صدى الشعب – كتب المحامي محمد عيد الزعبي
مقدمة
تشكل مليشيا “أبو شباب” في قطاع غزة ظاهرة أمنية وسياسية معقدة أثارت جدلاً واسعًا في السنوات الأخيرة، خاصة مع تصاعد التقارير التي تتحدث عن نشاطاتها الإجرامية، علاقاتها المحتملة مع أطراف خارجية، وتأثيرها على الوضع الإنساني والسياسي في القطاع.
هذا المقال يستعرض أبرز الجوانب المتعلقة بهذه المليشيا، ويحلل التأثيرات الأمنية والسياسية التي ترتبت عليها، إضافة إلى ردود الفعل الدولية تجاهها.
خلفية مليشيا “أبو شباب”
تقود هذه المليشيا شخصية تُدعى ياسر أبو شباب، الذي ينتمي إلى قبيلة الترابين الممتدة بين جنوب قطاع غزة وصحراء النقب وفلسطين المحتلة وشبه جزيرة سيناء المصرية.
تتألف هذه العصابة من حوالي 100 عنصر، حسب تقارير الأمم المتحدة، وتتمركز نشاطاتها بشكل رئيسي في المناطق الجنوبية من غزة مثل رفح وخان يونس.
تشتهر هذه المليشيا بسرقة قوافل المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع، حيث تستخدم الأسلحة النارية وتقطع الطرق، مما تسبب بمقتل عدد من سائقي الشاحنات وسرقة محتوياتها، مما أثر سلبًا على وصول المساعدات إلى المحتاجين وزاد من معاناة المدنيين.
الاتهامات بالتسليح والدعم الإسرائيلي
في مايو 2025، تصاعدت الاتهامات التي تشير إلى أن إسرائيل بدأت بتسليح مليشيا “أبو شباب” كجزء من استراتيجية تهدف إلى تقويض سلطة حركة حماس في القطاع.
الهدف من هذه الخطوة، وفقًا لبعض المسؤولين الإسرائيليين، هو تعزيز القوى المعارضة لحماس داخلياً، خاصة في المناطق الجنوبية، مما يتيح لإسرائيل الاستفادة من الصراعات الداخلية لزيادة الضغوط على الحركة.
رغم هذه الاتهامات، نفت الحكومة الإسرائيلية رسمياً تقديم أي دعم لهذه المليشيا، وأكدت على أنها تحارب نشاطات سرقة المساعدات وتعمل على تأمين مرور القوافل الإنسانية.
تأثير مليشيا “أبو شباب” على الوضع الأمني في غزة
وجود مليشيا “أبو شباب” يمثل تحدياً أمنياً كبيراً لحركة حماس التي تحكم قطاع غزة.
حيث تسبب هذه المليشيا حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في مناطق الجنوب، حيث تسيطر بشكل جزئي على طرقات حيوية وتقوم بسرقة المساعدات، مما يهدد الأمن الداخلي ويضعف قدرة السلطة على فرض القانون.
ردًا على ذلك، نفذت وزارة الداخلية في حكومة حماس عمليات أمنية ضد أفراد هذه المليشيا، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من عناصرها، وهو ما يعكس صراع نفوذ داخلي شديد بين الطرفين، ويظهر محدودية السيطرة المطلقة لحماس على كامل أراضي القطاع.
ردود الفعل الدولية
أعربت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان عن قلقها إزاء سرقة المساعدات الإنسانية وتأثير ذلك على الأوضاع الإنسانية الصعبة في غزة. دعت هذه الجهات إلى ضمان وصول المساعدات بشكل آمن ودون عوائق إلى السكان المدنيين، وأكدت ضرورة حماية المدنيين في ظل تصاعد العنف الداخلي.
كما طالب المجتمع الدولي بفتح تحقيقات مستقلة حول هذه الانتهاكات، مع الضغط على الأطراف المعنية لضبط الوضع الأمني ووقف الفوضى التي تؤثر على حياة السكان.
الخاتمة
تُبرز ظاهرة مليشيا “أبو شباب” التحديات الأمنية والسياسية الكبيرة التي تواجه قطاع غزة، خاصة في ظل التداخل المعقد بين الأبعاد الإنسانية والسياسية والأمنية.
بينما تواصل حركة حماس جهودها للسيطرة على الوضع، تستمر هذه المليشيا في زعزعة الاستقرار وإحداث أضرار بالغة على المدنيين من خلال سرقة المساعدات وتأجيج الصراعات الداخلية.
الأمر يتطلب تدخلاً دولياً منسقًا لتخفيف معاناة المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى دعم جهود بناء مؤسسات أمنية قادرة على فرض النظام وتحقيق الاستقرار داخل القطاع.