الدور الوطني الأخلاقي المنسجم مع مصالح الدولة العليا ليس مطلوباً من السَّاسة وحسب، بل يتعدى إلى رجال المال والأعمال والاقتصاد، وجمعية رجال الأعمال ليست إطاراً كافياً لتنظيم القطاع، وأخفقت “للأسف” في الارتقاء إلى مستوى التطلعات الوطنية رغم حسن النوايا التي لازمت رئيس الجمعية ومعظم أعضاء مجلسها منذ زمن ليس بقليل.
لا يكفي حسن النَّوايا في تنظيم وإنعاش قطاع الأعمال، ولا يجوز الاعتماد على موظفيهم الذين لا يعنيهم القطاع إلا في حدود جهد المُقلّ الذي يرافق سلوك العاملين والموظفين في كل الإدارات العامة والخاصة عى حدٍ سواء، وعلى الإدارة أن ترتقي إلى مستوى التحديات الوطنية في تحفيز القطاع، وتعزيز مسارات التواصل مع رجال الأعمال بما يعكس أهمية القطاع ورسالته الوطنية.
في هذا المقال لا نحاكم مجلس إدارة الجمعية، ولا نرغب في إظهار عوارها، وضعف دورها الخلّاق؛ لأن الجهد الذي لا يعكس نجاحاً استثنائياً في تحفيز الاقتصاد الوطني هو ركود غير محمود ويثير جملة من التساؤلات حول علاقة المال والأعمال بالمشاعر الوطنية الصادقة التي تفترض أن ترافق تلك المشاعر دواعي الربح ومقتضيات التنافس الإيجابي الرشيد.
في الدول المتقدمة يقوم رجال الأعمال بإسناد الدولة وإنعاش اقتصادها، وتجربة “كورونا” عكست إحجاماً صادماً عن ذلك الإسناد؛ اضطرت الدولة معها إلى تفعيل تطبيق قانون ضريبة الدخل والمبيعات لمعالجة الخلل الكبير بين الإيرادات العامة والنفقات، وتحملت مسؤولياتها الدستورية بصبر وتأني، ودون أن تشعر قطاع المال والأعمال بتقصيرهم المُدان في تلك المحنة.
على جمعية رجال الأعمال أن تعيد هيكلة عملها، وإدارة شأنها التنفيذي، وعدم إقحام كوادرها في التجاذبات السياسية لحساسية القطاع في الاستجابة لرؤى وتطلعات الهيئة العامة، وفتح آفاق العضوية، ورسم خطة مستقبلية لاستعادة رأس المال الوطني الخارجي، وتقديم رؤى متقدمة لتفعيل دور القطاع بالتشاور مع الحكومة، وتمثيل القطاع في المؤتمرات الخارجية بوفود تليق بسمعة القطاع، وحوكمة عمل الجمعية التي تمثل قطاع رجال الأعمال ترسيخاً لمتطلبات الإصلاح الإقتصادي المنشود.