مع قرب إسدال الستار على الاجراءات التقييدية والقيود التي فرضتها الحكومة على المواطنين خشية تفشي جائحة كورونا والمتوقع في الاول من ايلول (سبتمبر) المقبل، تطلق الحكومة خلال الايام المقبلة برنامجها الاقتصادي بعد رفعه الى المقام السامي ضمن جدول زمني قالت الحكومة انه سينفذ خلال 24 شهرا.
ويبدو ان اطلاق هذا البرنامج يأتي ايذانا بزوال الجائحة محليا بعد توقعات بوصول اعداد من تلقوا المطاعيم محليا نحو 4.5 مليون شخص وهو ما يمكن ان يحقق مناعة مجتعية بنحو 80 %.
وهيمنت الجائحة على كافة مفاصل الحياة في الاردن منذ آذار (مارس) 2020 وربما تستمر تداعياتها حتى نهاية العام الحالي مع انتهاء برنامج استدامة.
التأثيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية في المملكة كانت واضحة وتركت آثارا صعبة فضلا عن آلاف الأرواح التي حصدها الوباء وأصاب مئات الآلاف، مخلفا اقتصادا شبه مدمر.
وبدأ مسلسل الجائحة في بداية شباط (فبراير) من العام 2020 عندما أخلت المملكة ركابا أردنيين وعربا كانوا متواجدين في مدينة ووهان الصينية التي بدأ فيروس كورونا يتفشى فيها، وأعلنت الحكومة حينها عن نشر ماسحات حرارية في المعابر ووضعت غرف عزل في المطارات، ومراكز لحجر بعض المصابين دون تسجيل إصابات حينها.
وكخطوة احترازية منعت الحكومة تصدير الكمامات الطبية خارج المملكة، وسط إطلاق حملات للتوعية، غير ان المملكة كانت على موعد مع اول مصاب بفيروس كورونا في آذار(مارس) 2020، لمواطن أردني عائد من إيطاليا، واعلنت عن أكثر من منطقة عازلة للحجر الصحي للمصابين أو المشتبه بإصابتهم في مستشفيين حكوميين وفي أحد الفنادق المستأجرة في منطقة البحر الميت ايذانا ببدء مواجهة الفيروس.
ورغم وجود إصابة واحدة، فقد بدأ تأثير كورونا على الاقتصاد الأردني من هذا الشهر حيث ألغى القطاع السياحي حجوزات المجموعات السياحية.
اقتصاديا، ورغم الخطط الحكومية التي استهدفت الحفاظ على وظائف المواطنين والتسهيلات التي قدمتها، فقد ارتفع معدل البطالة خلال الربع الأخير من العام الماضي، 19 %، بزيادة مقدارها 3.0 نقطة مئوية، مقارنة مع الربع الأخير من العام 2018 ليرتفع وصولا الى نحو 24 % دفعة واحدة بعد تعطل الاعمال وحالة الشلل التي اصابت الاقتصاد.
ومع إعلان كورونا وباء عالميا، قررت الحكومة وقف وإلغاء كل الأنشطة والفعاليات والمؤتمرات والتجمعات النقابية، وقررت وزارة التربية والتعليم وقف جميع الأنشطة والفعاليات الطلابية، وتطبيق العمل المرن للموظفين عن بعد، كما أُرجئت الانتخابات النقابية الى إشعار آخر.
وبالرغم من تسجيل إصابات قليلة في الشهر ذاته، اتخذت المملكة إجراءات صارمة فعلقت دوام المؤسسات التعليمية وأقرت التعلم عن بعد. وأوقفت الرحلات الجوية من وإلى المملكة وعطلت ممارسة الشعائر الدينية في الكنائس والمساجد.
وعلى وقع ارتفاع الإصابات قرر الأردن تفعيل قانون الدفاع وعملت الحكومة على إغلاق مداخل ومخارج المحافظات ومنع التنقل بينها، اضافة الى صرف مساعدات نقدية وعينية للأسر المتضررة من الحظر، ومنح تصاريح تنقل لقطاعات محددة.
وجاء شهر رمضان المبارك 2020 لتستمر تداعيات مكافحة فيروس كورونا بالسيطرة على كل مفاصل الحياة والقرارات الحكومية، حيث أطلقت الحكومة برنامجا لتقديم مساعدات نقدية للعاملين بأجر يومي (عمال المياومة) من الذين تضرروا من حظر التجول، ممولة من صندوق “همة وطن”، ثم لتتوالى المساعدات من صندوق الضمان الاجتماعي عبر تطبيق عدد من اوامر وبلاغات الدفاع.
وشهد شهر رمضان قبل الماضي استقالة وزير الزراعة ابراهيم الشحاحدة بسبب “أخطاء” في توزيع تصاريح التنقل للمزارعين، لكن العديد من القطاعات الاقتصادية عاد للعمل بعد تراجع عدد الإصابات بالفيروس وتسجيل (صفر حالات لأيام) لتعتمد الحكومة نظام الزوجي والفردي في حركة المركبات، مع البقاء على إغلاق دور العبادة.
لكن الإصابات عادت من جديد انطلاقا من محافظة المفرق التي شهدت تسجيل عدة إصابات بفيروس كورونا وذلك بسبب مخالطة سائق شاحنة مصاب، ليدخل المئات من سائقي الشاحنات الحجر الصحي على الحدود، وفرض أساور إلكترونية لتتبع المصابين، وحينها اعترفت الحكومة بالخطأ باحثة عن حلول.
وحينها جمعت الحكومة كل المنصات الحكومية المتعلقة بفيروس كورونا المستجد بموقع إلكتروني واحد، وسمحت للأردنيين في الخارج بالعودة على مراحل مع وقف تدفق الاصابات عبر المعبر الحدودي.
وعاد عيد الفطر 2020 بحلة حزينة في ظل غياب التواصل الاجتماعي وسط حظر للتجول، وصدحت المساجد بتكبيرات العيد لكن دون مصلين وانحصرت صلة الارحام وبر الوالدين بوسائل التواصل الاجتماعي في هذه المناسبة الدينية.
وأصدرت الحكومة أمر الدفاع رقم 8 الذي أثار جدلا، حيث سمح للقطاع الخاص بخصم 25 % من رواتب الموظفين للقطاعات الأكثر تضررا وسط انتقادات لدور الحكومة في تعويض المتضررين.
وفي آب (أغسطس) 2020 عاد الفيروس لكن بشكل اكثر قسوة ايذانا ببدء الذروة الثانية من الوباء، لتسجل المملكة أرقاما عالية من الإصابات بعد أن كانت تسجل عددا محدودا ما دفع الحكومة إلى إعادة الانتشار الأمني وفرض ارتداء الكمامة تحت طائلة المخالفات المالية، وسط استعدادات لإجراء الانتخابات النيابية.
وفي الشهر الذي تلاه كان الاردنيون على موعد مع عودة مؤقتة لأبنائهم لمقاعد الدراسة ضمن شروط صحية، إلا أن هذه الفرحة لم تدم طويلا إذ قررت الحكومة التراجع عن القرار لاحقا في ظل ارتفاع أعداد الإصابات بالفيروس.
ووسط اتهامات للحكومة بالتقصير بإدارة ملف المعابر الحدودية التي انتشر من خلالها الفيروس، أعلنت الحكومة حظرا شامل كل يوم جمعة لتدخل المملكة في مرحلة الانتشار المجتمعي للفيروس.
ومع دخول الأردن الذروة الثانية من الجائحة، قفزت معدلات البطالة في الأردن إلى أرقام قياسية، إذ بلغ معدل البطالة 23 % خلال الربع الثاني من العام 2020، لتقوم حكومة الرزاز بتفعيل خدمة العلم لمواجهة البطالة قبل إلا أن حكومة خلفه بشر الخصاونة علقت العمل بها.
واستهل تشرين الأول (أكتوبر) 2020 برحيل حكومة عمر الرزاز التي حملت وعودا لم تحققها بالنهضة، وكلف جلالة الملك عبدالله الثاني الحكومة بتصريف الأعمال ليكلف لاحقا مستشار جلالة الملك بشر الخصاونة بتشكيل الحكومة الجديدة.
وأدت الحكومة الجديدة اليمين الدستورية في ظل تحدٍ كبير يتمثل بارتفاع كبير في عدد الإصابات اليومي لفيروس كورونا وسقوط ضحايا من القطاع الطبي.
وعقب نتائج الانتخابات، انطلقت احتفالات وأطلقت عيارات نارية رغم حظر التجول الذي نفذته الحكومة وسط سخط شعبي دفع وزير الداخلية آنذاك توفيق الحلالمة إلى الاستقالة واطلاق حملة أمنية.
ورغم ان الاقتصاد ما يزال ينزف فقد أطلق رئيس الوزراء بشر الخصاونة برامج دعم بقيمة 320 مليون دينار لتخفيف آثار الجائحة من خلال دعم القطاعات المتضررة، تبعه سلسلة قرارات دفاع واجراءات لغايات تنظيم الحياة الاقتصادية وقطاعات العمل.
وكانت الذروة الثانية التي بدأت في آب (اغسطس) الماضي وامتدت آثارها حتى منتصف أيار (مايو) الماضي قاسية جدا بعد ان تأخر اربعة اشهر في وصول المطاعيم قيل انه تم التعاقد عليها.
وبدأ الاردن في 13 كانون الثاني (يناير) الماضي حملة تلقيح ضد فيروس كورونا، ومنح “تراخيص طارئة” لخمسة لقاحات هي: “سينوفارم” و “فايزر/بايونتيك” و”أسترازينيكا” و”جونسون آند جونسون” و”سبوتنيك- في”.
وأعلنت الحكومة عن سلسلة من الإجراءات التي وصفتها بالتحفيزية والتخفيفية على القطاعات الاقتصادية المختلفة والمواطنين حتى نهاية العام الجاري لمواجهة تداعيات جائحة كورونا بكلفة 448 مليون دينار، تشمل توفير 14 ألف فرصة عمل والمحافظة على 100 ألف فرصة قائمة في القطاع الخاص، وضبط اﻷسعار في شهر رمضان.
وتبنى اﻹعلان رئيس الوزراء بشر الخصاونة، الذي استهل حديثه بالتأكيد على أن الحكومة تعاقدت منذ بداية جائحة لتأمين مطاعيم ضد فيروس كورونا بقيمة 70 مليون دينار، معربا عن أمله بالولوج إلى ما وصفه بـ”صيف آمن”.
وأعرب الخصاونة عن الأمل، ألا ترفع الحزم التحفيزية التي أقرتها الحكومة بقيمة 448 مليون دينار عجز الموازنة العامة، مشيرا إلى أنه لولا الاجراءات الصحية المقيدة التي فرضتها الحكومة، لتضاعف عدد اﻹصابات والوفيات.
ومن ضمن اﻹجراءات الأخرى التي أعلنتها الحكومة تأجيل الأقساط المترتبة على الافراد للصناديق الحكومية وزيادة التحصيل المالي المستحق للأفراد والشركات على الحكومة، والإعفاء من الغرامات على ضريبة الابنية والمسقفات حتى نهاية العام، وزيادة عدد الشقق السكنية التي سيسمح ببنائها في قطع الاراضي، وتشغيل 2500 ممرض وممرضة لمدة 6 أشهر، وزيادة أعداد المشمولين ببرنامج الحماية الاجتماعية بواقع 60 ألف أسرة، وإعفاء الوافدين من العمالة الاجنبية من 50 % من تصاريح العمل.
وفيما سارت الاجراءات وسط سخط المواطنين على اغلاق عدد حيوي من القطاعات جاء حزيران (يونيو) الماضي لتعلن الحكومة عن بدء مرحلة التعافي وتنفيذ اجراءات تخفيفية على ثلاث مراحل تنتهي في ايلول (سبتمبر) موعد الفتح الكامل للقطاعات وعودة الحياة الى طبيعتها.
ومن بين الاجراءات اعلنت الحكومة عنها تخفيف ساعات حظر تجول الأشخاص في جميع مناطق المملكة لتصبح من الواحدة ليلا بدلا من الحادية عشرة ليلا في السابق وحتى الساعة السادسة صباحا في جميع أيام الأسبوع، مع السماح لمن حصل على شهادة لقاح كوفيد 19 (جرعتين) بالتنقل والتجول في جميع مناطق المملكة خلال ساعات الحظر.
واستثنى البلاغ المنشآت في مدينة العقبة ومخيمات رم والديسي من ساعات الإغلاق، لتفتح أبوابها بشكل كامل على مدار 24 ساعة.
كما سمح بفتح صالات الأفراح ومنشآت تنظيم وإقامة الحفلات وقاعات الحفلات في المنشآت الفندقية بالعمل في الأوقات المحددة لذلك وبنسبة 50 % من طاقتها الاستيعابية على ألا تزيد على 100 شخص، وفتح الملاعب والصالات الرياضية بتواجد الجمهور فيها بنسبة لا تزيد على 30 % من طاقتها الاستيعابية، كما سمح القرار بإجراء الامتحانات المهنية شريطة التقيّد بالبروتوكولات والتدابير التي تقررها الجهات المعنية.
الحكومة قالت إن لديها خطة بعيدة المدى تتضمن فتح القطاعات كاملة وإلغاء كل انواع الحظر والإغلاق والعودة الى الحياة الطبيعية والوصول إلى صيف آمن، هذه الخطة من المؤمل لها أن تبدأ في الاول من تموز (يوليو) الحالي.
ودعت المواطنين الى الاقبال على تلقي اللقاحات، وهي موجودة ومتعاقد على كميات كبيرة منها تفوق العشرة ملايين مطعوم ودفعنا أثمانها، مشيرة إلى انها ومن اجل زيادة عمليات التطعيم زادت عدد فرق التطعيم المتنقلة من 25 فرقة إلى 125 فرقة متنقلة لكي تذهب وتطعم القطاعات المختلفة.
وبحسب احصائيات الحكومة فقد تم حتى الآن تطعيم اكثر من 2.5 مليون شخص على أمل الوصول الى 4.5 مليون شخص مطلع ايلول (سبتمبر) المقبل.
وبلغ إجمالي الاصابات التراكمي 755 الف اصابة فيما بلغ إجمالي اعداد الوفيات خلال الجائحة 9800 شخص حتى يوم أمس، في حين اجرت الحكومة اكثر من 8 ملايين فحص للفيروس.