نبيل – الكوفحي
لعل الاية الكريمة (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة) من اكثر الايات حفظا لدى المسلمين. والاعداد امر الهي، والاستطاعة قضية نسبية؛ فاستطاعة الغني غير الفقير، واستطاعة القوي غير الضعيف، وهكذا الجماعات والدول.
عودة لقوله تعالى ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) نجد ان ذكر كلمة ” قوة” جاءت غير معرفه لتتسع كثيرا. فالقوة لا يمكن حصرها فقط في الالة المعدنية؛ سواء كانت سيفا ام سهما او بندقية او صاروخا او دبابة وغيرها. بل ان القوة تشمل كل اسباب المنعة والردع بما فيها ؛ الاعلام والجنود والخطط والتدريب والمعلومات وكافة اركان الحرب لجيش نظامي ام غير نظامي. وخص الله رباط الخيل للدلالة على احد اهم ادوات المعارك وهي آلة النقل، ويكافئها الدبابة والمدرعة وغيرها في ايامنا هذه.
ان الاية الكريمة قد كفت المومنين الاستطاعة، وكفتهم ايضاً بعض قوة وليست كلها، لذا عرفت “من” على انها تبعيضية وليست بيانية، اي بمعنى: بعض القوة وليس كلها نوعا او كماً.
في غزوة الاحزاب او الخندق التي عبر الله عن حال المسلمين بقوله (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) كان من اهم اسباب القوة؛ حفر الخندق وقد تفاجات به القبائل العربية مع بني قريظة حينها.
اليوم في غزة، هدى الله المجاهدين لقوة الانفاق؛ التي شكلت عاملا مهما في الصمود والقتال، وعجزت الة العدوان الشرسة بطائراتها ودباباتها عن تفكيك حماس كما اعلنوا مرارا. ومن اشكال القوة التي اعدت في غزة؛ الصواريخ، والتي تطورت كثيرا، ومما جاء في ذكر القوة الحديث الشريف ( الا ان القوة الرمي).
والاداء الاعلامي شكل من القوة المطلوبة، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم حثّ حسان بن الثابت على هجاء أهل الكفر ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ). وقد برع المجاهدون بذلك نوعا ضمن امكاناتهم المحدودة والحصار عليهم.
في النهاية: لا يمكن مكافاة العدو بعدده وعتاده، والسلاح ليس سببا للنصر بذاته، ( وما النصر من عند الله العزيز الحكيم). يقول تعالى ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها).
ما احرانا ان نتعلق بالله رب الاسباب وليس بالاسباب ذاتها، وكم جميل ان نعد العدة ليوم لا ريب آت ، فهذا العدو ليس له عهد ولا ميثاق ولا اعتبار للانسان عنده، بغير ذلك قد ينطبق علينا وصفه سبحانه للمنافقين بقوله ( ولو ارادوا الخروج لاعدوا له عدة)
والى سبب اخر من أسباب النصر ان شاء الله.