عدم المشاركة في الانتخابات لن تحميك من كورونا

 

يوم الثلاثاء المقبل سيتوجه الراغبون بالتصويت إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم بمجلس النواب. الانتخابات تنعقد في ظروف استثنائية، وهذا ليس بالاستثناء الأردني، فعديد الدول أجرت الانتخابات التشريعية والرئاسية في أجواء أزمة صحية كونية.
الهيئة المستقلة للانتخاب بذلت كل مابوسعها لتأمين أفضل الظروف الصحية للناخبين؛ فزادت عدد المراكز الانتخابية وضاعفت أعداد الصناديق، ووضعت شروطا صارمة للتباعد وفرضت ارتداء الكمامة والقفازات على الناخبين والعاملين في العملية الانتخابية، وقيدت تحركات الحملات الانتخابية لمنع التجمهر أمام المقار الانتخابية. وكانت من قبل قد حظرت المهرجانات الانتخابية، وفي وقت لاحق أغلقت المقار الانتخابية على الرغم من محدودية الاعداد المسموح بحضورها.
ثمة قلق لدى فئات من ناخبي الطبقة الوسطى في المدن الكبرى من تبعات التصويت في ظل التفشي المجتمعي الكبير لفيروس كورونا. لكن أكثر المواطنين وعيا هم من عليهم المشاركة في الانتخابات لأنهم الأجدر بتطبيق معايير الصحة والسلامة من غيرهم،هذا إذا حيدنا العوامل السياسية عن العملية الانتخابية.
هناك بالمقابل فئات من الناخبين لن يتأثر موقفها بالظروف السائدة، وتتوجه لصناديق الاقتراع مدفوعة بالالتزامات العشائرية والحزبية والسياسية، إضافة للروابط الشخصية والمصلحية مع مرشحين ومن بينها بلا شك الروابط المالية.
الأحزاب السياسية تشارك بأقل قليلا من 400 مرشح، وهذه المشاركة الأكبر في تاريخ الانتخابات، هى اختبار لقدراتها في الحشد، إلى جانب مشاركة شخصيات نيابية وسياسية وازنة سجلت حظورا قويا في دورات انتخابية سابقة.
في المقابل هناك كتلة اجتماعية تزداد وزنا مع كل دورة انتخابية تحجم تماما عن المشاركة لاعتبارات متعددة أهمها عدم الاكتراث بالحياة السياسية والنيابية، وفقدان الثقة بدور المجالس النيابية في حماية مصالحهم أو تحسين أحوالهم.
المقاطعة السياسية للانتخابات في الأردن”نشفت وماتت” منذ سنوات، لكن الأخطر منها حالة عدم اللامبالاة التي تطبع سلوك مجاميع اجتماعية كبيرة، واختيارها الطوعي الخروج من الحيز العام والانفصال عن الواقع السياسي للمجتمع والدولة.
استطلاعات الرأي العام تشير إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات الحالية ستقل بنسبة عشرة بالمئة تقريبا عن الانتخابات السابقة.
انخفاض النسبة في هذه الدورة لايعود لسبب واحد وأعني الخوف من الاصابة بفيروس كورنا. هناك تأثير بلا شك لهذه العامل، لكن ثمة زيادة طبيعية دورية في العزوف تلازم كل موسم انتخابي وتتراكم دون أن نتمكن بعد من احتوائها والتخفيف منها لصالح مبدأ المشاركة.
لإنقاذ العملية الانتخابية في هذه الدورة، ينبغي التفكير بإطلاق نداء وطني عشية الانتخابات لحث الجمهور على المشاركة، تتبناه جميع القوائم الانتخابية المترشحة في المملكة، والهيئة المستقلة للانتخاب، والأحزاب السياسية المشاركة والنقابات المهنية والعمالية ومؤسسات المجتمع المعنية والروابط النسائية والشبابية في مختلف المحافظات.
إلى جانب ذلك، توجيه رسائل نصية لجميع الناخبين ليلة الانتخابات تحثهم على التوجه لصناديق الاقتراع، وفي هذا الصدد تستطيع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص توفير وسائل نقل للناخبين الذين يواجهون صعوبة في الوصول إلى مراكز الاقتراع.
الساعات الأولى من عملية الاقتراع ستكون حاسمة لجهة تحفيز الناخبين بالمشاركة من عدمها، ولذلك يتعين على السلطات المعنية بتنظيم العملية الانتخابية أن تضمن التزاما تماما بالقواعد الصحية يشهد عليه المتابعون لشاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي من منازلهم، بما يشجعهم على التوجه لمراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم.
هناك فئة اجتماعية لم تحسم موقفها من المشاركة بعد وهى متأرجحة بين الخيارين، ينبغي استهدفها في الساعات الأخيرة لترجيح كفة المشاركة، وقد يسهم ذلك في تحسين نسبة المشاركة ولو بشكل طفيف.
عدم المشاركة في الانتخابات لن تحميك من فيروس كورونا، الكمامة والتباعد الجسدي هما فقط السبيل للوقاية.

أخبار أخرى