صدى الشعب – كتب إبراهيم نصر الله
ليس هناك سؤال أكثر مثارًا للأسى من سؤال بسيط يسأله طفل وهو يواجه الموت..
هذه القصيدة من وحْي أسئلة الأطفال في الحرب على غزّة.
هل هنالكَ خارجَ غزةَ ماءْ؟
هل هناكَ دواءْ؟
هل هناك ملاعبُ؟ غيمٌ؟ فضاءٌ؟ وشمسٌ تُطِلْ؟
على أرضِ غزةَ يسألُ طفلْ.
هل هناك حدائقُ؟ ناسٌ تسيرُ؟ قلوبٌ تطيرُ؟
بيوتٌ؟ شواطئُ؟ بحرٌ؟ ودراجةٌ؟ هل هنالكَ لُعْبةْ؟
أَمَ أنّ الحياةَ غدتْ كحياتيْ هنالكَ صَعبةْ؟
هل هناك مجاعةْ؟
وكم من صغير يموتُ هنالكَ في كلِّ ساعةْ؟
هل الموتُ أقسى؟
هل الموتُ أسهلْ؟
أَم أنيَ ما زلتُ أكثرَ حريةً في حصاري هنا، مِن هناكَ
وحلميَ أطيبُ من أيِّ حلمٍ، وأبسطُ، أجملْ؟!
وحاليَ أفضلْ؟!
لذا قلتُ.. أسألْ.
هل هنالكَ موتٌ وجرحى وقتْلى؟
أَمَ أنّ الربيعَ هناك جميلٌ كأختي الصغيرةِ دومًا هنا،
والطبيعةُ أحلى؟
هل هنالكَ إخْوَةْ؟
.. أمهاتٌ وآباءُ ما استُشْهِدوا؟ وهنالكَ خالٌ، وجدٌّ، وخالةْ؟
وهنالكَ ما زال جارٌ وجارةْ؟
ومَن يشتري ويبيعُ؟ وهل.. هل هناك تجارةْ؟
وهنالكَ أضواءُ ملءَ الشوارعِ حتى الصباح؟ هناك حضارةْ؟
هل هناكَ طريقٌ يؤدّي إلى البيتْ؟
هل هنالك بيتْ؟
هل هنالك غرفةْ؟
هل هنالك شُرفةْ؟
هل هنالك صمتْ؟
هل هناك أغان؟ مُغنّون؟ حفْلاتُ عُرسٍ؟ حديثٌ على كلِّ سطحٍ؟
وقهوةُ صُبْحٍ على العتباتْ؟
هل هناكَ حياةْ؟
هل هناك نجومٌ وليلٌ؟ شُهُبْ؟
هل هنالك حُبٌ؟ هنالك حربْ؟
هل هنالك شايٌ؟ وخبزٌ؟ وقمحٌ؟ وحقلٌ؟ ومِنجلْ؟
أَمَ أنيَ ما زلت أكثرَ حرّيةً في حصاري هنا، من هناكَ
وحلميَ أطيبُ من أيِّ حلمٍ، وأبسطُ، أجملْ؟!
وحاليَ أفضلْ؟!
لذا قلتُ أسألْ.
هل هناك ملابسُ؟ أحذيةٌ؟ طُرقاتٌ؟ وأرصفةٌ؟
ونوافذُ تعبرها الشّمسُ؟ هل..
هل هناكَ مقاعدُ؟ أغطيةٌ؟ ووسائدُ؟ هلْ.. هل هناكَ أسِرَّةْ؟
هل هنالكَ حُلْوٌ؟ أَمَ أنَّ جميعَ المذاقاتِ مُرّةْ؟
هل هناك صيامٌ نهارًا وليلًا؟ هناكَ حَلالٌ؟ هناكَ حَرامْ؟
هل هنالك عمّانُ؟ باريسُ؟ مصرُ؟ نُيويورك؟ لندن؟ روما؟
وبغدادُ؟ بكّين؟ برلين؟ موسكو، وهلْ
هل هناكَ…؟ هناكَ…؟ هناااااااالك شامْ؟
أكلُّ الأمور تسيرُ هناك على ما يرامْ؟
كتمام التّمامْ؟
هل هناك أممْ؟
وحزنٌ، ودمْ؟
هل هنالكَ من يخجلونَ؟ يُصلّونَ؟ من يَسألونَ؟ أَمَ أنّ العدمْ
وحدَه ههناكْ؟
هل هناكَ قريبٌ؟ هناكَ بعيدٌ؟ هنالك شرقٌ؟ هنالك غربٌ؟ هناك شمالٌ؟ هناك جنوبٌ؟ طيورٌ تحُطُّ؟ طيورٌ تهاجرْ؟
هل هنالكَ ربٌّ، كما لي هنا أنبياءُ وربٌّ.. صلاةٌ شعائرْ؟
«أناااا مُشْ كافرْ»
أتسمعُني، أنتَ، خلف الجدارْ؟
هل رأيتَ ملائكةً قربَ قلبِكَ؟ في أرضِ روحِكَ؟ أو في السماءْ؟
هل هناكَ سماءٌ؟ هناك ترابٌ؟ حقولٌ، وعشبٌ طريٌّ ليؤْكلْ؟
هل هناك رضيعٌ سيُلْقُوَنُه خارج الحاضناتِ ليُقتَلْ؟
أَمَ أنيَ ما زلتُ أكثرَ حريّةً في حصاريْ هنا، من هناكَ
وحلميَ أطيبُ من أيِّ حلمٍ، وأبسطُ، أجملْ؟!
وحاليَ أفضلْ؟!
لذا قلتُ أسألْ.
أمثلَ هنا، هل هنالكَ في ليلةِ العيدِ قَصْفْ؟
وهل بعد أن تنتهي عطلةُ الصَّيفِ.. هلْ..
هل هناك دروسٌ؟ ومدرسةٌ، وغيابٌ؟ حضورٌ؟ مُعلِّمةٌ؟
ومديرٌ؟ عريفٌ؟ مُعلِّمُ صَفْ؟
كلماتٌ على اللوح أطولُ مِن، مِن لساني، ولكنها كلُّها ابتدأتْ دائماً
مثـل إسميْ وإسمِ بلادي بحرْفْ؟
هل هنالك مكتبةٌ؟ كُتُبٌ؟ وهناك دفاترْ؟
وطفلٌ، كطفلٍ على حاجز في الشّمال، هنا، قَتَلوهُ
ومثليَ كانَ حنونًا على كلِّ قطٍّ وبُرْعُمِ لوْزٍ، وشاطرْ.
وهل كلّما أطلق العسكريُّ على طفلةٍ تحت شمسِ الظهيرةِ نيرانَه
سوف يُطلِقُ ضحْكَتَهُ ويُفاخِرْ؟
وهناك سؤالٌ أخيرٌ يطوفُ، وآخرُ يبكي، يطيرُ
إلى كلِّ أرض هنالكَ في الأرض؛ حائرْ:
هل هناكَ صغارٌ يموتونَ دومًا صِغارًا؟
وهل.. يُقتَل الطفلُ دومًا هنالكَ حَسْبَ الأوامِرْ؟