صدى الشعب – كتب محمد علي الزعبي
لو كنتُ وزيرًا للإدارة المحلية، لقلتها بوضوح: إن التجربة التي نعيشها اليوم مع اللجان البلدية ليست استثناءً إداريًا، بل نموذجًا إصلاحيًا ناضجًا، أعاد الهيبة إلى البلديات، والفاعلية إلى الميدان، والثقة إلى المواطن.
لقد جاءت اللجان لتقول إن الإصلاح لا يُقاس بالشعارات، بل بالنتائج، وإن العمل البلدي يمكن أن يكون منظمًا ومهنيًا حين يتجرد من الحسابات الشخصية، والمصالح الضيقة، والاصطفافات الانتخابية التي عطلت المشهد البلدي لسنوات.
في المحافظات، تتحدث الشوارع قبل الخطط؛ أرصفة نظيفة، وطرقات مرتبة، ومعاملات تُنجز بسرعة ودقّة. هذه ليست تفاصيل صغيرة، بل ملامح نهجٍ إداري جديد قائم على المتابعة اليومية والانضباط المؤسسي، بعيدًا عن الاستعراض أو التسييس.
إن ما تحقق على يد هذه اللجان هو الدليل الأوضح على أن الإدارة، حين تُمنح المساحة لتعمل بعقل الدولة لا بهوى الفرد، قادرة على أن تصنع الفارق. فقد استعاد المواطن ثقته بالخدمة البلدية، وأدرك أن الحضور الإداري الجاد أقوى من أي شعارات انتخابية مؤقتة.
لو كنتُ وزيرًا للإدارة المحلية، لتمسكت بهذه التجربة وأطّرت نجاحها في قانونٍ جديد، يضمن استمراريتها ويعمّق أثرها في التنمية المحلية. فالإدارة ليست مجرد انتخابات، بل منظومة كفاءة ومساءلة، وديمقراطية الأداء أصدق من ديمقراطية الشعارات.
إن المرحلة المقبلة تتطلب تفكيرًا هادئًا وشجاعًا في آنٍ واحد؛ أن نحافظ على ما تحقق، وأن نطور آليات الاختيار والتقييم، وأن نبني على التجربة لا أن نبدأ من الصفر كل مرة. فالبلديات اليوم تمثل خط الدفاع الأول عن حياة الناس اليومية، ولا بد أن تدار بعقلية الدولة لا بعواطف الانتخابات.
لقد نجحت اللجان لأن الدولة أرادت النجاح، ولأن الميدان استعاد ضميره الإداري. وما نراه في شوارعنا من نظافة وتنظيم هو انعكاس مباشر لعودة هيبة الإدارة المحلية.
لو كنتُ وزيرًا للإدارة المحلية، لقلت إن بقاء اللجان في هذه المرحلة ليس خيارًا سياسيًا فحسب، بل ضرورة وطنية، حتى تكتمل ملامح الإصلاح، وتتعافى البلديات من إرثٍ طويلٍ من الترهل والعشوائية. فالوطن بحاجة إلى إدارة تُنجز، لا إلى مشهدٍ يتكرر دون نتيجة.






