ذكرت الشرطة الإسرائيلية السبت في بيان أنها عززت قواتها في مدينة القدس الشرقية المحتلة، بعد ليلة دامية من الاشتباكات مع متظاهرين فلسطينيين أسفرت عن إصابة أكثر من مئتي شخص، وذلك تحسبا لوقوع مواجهات جديدة مع المتظاهرين الفلسطينيين أثناء الاحتفال بليلة القدر. وأضافت الشرطة إنها ستفتش الحافلات وتمنع وصول ركاب فلسطينيين إلى القدس يريدون “المشاركة في أعمال شغب عنيفة”.
قال مفوض الشرطة في إسرائيل يعكوف شبتاي في بيان إنهم عززوا القوات الأمنية السبت تحسبا لوقوع مواجهات أخرى مع المتظاهرين الفلسطينيين وذلك بعد يوم من وقوع اشتباكات عنيفة في المسجد الأقصى. وأضاف شبتاي إنه سيتم الدفع بعدد أكبر من أفراد الشرطة للقدس اليوم السبت في تعزيزات استعدادا لاحتفال المسلمين بليلة القدر.
وتصاعدت حدة التوتر في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلة وغزة طوال شهر رمضان وسط غضب متزايد من احتمال طرد فلسطينيين من منازلهم بمنطقة بالقدس يدعي مستوطنون يهود ملكيتهم لها. والسبت، ساد هدوء حذر المدينة القديمة لكن تظاهرات جديدة قد تنطلق مساء بعد الإفطار. وقالت الشرطة الإسرائيلية في بيان إنها ستفتش الحافلات وتمنع وصول ركاب فلسطينيين إلى القدس يريدون “المشاركة في أعمال شغب عنيفة”.
وذكر البيان أنه “سيتم الحفاظ على الحق في الاحتجاج ولكن سيتم الرد على أعمال الشغب بحزم وبلا تسامح. أدعو الجميع إلى التصرف بمسؤولية وضبط النفس”.
بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه يعزز قواته في الضفة الغربية وبالقرب من قطاع غزة حيث أرسل فلسطينيون بالونات حارقة عبر الحدود مما أدى إلى اشتعال حرائق في الأراضي الإسرائيلية. وقال متحدث عسكري إن القوات الإضافية ستكون إلى حد بعيد لمكافحة الحرائق.
المجتمع الدولي
دعا المجتمع الدولي إلى تفادي التصعيد بعد ليلة من الصدامات في حرم المسجد الأقصى في القدس خلفت أكثر من مئتي جريح، لكن الدعوات إلى تظاهرات فلسطينية السبت تثير مخاوف من تجدد التوتر.
فبعد دعوة إلى ضبط النفس وجهتها الولايات المتحدة، حضت روسيا والاتحاد الأوروبي إسرائيل والفلسطينيين على تهدئة الوضع الذي وصفه الاتحاد الأوروبي بأنه “متفجر” في القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967 وضمتها.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو خلال اجتماع مع مسؤولين أمنيين كما نقل عنه أحدهم إن “إسرائيل تتحرك في شكل مسؤول لفرض احترام النظام والقانون في القدس مع ضمان حرية العبادة”.
والتوتر يتصاعد منذ أسابيع في القدس والضفة الغربية المحتلتين حيث تظاهر فلسطينيون رفضا لقيود على التنقل فرضتها إسرائيل في بعض المناطق خلال شهر رمضان، واحتمال إخلاء فلسطينيين من حي الشيخ جراح في المدينة القديمة لصالح مستوطنين.
دهم باحة المسجد
ويوم الجمعة الأخير من رمضان، تجمع عشرات آلاف المصلين في حرم المسجد الأقصى، حيث اندلعت مواجهات مع عناصر شرطة مكافحة الشغب الإسرائيلية.
واستخدمت الشرطة الإسرائيلية الرَّصاص المطاطي والقنابل الصوتية في مواجهة الفلسطينيين الذين رشقوا قوات الأمن بالحجارة والزجاجات والمفرقعات حول أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، الموقع الذي يقول اليهود إنه بني فوق الهيكل.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن 18 ضابطا جرحوا. وصرح الهلال الأحمر الفلسطيني أن 205 فلسطينيين أصيبوا في أعمال العنف في الأقصى وفي أنحاء القدس الشرقية، بينهم أكثر من ثمانين نقلوا إلى المستشفيات. موضحا أنه أعدّ مستشفى ميدانيا بسبب امتلاء غرف الطوارئ في المستشفيات.
وظهرت في تسجيل فيديو نشره شهود عيان القوات الإسرائيلية وهي تداهم الباحة الواسعة أمام المسجد وتطلق قنابل الصوت داخل المبنى حيث كانت حشود من المصلين بينهم نساء وأطفال يؤدون الصلاة في يوم الجمعة الأخير من رمضان.
وشاهد مراسل مئات الفلسطينيين يرشقون الشرطة بالحجارة. وقال إن الضباط أغلقوا أبواب المسجد الأقصى وحاصروا المصلين لمدة ساعة على الأقل.
وحثت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة، الفلسطينيين على البقاء في المسجد الأقصى حتى صباح الخميس مع انتهاء شهر رمضان، محذرة من أن “المقاومة مستعدة للدفاع عن الأقصى بأي ثمن”.
وأعد فلسطينيون ينتمون الى الجناح المسلح لكل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي السبت بالونات حارقة تمهيدا لإطلاقها من قطاع غزة.
“ثمن باهظ”
تظاهر عشرات من عرب 48 في مدينة الناصرة السبت تضامنا مع فلسطينيي القدس. وقد رفعوا لافتات كتب عليها “الاحتلال إرهاب”.
وأطلقت “لجنة المتابعة العليا للعرب في إسرائيل”، وهي هيئة تمثيلية لعرب إسرائيل، دعوات إلى التظاهر السبت في مدن عربية أخرى وفي القدس.
وأكدت الولايات المتحدة أنها “قلقة جدا” إزاء ما يحصل. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية “من الضروري جدا أن تمارس كل الأطراف ضبط النفس وأن تمتنع عن الأعمال والتصريحات الاستفزازية، وأن تحافظ على الوضع التاريخي للحرم الشريف وجبل الهيكل، بالقول والفعل”. وأضاف البيان “إننا قلقون جدا إزاء احتمال طرد عائلات فلسطينية في حيي الشيخ جراح وسلوان في القدس، لا سيما أن عددا منها عاشت في هذه المنازل على مدى أجيال”. ودعت الجانبين إلى “تجنب الخطوات التي تؤدي إلى تفاقم التوترات” بما في ذلك عمليات الإخلاء في القدس الشرقية، والاستيطان، و”الأعمال الإرهابية”.
ودعا الاتحاد الأوروبي السبت السلطات إلى التحرك “بشكل عاجل” لخفض التوتر في القدس. وقال المتحدث باسم الاتحاد في بيان “العنف والتحريض غير مقبولين”، مضيفا أن “الاتحاد الأوروبي يدعو السلطات إلى التحرك بشكل عاجل لخفض التوتر الحالي في القدس”. وأضاف “على القادة السياسيين والدينيين وفي المجتمع من جميع الأطياف التحلي بضبط النفس والمسؤولية والقيام بكل ما هو ممكن لتهدئة هذا الوضع المتفجر”.
أطراف دولية تدعو للهدوء
وأعربت روسيا السبت عن “قلقها” ودعت إلى تجنب “تصعيد العنف” في القدس حيث اندلعت اشتباكات هي الكبرى في السنوات الأخيرة بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية.
وحث منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور فينيسلاند في تغريدة على تويتر جميع الأطراف على “احترام الوضع الراهن للأماكن المقدسة في البلدة القديمة بالقدس من أجل السلام والاستقرار”.
وحمّل الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحكومة الإسرائيلية “مسؤولية” الصدامات وأعرب عن “دعمه الكامل لأبطالنا في الأقصى”.
وقال مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني إن “القمع الذي حصل مقصود ومبيت للمصلين من أجل تفريغ المسجد الأقصى ونقرأ فيه سياسة الاحتلال لتفريغ المسجد الأقصى في الأيام القادمة وخصوصا ليلة القدر وما يليها من ليال مما تبقى من شهر رمضان”.
وأشار إلى أنه “بعد الإفطار مباشرة (الجمعة) كان هناك اقتحام للمسجد الأقصى واعتداء على المصلين العزل من أجل تفريغه”، موضحا أن “هذا الاعتداء استمر بعد الإفطار وحتى هذه الساعات بعد منتصف الليل”.
وتابع “بعد انتهاء صلاة التراويح تم اقتحام المسجد الأقصى من باب المغاربة وباب السلسلة بقوات كبيرة من قوات الاحتلال من أجل تفريغ المسجد الأقصى من المصلين والمعتكفين بداخله”.
الدول العربية تندد
في ردود الفعل، أكدت السعودية السبت رفضها لخطط وإجراءات إسرائيل لإخلاء منازل فلسطينية في القدس الشرقية. وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان رفض المملكة “لما صدر بخصوص خطط وإجراءات إسرائيل لإخلاء منازل فلسطينية بالقدس وفرض السيادة الإسرائيلية عليها”. وصدرت إدانات مماثلة من البحرين وقطر والأردن ومصر.
والمواجهات الحالية في القدس هي الأعنف منذ 2017، عندما تسبب وضع إسرائيل بوابات إلكترونية في محيط المسجد الأقصى باحتجاجات ومواجهات انتهت بإزالة الحواجز. واندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية العام 2000 بعد أن زار رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أرييل شارون الأقصى