صدى الشعب – علق أستاذ القانون الدستوري و عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة، الدكتور ليث كمال نصراوين في مقالٍ له وصل لـ”صدى الشعب” نسخة منه أن الهيئة المستقلة للانتخاب بدأت بتنفيذ المرحلة الأولى من مراحل العملية الانتخابية والمتمثلة بإعداد جداول الناخبين، حيث قامت بطلب الجداول الأولية من دائرة الأحوال المدنية والجوازات ونشرها على الموقع الإلكتروني الخاص بها، بالإضافة إلى تزويد رؤساء لجان الانتخاب بنسخة منها لكي يتم عرضها في الأماكن المحددة في القانون والتعليمات التنفيذية ذات الصلة.
وتخضع هذه الجداول الأولية لمراجعة وتدقيق من قبل الناخبين، والذين أعطاهم القانون مجموعة من الحقوق أهمها تقديم طلبات إلى دائرة الأحوال المدنية لتسجيل أسمائهم في دوائر انتخابية معينة، أو نقلها من دائرة انتخابية إلى أخرى – داخل المحافظة أو خارجها – بالنسبة للناخبين الشركس أو الشيشان أو المسيحيين، إن كانوا مقيمين في دائرة انتخابية لا يوجد فيها مقعدا مخصصا لهذه الفئات من المجتمع الأردني.
كما يحق لكل ناخب وجد خطأ في البيانات الخاصة به في الجداول الأولية أو طرأ تغيير على مكان إقامته أن يطلب من دائرة الأحوال المدنية تصحيح الخطأ أو إجراء التغيير، وعلى الدائرة أن تفصل في هذه الطلبات خلال أربعة عشر يوما من تاريخ تقديمها، ويكون قرارها برفض الطلب قابلا للطعن لدى محكمة البداية التي تقع الدائرة الانتخابية ضمن اختصاصها خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من اليوم التالي لتاريخ صدور القرار، وعلى المحكمة أن تفصل في الطعن خلال سبعة أيام من تاريخ وروده إليها.
ومن الحقوق الأخرى التي تثبت للناخبين على الجداول الأولية حقهم في الاعتراض لدى الهيئة المستقلة للانتخاب على تسجيل أسمائهم في مراكز اقتراع معينة داخل الدائرة الانتخابية، وحق لكل ناخب في الاعتراض على تسجيل غيره في دائرة انتخابية معينة.
ويجب على الهيئة أن تفصل في هذه الاعتراضات خلال سبعة أيام من تاريخ ورودها، ويكون قرارها قابلا للطعن لدى محكمة البداية التي تقع الدائرة الانتخابية ضمن اختصاصها خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام، وعلى المحكمة أن تفصل في هذا الطعن خلال سبعة أيام من تاريخ تسجيله لديها، ويكون قرارها قطعيا.
إن ارتباط الطعون المتعلقة بجداول الناخبين بمحاكم البداية دون غيرها من الجهات القضائية يمكن تبريره على أساس الانتشار الواسع لهذه الكيانات القضائية في كافة المحافظات والألوية بشكل يغطي الدوائر الانتخابية كافة، والتي وسّع قانون الانتخاب الحالي من نطاقها بأن اعتبر المحافظة دائرة انتخابية كقاعدة عامة، باستثناء عمان وإربد.
أما القرارات الصادرة عن محاكم البداية في الطعون المقدمة ضد القرارات المتعلقة بجداول الناخبين، فقد اعتبرها المشرع الأردني قطعية وغير قابلة للطعن أمام أي جهة قضائية عليا.
إن تقرير قطعية هذه الأحكام القضائية لا يتنافى مع الحق الدستوري في التقاضي؛ فمحاكم البداية تعد جهة مراجعة قضائية للقرارات الصادرة عن دائرة الأحوال المدنية والجوازات والهيئة المستقلة للانتخاب فيما يتعلق بإعداد جداول الناخبين، وبشكل يتوافق مع مبدأ التقاضي على درجتين.
كما أن التوسع في اللجوء إلى المحاكم العليا وتقرير الحق في استئناف قرارات محاكم البداية يمكن أن يصطدم بالمادة (73) من الدستور، التي حددت مدة أقصاها أربعة أشهر من تاريخ حل مجلس النواب لإجراء الانتخاب العام، وذلك تحت طائلة عودة المجلس المنحل في حال تجاوز هذه الفترة الزمنية.
في المقابل، فقد حرص المشرع الأردني على تكريس الحق في التقاضي في المنازعات الانتخابية، فنص في المادة (19) من قانون الانتخاب على أن تُعفى كافة الاستدعاءات والاعتراضات والطعون التي تقدم بموجب أحكام القانون بما فيها القرارات الصادرة عن اللجان والهيئات والمحاكم، من أي رسوم وطوابع، ويشمل ذلك رسوم الإبراز للوكالات للمحامين.
وبعد الانتهاء من مراحل تقديم الاعتراضات والطعون القضائية يتم إدخال التعديلات اللازمة على جداول الناخبين لتصبح نهائية لغايات إجراء الانتخابات النيابية. وقد نصت المادة (6/أ) من قانون الانتخاب بالقول “عند اعتماد المجلس جداول الناخبين المرسلة إليه من دائرة الأحوال المدنية، تُعتبر هذه الجداول نهائية للناخبين ولا يجوز إجراء أي تعديل عليها بأي حال من الأحوال وتُجرى الانتخابات النيابية بمقتضاها”.
ويبقى التساؤل الأبرز حول مصير هذه الجداول النهائية في الفترة بين الانتهاء من إعدادها ويوم الاقتراع والتي ستستغرق أسابيع من الوقت، وكيفية التعامل مع الناخبين الذين سيفقدون الحق في الانتخاب بالوفاة أو لأي سبب آخر خلال هذه الفترة.
لقد أجاب قانون الانتخاب على هذا السؤال القانوني في الفقرة (ج) من المادة (6) منه بأن أعطى الحق للهيئة المستقلة للانتخاب بأن تقوم بالتأشير إلكترونيا على أسماء الناخبين الذين فقدوا الحق في الانتخاب حتى يوم الاقتراع. فالهيئة تقوم بمجرد التأشير على أسماء الناخبين الذين توفوا أو فقدوا شروط الاقتراع، ولا تقوم بتغيير جداول الناخبين، وهو الحكم الذي يتوافق مع أحكام القانون الذي اعتبر الجداول نهائية بعد الانتهاء من مرحلتي الاعتراضات والطعون القضائية.