المصري لـ”صدى الشعب”: نتائج الأبحاث الزراعية بلا تطبيق تبقى “حبيسة الأدراج”
العوران: عوائد القطاع الزراعي كافية لتمويل الأبحاث العلمية
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
أكد خبراء القطاع الزراعي ضرورة تحويل نتائج الأبحاث العلمية إلى حلول عملية تُطبق في الحقول، مشددين على أهمية دعم البحث العلمي لتحقيق الأمن الغذائي ومواجهة تحديات التغير المناخي.
وأشاروا خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” إلى أن ضعف التمويل وغياب التواصل بين الباحثين والمزارعين يعيقان نقل هذه النتائج إلى أرض الواقع، رغم وجود تجارب وطنية وإقليمية ناجحة.
وأكدوا أهمية إشراك القطاع الخاص وزيادة التمويل وتحديث البنية التحتية لدعم البحث العلمي وتعزيز الإنتاج الزراعي في الأردن.
تحويل نتائج الأبحاث إلى حلول عملية
بهذا السياق، أكد وزير الزراعة الأسبق، المهندس سعيد المصري، أهمية الاستفادة من نتائج الأبحاث الزراعية المحلية من خلال تحويل مخرجات الدراسات العلمية إلى حلول عملية قابلة للتطبيق في الحقل، بما يسهم في تطوير القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي.
وقال المصري، خلال حديثه لـ”صدى الشعب”، إن من أبرز صور الاستفادة تتمثل في تطبيق نتائج الأبحاث عبر إنتاج أصناف جديدة من المحاصيل، أو إدخال تقنيات ريّ حديثة تسهم في ترشيد استهلاك المياه.
ولفت إلى أن الأهم من إنتاج المعرفة هو إيصالها إلى المزارع بشكل مبسط ومباشر، وذلك من خلال برامج الإرشاد الزراعي والحقول التجريبية التي تتيح اختبار وتعميم التقنيات الجديدة.
ضعف التمويل وغياب التواصل أبرز التحديات
وأشار إلى أن التحديات التي تواجه تحويل نتائج البحث العلمي إلى مشاريع تطبيقية ناجحة هو ضعف التمويل الذي يأتي في مقدمة هذه التحديات، إلى جانب غياب جسور التواصل الفعّالة بين الباحثين والمزارعين.
واوضح أن كثيرًا من نتائج الأبحاث “تبقى حبيسة الأدراج” ولا تصل إلى أرض الواقع، ما يقلل من جدواها الاقتصادية والتنموية.
أشار إلى أن الأردن يمتلك تجارب ناجحة، في ربط البحث العلمي بالريادة الزراعية، من بينها تطبيقات في مجال حصاد المياه والزراعة الحافظة، والتي تم تنفيذها في مناطق البادية وأسفرت عن نتائج ملموسة.
ولفت إلى إنه إقليميًا، يوجد نماذج ناجحة في السعودية وسلطنة عُمان، تم خلالها تطوير أصناف زراعية تتحمل الجفاف والحرارة، وتم تبنيها تجاريًا في الأسواق الزراعية.
وأوضح أن دور البحث العلمي في مواجهة تحديات التغير المناخي وتأثيره على القطاع الزراعي، كبير حيث أن الأبحاث الزراعية تسهم في تطوير محاصيل قادرة على تحمل الظروف المناخية القاسية كالجفاف وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى استحداث تقنيات ري ذكية تقلل من هدر المياه، وتطوير أنظمة إنذار مبكر لرصد الآفات الزراعية التي تنتشر بفعل تغيّر المناخ.
وشدد على أهمية إشراك القطاع الخاص في دعم المشاريع الريادية القائمة على نتائج الأبحاث، مشيرًا إلى أن بإمكان هذا القطاع أن يوفر التمويل اللازم أو المعدات والخبرات الفنية، فضلًا عن إمكانية ضمان شراء المنتجات الزراعية من المزارعين الذين يعتمدون تقنيات حديثة، مما يعزز منافع الشراكة بين الجانبين.
مشاريع ري دقيقة وإكثار الشتلات نماذج ريادية ناجحة
وفي ما يتعلق بالمجالات البحثية ذات الأولوية في الأردن، قال إن إدارة المياه بكفاءة تتصدر قائمة الاحتياجات البحثية، إضافة إلى تحسين أصناف القمح والزيتون والتمور، وتطوير الإنتاج الزراعي داخل البيوت البلاستيكية، والعمل على تقليل فاقد الإنتاج بعد الحصاد.
وبشأن أبرز المشاريع الريادية التي نجحت في تحويل نتائج الأبحاث إلى تطبيقات عملية على أرض الواقع، أشار إلى مشاريع استخدام أنظمة ري دقيقة وحساسة داخل البيوت البلاستيكية، إلى جانب برامج إكثار شتلات الزيتون والنخيل المحسّنة، وكذلك تجارب الحصاد المائي في المناطق الجافة، والتي أثبتت فعاليتها في دعم صغار المزارعين وتحقيق استدامة الموارد.
وأكد على أن تطوير البحث العلمي الزراعي يتطلب زيادة التمويل المخصص للتطبيقات العملية، وإشراك المزارعين في التجارب منذ مراحلها الأولى، إلى جانب ضرورة وجود سياسة واضحة تضمن توزيع الفوائد بين الباحثين والقطاع الخاص والمزارعين، مع تحديث البنية التحتية لمراكز البحث الزراعي بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية والتحديات المناخية.
البحث العلمي ضرورة لمواجهة تحديات المناخ
من جهته أكد مدير الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين، المهندس محمود العوران، أهمية تفعيل دور البحث العلمي في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، في ظل تفاقم ظاهرة التغيرات المناخية، مشيراً إلى وجود تحديات حقيقية تعيق هذا الدور، على رأسها غياب الموارد المالية الكافية لتغطية نفقات الأبحاث العلمية.
وقال العوران، خلال حديثه لـ”صدى الشعب”، إن القطاع الزراعي يسهم بعدة مصادر دخل لخزينة الدولة، يمكن الاستفادة منها في تمويل الأبحاث.
وأضاف أن أسواق الخضار المركزية التابعة لأمانة عمان الكبرى ترفد الخزينة بما يقارب من 15 إلى 17 مليون دينار سنوياً، إضافة إلى العوائد المالية المتأتية من المسالخ، والأسواق المركزية التابعة لوزارة الإدارة المحلية المنتشرة في المحافظات، وكذلك الرسوم التي تفرضها وزارة العمل على كل عامل وافد.
وشدد العوران على ضرورة تخصيص جزء من هذه الموارد المالية لصالح البحث العلمي.
وأشار إلى أن القطاع الزراعي تكبّد خسائر متراكمة على مدى أكثر من عقد من الزمن، وهي خسائر تُعد نتيجة متوقعة للتغيرات المناخية، خاصة في ظل الارتفاع الحاد أو الانخفاض المفاجئ في درجات الحرارة، كما حدث قبل ثلاثة أسابيع، ما أدى إلى تلف عدد من المحاصيل الزراعية.
وبيّن أن ما يأمله القطاع الزراعي على صعيد الثروة النباتية هو التوجه نحو إنتاج أصناف وسلالات قادرة على تحمّل التقلبات المناخية، سواء من حيث الارتفاع أو الانخفاض في درجات الحرارة.
وأشارإلى وجود نحو ست كليات زراعية في الجامعات الرسمية، وكلية زراعة في القطاع الخاص، إلى جانب المركز الوطني للبحوث الزراعية ونقل التكنولوجيا، مما يوفّر بنية مؤسسية مناسبة لزيادة الأبحاث الزراعية المتخصصة في هذا المجال.
الاكتفاء الذاتي بحاجة إلى جهود علمية
وفيما يتعلق بالثروة الحيوانية، أوضح أن الإنتاج المحلي لا يغطي سوى 25 إلى 27 بالمئة من احتياجات السوق، الأمر الذي يتطلب التركيز على الأبحاث العلمية التي تساهم في تطوير سلالات جديدة تسهم في زيادة أعداد المواليد، ورفع كميات الحليب المنتجة، خصوصاً فيما يتعلق بسلالة الأغنام العواسية والماعز.
وأشار إلى أن الأردن لا ينتج سوى 1 بالمئة من احتياجاته من مادة القمح، فيما يتم استيراد نحو 99 بالمئة منها، معرباً عن أسفه لهذا الواقع، ومؤكداً ضرورة تطوير أصناف قمح تتحمل الزراعة البعلية، خاصة أن المملكة تعتمد بشكل كبير على مياه الأمطار.
وأضاف أن هناك أبحاثاً علمية محدودة تتعلق بزراعة القمح باستخدام أنظمة الري، إلا أن محدودية الموارد المائية تشكل عائقاً أمام التوسع في هذه التجارب، ما يتطلب توجيه الجهود نحو تعزيز زراعة المحاصيل الحقلية باستخدام طرق الزراعة البعلية.
