صدى الشعب – ميس أسامة
في عالم يتبدل ملامحه بسرعة، يبقى الفن التشكيلي مساحة نابضة تحفظ ذاكرة الإنسان والمكان، وتوثق الحكايات التي يعجز عنها الكلام، فهو ليس مجرد ألوانٍ تتجاور على لوحة، بل لغة صامتة تنبض بالوجدان، وحوار عميق بين الماضي والحاضر، بين الحلم والواقع، في كل خط من الريشة، وفي كل تدرج لوني، تكمن حكاية انتماء وهوية، وشهادة على لحظة إنسانية لا تموت، فالفن التشكيلي يختصر رحلة الوعي والجمال، ويمنحنا تلك المسافة التي نتأمل فيها من نكون، وأين نقف من ذاكرتنا وثقافتنا، وفي زمن يغدو فيه الجمال أداة للمقاومة الهادئة ضد النسيان، وصوتا ناعما يعيد للروح اتزانها وسط ضجيج العالم.
وفي هذا الإطار قالت الفنانة التشكيلية، أسماء اليوسف، إن الفن التشكيلي ليس مجرد تعبير بصري بل هو ذاكرة جماعية تحفظ روح المكان والإنسان في آن واحد فكل لوحة، وكل لون، وكل خامة تختزن في داخلها جزءاً من الوجدان الثقافي للمجتمع الذي تنتمي إليه، ومن خلال الفن نستطيع أن نعيد سرد قصصنا ونوثق لحظاتنا
حين أرسم أشعر أنني أستدعي ملامح من الماضي لأضعها في مواجهة الحاضر، وكأن اللوحة تصبح مساحة للحوار بين الأجيال الفن التشكيلي يحمل بصمة الهوية ليس فقط عبر الرموز أو التراث البصري بل من خلال إحساس الفنان ذاته بانتمائه بطريقة رؤيته للعالم وكيفية ترجمته لذلك في عمله، والزمن تتسارع فيه التحولات وتتشابه الملامح يصبح دور الفن التشكيلي أكثر أهمية لأنه يمنحنا تلك المسافة التي نتأمل فيها من نكون وأين نقف من ذاكرتنا وثقافتنا مقاومة ناعمة ضد النسيان وتأكيد على أن الجمال يمكن أن يكون أيضاً وسيلة للحفاظ على الذات والهوية.
وأضافت اليوسف الفن التشكيلي يمتلك قوة ناعمة، فهو لا يفرض رأياً بل يوقظ إحساساً، ومن خلال الالوان يمكن للفنان أن يثير الأسئلة ويدعو للتأمل في القضايا الإنسانية والاجتماعية، وعندما يعبّر الفنان بصدق عن المجتمع يصبح عمله شهادة بصرية وجسراً يربط الإنسان بالإنسان، فالفن في جوهره فلا يوجد ظلام بدون نور بل ضوء يمر من خلاله الوجع والأمل معا، والفن لا يزدهر في العزلة بل من خلال التواصل والتقدير والتشجيع المستمر والمؤسسات حين تحتضن الفنانين، فإنها تساهم في بناء ثقافه مختلفة للاجيال القادمة دعم المؤسسات ليس مجرد دعم مادي بل هو استثمار.
وأشارت اليوسف إلى أن هذا التطور فتح آفاقاً واسعة أمام الفنانين التشكيليين، وخلق وسائط جديدة للتعبير لا تقل عمقاً عن الأدوات التقليدية، مؤكدة أن التكنولوجيا لم تُلغِ روح الفن، بل منحتها شكلاً جديداً من التجدد والبحث، ليولد فنٌّ أكثر انفتاحاً يربط الخامة بالوسيلة المستخدمة في مسيرة التطور التكنولوجي، وهذا التحوّل أتاح للفنانين فرصاً لا محدودة للتجريب والمغامرة البصرية، ووسّع مساحة الخيال والإبداع، فصار العمل الفني نتاج تفاعلٍ حيٍّ بين الفكر والتقنية، واللون والضوء، والواقع والافتراض، كما ساهم في إيصال الرسالة الفنية إلى جمهور أوسع عبر المنصات الرقمية، ما جعل الفن أكثر ديمقراطية وتفاعلاً مع المتلقي، وأقرب إلى نبض العصر وتحدياته الجمالية والفكرية.
