دوري.






