صدى الشعب- منذ سنوات تنتشر عبر مواقع التواصل معلومات مغلوطة حول أسباب منع الطيران فوق مكة المكرمة، وارتباط ذلك بمركز الأرض والجاذبية.
ويروج هؤلاء الأشخاص معلومة تفيد بأن الطائرات لا يمكنها التحليق فوق الكعبة في مكة، لأنها هي مركز الأرض، وأنها تقع في بقعة تخلو من أي ميل أو انحراف، وأنها مركز الجاذبية الأرضية، ويستحيل التحليق فوقها، سواء من الطيور أو من الطائرات، لأنها مركز جذب مغناطيسي، مشيرين إلى انها حقيقة علمية مؤكدة.
كما تصف المنشورات مزايا فيزيائية للكعبة، منها أنها أول نقطة تستقبل شروق الشمس، وأنها مركز التقاء الإشعاعات الكونية.
ولكن هذه المعلومة غير صحيحة، والسبب الرئيسي لحظر السلطات السعودية الطيران فوق مكة، يعود إلى احترام وقدسية هذه المدينة المقدسة، ولم يأتي القرآن على ذكر أي خاصيّة فيزيائية خارقة للكعبة من تلك الواردة في المنشور.
ومن الناحية العلمية، فإن هذه الخاصية المزعومة لا أصل لها، وأن كاتب هذه المنشورات خلط بين جاذبية الأرض وبين مجالها المغناطيسي، وهما أمران منفصلان تماما، فالجاذبية هي قوة الجذب التي تشكلها الأجسام على بعضها، مثلما تجذب الأرض كل ما عليها أو ما يطير فوقها أو يسبح في مدارها، أما المجال المغناطيسي فهو حقل يحيط بالأجسام الممغنطة.
والقول إن الكعبة هي مركز الجذب المغناطيسي للأرض فهو أيضا ادعاء يخالف أبسط قواعد الفيزياء، يقول الباحث في المركز الفرنسي للبحث العلمي والمتخصص في ديناميات الموائع، جوليان أوبير: “صحيح أن للأرض مجالا مغناطيسيا، لكن مركزه هو نواة الأرض” الملتهبة في مركزها”، مؤكدة أن “نواة الأرض الغنية بالمعادن الذائبة، تنشئ بدورانها حول نفسها تيارا كهربائيا يولد المجال المغناطيسي للأرض”، وفق ما تشرح الدراسات العلمية المتخصصة.
هل فعلا يحظر الطيران فوق مكة؟
أكدت نقابة الطيارين الفرنسيين للوكالة، أن السلطات السعودية تحظر فعل الطيران فوق مكة، كما أكد ذلك ملاحون سعوديون، وهذا الإجراء لا علاقة له بالأسباب الواردة في هذه المنشورات المضللة، بل هو من باب احترام المدينة المقدسة، حيث أن هيئة مكافحة الإشاعات السعودية كانت قد نشرت مقطعا مصوّرا يشرح فيه طيار ومسؤول ملاحي سعودي أن سبب حظر الطيران فوق مكة هو احترام الأماكن المقدسة وعدم إزعاج من فيها من حجّاج ومعتمرين.
إلا أن هذا الحظر فيه بعض الاستثناء، فالطائرات المروحية تحلق أحيانا في سماء المدينة، ولا سيما مروحيات الإنقاذ، مثلما جرى في العام 2006، بعد انهيار مبنى يقطنه حجاج أسفر عن مقتل 76 شخصا، وإصابة نحو ستين.
هل توجد مناطق مماثلة يحظر فيها السفر أيضا بالعالم؟
أوضحت نقابة الطيارين الفرنسيين، أن مكة المكرمة ليست المكان الوحيد في العالم الذي يحظر الطيران فوقه، مؤكدة أن هناك أيضا مواقع أخرى يحظر التحليق فوقها، أو يقيد سواء لأسباب دينية أيضا، أو لأسباب أخرى كوجود مفاعل نووي مثلا، وهي مفصلة في تقرير توزعه المنظمة الدولية للطيران المدني.