النوايسة لـ”ُصدى الشعب”: التعليم المبكر ساهم في خفض الأمية
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
يحيي العالم، اليوم الأحد، الثامن من أيلول، اليوم العالمي لمحو الأمية، الذي يُصادف سنويًا منذ العام 1967، بهدف التأكيد على أهمية القراءة والكتابة كحق أساسي من حقوق الإنسان، وركيزة محورية في بناء مجتمعات أكثر عدالة واستدامة وسلمًا، وتعزيز المهارات المعرفية الأساسية التي تمكّن الأفراد من المشاركة الفاعلة في مجتمعاتهم.
ويشكّل هذا اليوم العالمي فرصة لتجديد الالتزام بتوفير التعليم للجميع، وتسليط الضوء على التحديات التي لا تزال تواجه فئات محرومة من فرص التعلم، لا سيما في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم.
وفي الأردن، سجلت معدلات الأمية تراجعًا لافتًا خلال العقود الأخيرة، إذ انخفضت من 11% في العام 2000 إلى 4.5% في العام 2024، في مؤشر واضح على التقدم الذي أحرزه قطاع التعليم.
وبحسب أحدث بيانات دائرة الإحصاءات العامة، أظهرت نتائج مسح قوة العمل لعام 2024، تحسنًا مستمرًا في مؤشرات الأمية بين الجنسين، حيث بلغت النسبة بين الذكور 2.3%، مقابل 6.8% بين الإناث.
الأردن يقترب من الأمية الصفرية
وبهذا الإطار أكّد الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة أن الانخفاض الكبير في نسبة الأمية في الأردن، من 11% عام 2000 إلى 4.5% عام 2024، جاء نتيجة تبني الدولة لنهج تربوي شامل ومتكامل امتد على مدى أكثر من عقدين من الزمن، وركّز على تطوير التعليم وتوسيعه ليشمل مختلف الفئات العمرية والمناطق الجغرافية.
وقال النوايسة، خلال حديثه لـ”صدى الشعب”، إن هذا التقدّم تحقق عبر سلسلة من المبادرات التي انطلقت منذ عام 2000، أبرزها إطلاق منتدى “نحو مستقبل التعليم في الأردن”، تلاه مشروع “تطوير التعليم نحو الاقتصاد المعرفي”، حيث مثّل محو الأمية أحد المكونات الأساسية لهذه المرحلة.
وأضاف أنه تم تنفيذ هذا النهج عبر مرحلتين، ركّزت الأولى على استهداف الفئات الأمية في معظم المناطق، فيما شملت الثانية التوسع في مرحلة التعليم ما قبل المدرسة، لا سيما في مرحلة رياض الأطفال.
وتابع أن هذه الإجراءات التي امتدت حتى عام 2024 كانت ضرورية وأساسية لبلوغ هذا التراجع اللافت في معدلات الأمية على المستوى الوطني.
وأوضح أن الأردن تمكن من تقليص الامية بين الشباب إلى نحو 0.7%، وهو ما يُعد من المعدلات العالمية المتقدمة، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز تحقق بفضل التوسع في التعليم، وزيادة عدد المدارس وانتشارها في جميع أنحاء المملكة.
ولفت إلى أن تبني برامج نوعية تُعنى بمواجهة الأمية، إلى جانب ارتفاع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية التعليم وارتباطه المباشر بفرص العمل، ساهم في إيجاد حلول عملية انعكست إيجاباً على خفض نسبة الأمية، ما يجعل الأردن قريباً من تحقيق “الأمية الصفرية”.
فجوة بين الجنسين في الأمية
وأشار إلى استمرار وجود فجوة بين الذكور والإناث في معدلات الأمية، حيث تبلغ نسبة الأمية بين الذكور 2.5%، مقابل 7.4% بين الإناث.
وبيّن أن هذه الفجوة تعود إلى عوامل اجتماعية واقتصادية، تتجلى بشكل خاص في المناطق النائية والريفية، التي ما تزال بعض مجتمعاتها ترى أن تعليم الإناث ليس ضرورة، إضافة إلى ظواهر مثل الزواج المبكر والفقر، والتي تؤثر سلباً على فرص تعليم الفتيات.
وحول النسبة المرتفعة للأمية بين كبار السن، شدد على أهمية تجاوز المفهوم التقليدي لمحو الأمية، الذي يقتصر على القراءة والكتابة، لصالح نموذج يركّز على تمكين هذه الفئة من استخدام المعرفة وتوظيفها في حياتهم اليومية.
وأوضح أن التعامل مع هذه الفئة يتطلب إدماج أدوات معرفية حديثة، مثل الأجهزة الناطقة والقراءة الصوتية، إلى جانب تعزيز المهارات الأساسية في القراءة والكتابة، بهدف رفع مستوى كفاءتهم وتمكينهم من الاندماج في المجتمع بشكل فعّال.
محو الأمية ركيزة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية
وأكد أن محو الأمية لا يُعد فقط هدفاً تربوياً، بل يُمثل أداة مركزية لتحقيق التنمية الاجتماعية والبشرية، لما له من أثر مباشر على تحسين مستوى معيشة الأفراد، وظروفهم الصحية، وزيادة دخلهم، وتعزيز ارتباطهم بالبيئة المحيطة.
وأشار إلى أن التعليم يشكل نقطة الانطلاق نحو بناء مجتمع معرفي قادر على مواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية.
نحو الأمية الصفرية بحلول 2030
وأوضح أن وزارة التربية والتعليم تعمل ضمن إطار الاستراتيجية الوطنية للتعليم، وتتبنى نهجاً تشاركياً مع عدد من الجهات الدولية لتطوير مشاريع طموحة تهدف إلى القضاء على الأمية.
ولفت إلى أن الإجراءات المتبناة من شأنها أن تنعكس إيجاباً على النظام التعليمي برمته، وتسهم في تحسين مخرجات التعليم، وتحقيق الأهداف الوطنية في مجال التنمية البشرية والتعليم الشامل.
