التعليم عن بعد..قصة فشل

 

تتجنب وزارة التربية والتعليم التصريح بشكل قاطع حيال قرارها النهائي بشأن عودة الطلبة إلى المدارس في الفصل الثاني أم استمرار التعليم عن بعد.
ثمة معلومات غير مؤكدة تفيد بأن قرار العودة إلى المدارس بات محسوما، لكن ولاعتبارات متعلقة بالحالة الوبائية لن يتم الإعلان عن ذلك في الوقت الحالي.
حسنا، لقد تحمل الطلبة والأهالي فصلا كارثيا من التعليم عن بعد ولم يعد بالإمكان استمرار الوضع على ما هو عليه.
العالم كله يروي قصة الفشل هذه، أمس نشرت”الغد” مقالا لكاتبة مرموقة في صحيفة الواشنطن بوست ترجمة الزميل علاء الدين أبو زينة، تسرد فيه قصة فشل التجربة في الولايات المتحدة الأميركية، الدولة الأكثر قدرة في العالم على حشد الموارد اللازمة لنجاح التجربة.
خلاصة مقال “هيلين أولين” هي ذاتها التي توصل إليها باحثون في عديد من الدول، وتنطبق تماما على حالتنا الأردنية مع وجود أسباب إضافية تدفع للاعتقاد بأن التجربة الأردنية ومثلها في دول العالم الثالث لا ترقى أبدا لتجارب دول متقدمة.
تقول الكاتبة أولين أنه “وفي الغالبية العظمى من الحالات، يشكل التعليم عن بعد بديلا ضعيفا للتعليم الوجاهي، بغض النظر عن الجهود المبذولة، وبغض النظر عن عدد دورات التدريب التي تقدم للمعلمين”.
وتسلط الكاتبة الضوء على مشكلات الوصول إلى الإنترنت وتوفر أجهزة الحواسيب والتي يعاني منها نحو أربعة ملايين أسرة أميركية. وتضيف:” اتضح من التجربة أن الأطفال لن يجلسوا أمام الحاسوب للاستماع للمعلم أو حل واجب مدرسي من دون إشراف، وهذا يعني أنه تم تجنيد ملايين الآباء والأمهات كمساعدين للمعلمين من دون أجر”. وبالنتيجة عانى الطلبة من تقلبات مزاجية حادة، وصعوبات في تنظيم سلوكهم وانتباههم.
في أرقى مدارس عمان الخاصة، ثمة شكوى مريرة من تراجع قدرات الطلبة، وعدم استطاعة الأهالي إدارة عملية التعليم عن بعد. أما في المدارس الحكومية فالحال أكثر سوءا، حيث ضعف الانتظام والمتابعة وانعدام القدرة على التواصل، وضعف المستوى التعليمي.
ولتعويض تدني المستوى، يضطر الكثير من الأهالي إلى تكليف مدرسين خصوصيين لاعطاء دروس تقوية لأبنائهم مع كل ما يترتب على ذلك من كلف مادية في ظروف اقتصادية تزداد صعوبة. وفي المقابل يتولى ذوو الطلبة من المتعلمين تقمص دور المعلم في البيت طوال ساعات التعليم عن بعد برفقة أطفالهم. ويقع العبء الأكبر في العادة على كاهل الأمهات.
وبالنسبة لشريحة اجتماعية من العائلات الفقيرة والتي لا يتمتع الآباء والأمهات بمستوى تعليمي يمكنهم من تدريس أطفالهم، يقع الطلبة ضحية لفقر التعليم الكلي، وخسارة فرصهم في الحصول على تعويض يعادل غياب التعليم الوجاهي في المدارس، ناهيك عن معاناتهم في الوصول إلى شبكة الإنترنت وامتلاك حواسيب لتلقي الدروس من خلالها.
يتعين على المسؤولين معاينة هذه المأساة بإنصاف، وتهيئة كل الظروف لعودة الطلبة إلى مدارسهم في الفصل الثاني، حتى وإن كان الوضع الوبائي لم يستقر بشكل كامل.
لم يكن التعليم عن بعد خيارا، بل طريقا إجباريا فرضته ظروف الجائحة، واليوم ليس بالإمكان أن نبقى أسرى لهذا الخيار، فالعودة للمدارس تفوق في أهميتها كل الاعتبارات.

أخبار أخرى