كتب. د. محمود أبو فروة الرجبي
لا يدرك قادة دَوْلَة الاحتلال الإسرائيلي خُطُوُرَة الاستفزازات الَّتِي يَقُوُمُونَ بِهَا ضِدَّ الـمُقَدسَات الإسلامية، ونعرف جَمِيعا التغيرات الكبيرة الحاصلة داخل الكيان، وصعود التيار الديني الَّذِي يصفه البَعْض داخل الكيان بأنه خطر عَلَى الكيان نَفْسه.
جميعًا نعلم أطماع الكيان الصهيوني بالمقدسات الإسلامية، وبشهوة ضم أراضٍ جَديدَة دائمًا، وأن الفروق بَيْنَ مُخْتَلِف التيارات هُنَاكَ من خِلال التدرج ومراعاة القوانين الدَّوَلِيَّة، والالتفاف عَلَيْهَا بذكاء، بَينَما يَقُوُم التيار الديني بتنفيذ مخططاته بِشَكْل أسرع، وَدونَ النظر إلى التبعات الدَّوَلِيَّة الَّتِي هِيَ أصْلاً ضعيفة ولا ترقى إلى الـمُسْتَوَى الـمَطْلُوب.
الإرهاب الصهيوني لا حدود لَهُ، ويظهر أن هُنَاكَ تغيرات كَبِيرَة حَتْى فِي الدَّوْلَة العميقة داخل الاحتلال، وتصف بَعْض الصحف العبرية ما يَحْصل بأنه جنون، وَعِنْدَمَا تحلل بَعْض ما يكتب هُنَاكَ تصدم أن الاعتراض لا يَكُون عَلَى ضم الأراضي، والبطش بالفلسطينين، وأسر عشرات الآلاف من ضمنهم أكثر من خَمْسِينَ ألفًا من الأطْفال مُنْذُ 1967 وللآن، بَلْ الـمُشْكِلَة لَدَيهم بِطَرِيقَة التنفيذ، ومدى تأثير ذلِكَ عَلَى العلاقات الدَّوَلِيَّة بَيْنَ الكيان ودول العالم الداعمة لَهُ.
عَلَى الـمُسْتَوَى الأردني، وَرَغْم معاهدة السلام فالكيان الصهيوني اعتاد اختراقها، واستفزاز الأرْدُنّ، والإساءة للرعاية الهاشمية للمقدسات، والقضية الفلسطينية بِالنَّسْبَةِ للأردن تأتي فِي قِمَّة أولوياته من النواحي الوطنية والقومية والأمنية ولَهَا تأثيرات كَبِيرَة عَلَى الأرْدُنّ بِمُخْتَلَفِ الـمُسْتَويات، وأي تغيرات عَلَى أرض الوَاقِع هُنَاكَ فِي الدَّاخِل الفلسطيني لَهَا تبعات قَدْ تَكُون خَطِيرَة عَلَى الأرْدُنّ وَالـمَنْطِقَة كلها.
وَمَع ضعف الـمَوْقِف العربي، وتشتته، وَتَغَيَّرَ المعادلة العَرَبية ضِدَّ “إسرائيل”، فما زالَ لَدَى الأرْدُنّ العَدِيد من أدوات الضغط عَلَى الكيان الصهيوني، ابْتِدَاء من قدرته عَلَى التحشيد الدَّوْلي ضِدَّهَا، والزيارات الَّتِي يَقُوُم بِهَا جلالة الـمَلِك إلى عدد من الدُّوَل الآنَ تأتي فِي هَذَا السياق، لمواجهة التبعات الخطيرة لاقتحام بن غفير للأقصى المبارك، وَمرورًا بِقُوَّةٍ الدبلوماسية الأردنية الدَّوَلِيَّة، علاوة عَلَى صلابة الـمَوْقِف الداخلي اتجاه القضية الفلسطينية فالشعب الأردني بكل أطيافه موحد خلف الدَّوْلَة الأردنية فِي معالجتها ودعمها للقضية الفلسطينية .
لَنْ تتوقف الاستفزازات الإسرائيلية، ومِن الواضح أن الكيان فَقَد عقله – كَمَا وصفته بَعْض الصحف العبرية- وأفضل طَرِيقَة لِلردِ عَلَى هَذَا الإحتلال هُوَ دعم صمود الشعب الفلسطيني البطل الَّذِي سطر خِلال مسيرة الاحتلال بطولات وتضحيات لا توصف، وَفِي الوَقْت نَفْسه يَجِبُ الحفاظ عَلَى صلابة الـمَوْقِف الأردني من خِلال تقوية الصَّفّ، والوحدة فِي مواجهات أطماع الاحتلال الَّتِي لا تقف عِنْدَ حدود فِلِسْطِين، فمعادلة الأرْدُنّ القوي أكبر سند للفلسطينيين فِي صمودهم صَحِيحَة وواقعية. “إسرائيل” تلعب بالنار، وَفِي النِّهايَة لَنْ تحرق سوى نفسها، فالمقدسات الإسلامية والمسيحية فِي فِلِسْطِين خط أحمر لا يقبل أي تنازل.