نحن على ابواب شهر رمضان الفضيل، وفيه تتغير تفاصيل حياتنا التي اعتدنا عليها على مدى أحد عشر شهرًا، فنحن أولا نمتنع عن تناول الطعام في النهار، وتصبح كل وجباتنا في الليل، فمساءاتنا تصبح صباحات، وصباحاتنا مساءات، ناهيك عن أوقات النوم، وتفاصيل أخرى كثيرة.
ونحن أيضًا نستعد لهذا الشهر المبارك روحيًا وماديًا، فنبدأ نجهز أنفسنا روحيا لأيام الصيام والصلاة المكثفة، و التقرب والتزلف إلى الله، وماديًا بأن نحضر أشياء رمضان المختلفة، لكن ماذا عن صحتنا ورمضان؟
وكيف يتعامل أصحاب الأمراض المزمنة مع رمضان؟
كيف يأكلون؟
ما هي المحاذير؟
ومتى يأخذون أدويتهم؟
وماذا عن مصابي كورونا ورمضان؟
وأسئلة أخرى سنحاول ان نجيب عنها مع اختصاصية طب الأسرة د. نغم أبو شقرة.
هل يستطيع مصاب كورونا الصيام؟
د. نغم: لا يوجد دليل علمي حاسم مستند إلى أبحاث يؤكد أو ينفي وجود تأثير للصيام على مصابي كورونا، لكن من حيث المبدأ فإن أي مصاب من دون أعراض أو بأعراض بسيطة يستطيع الصوم، لكن ينبغي على المصاب بأعراض متوسطة، ويحتاج أدوية وأوكسجين، مراجعة طبيبه، أما من هم المستشفيات بأعراض شديدة، فإنهم غير قادرين على الصيام. ومع ذلك فإن الصيام يريح الجسم ويفيده، وتتحدث دراسات عن أن الصيام يحفز المناعة، بينما لا ترى دراسات أخرى أي تأثير للصيام على المناعة سلبًا او إيجابًا.
هل يستطيع من يأخذ المطعوم أن يفطر؟
د. نغم: لا يوجد ما يمنع من يتلقى المطعوم أن يصوم، لكن هذا يعتمد على الأعراض التي قد تصاحب أخذ المطعوم لدى بعض الناس، فإن كانت الأعراض حرارة بسيطة وتعب عام من دون إعياء، فينبغي استشارة الطبيب، لكن إن كانت الأعراض شديدة، فيفضل أن يكسر من يعاني هذه الأعراض صيامه.
حدثينا عن المرأة الحامل والصيام، متى تستطيع الصيام، ومتى ينبغي أن تفطر؟
د. نغم: تُقسم النساء الحوامل إلى فئتين، أولهما المرأة الحامل التي لا تعاني إرتفاعًا في السكر، وهذه تستطيع الصيام.
أما المرأة المصابة بسكري الحمل، فهما نوعان أيضًا، أولهما من تعاني سكري مسيطر عليه عبر الحمية، فإن هذه المرأة الحامل في هذه الحالة تستطيع الصيام، لكن يجب عليها أن تقيس السكري على أقل تقدير ثلاث مرات في اليوم، وفي حالة أن انخفضت نسبة السكر في الدم أو ارتفعت، فينبغي أن تفطر.
أما بخصوص المرأة الحامل التي تعاني ارتفاعًا في نسبة السكر في الدم، وغير مسيطر عليه، ويمكن ان يؤثر الصيام عليها وعلى الجنين، فهذه ينبغي أن تفطر، وبإمكانها تعويض ذلك بعد الإنجاب.
ماذا عن مرضى السكري العاديين، كيف يتعاملون مع الصيام؟
د. نغم: يُقسم مرضى السكري إلى ثلاثة فئات، أولهما مريض السكري العادي، الذي يكتفي بالحمية أو بأخذ الحبوب أو الأنسولين طويل الأمد “القاعدي”، فإن هؤلاء يستطيعون الصيام.
أما بخصوص الفئة الثانية فهم مرضى السكري من النوع الثاني، ويأخذون يأخذون أنسولين، لكن معدلات السكر في الدم مسيطر عليها، فإن الأطباء هم من يحسم أمر صيامهم أو إفطارهم، لكن ينبغي عليهم بعد الإفطار تعويض السوائل التي فقدوها خلال النهار.
أما بخصوص الفئة الثالثة وهم مرضى السكري من النوع الأول، وغير مسيطر عليه، ويأخذون أنسولين بالأبر، أو عبر مضخات الأنسولين، يضاف لهم مصابي السكري من النوع الثاني، لكن السكري التراكمي لديهم مرتفع، وغير مسيطر عليه، وأيضًا من كانوا قد دخلوا المستشفيات آخر ثلاثة أشهر قبل رمضان، بسبب ارتفاع السكري و الحموضة الكيتونية، ومن يصابون بهبوط في نسبة السكر، ولا يشعرون بذلك، وكبار السن الذين يؤثر ارتفاع السكري لديهم على القلب والكُلى، و يصابون بمضاعفات أخرى، خاصة الالتهابات الحادة، فكل هؤلاء ينبغي أن لا يصوموا.
ماذا عن مرضى الضغط؟
د. نغم: مرضى الضغط فئتان، الأولى من يعاني ارتفاعًا في الضغط، غير أنه مسيطر عليه، فهؤلاء يستطيعون الصيام، أما من يتناول أدوية للضغط ثلاث مرات في اليوم، ومدرات بول، تتسبب في حدوث جفاف، ولا يجري تعويضهم بالسوائل خلال النهار، فهؤلاء لا ينبغي أن يصوموا. ومن حيث المبدأ أي مريض ضغط يرتفع ضغطه أثناء الصيام أكثر من 180، أو ينخفض ينبغي أن يفطر.
ماذا عن مرضى الكلى؟
د. نغم: مرضى الكُلى أكثر من فئة، أولها المصابون بقصور كُلوي من الدرجة الثالثة أو الثانية، فهؤلاء يستطيعون الصيام لكن بحذر شديد.
ثاني فئات مرضى الكُلى هم الذين يغسلون كُلى، فهؤلاء لا يستطيعون الصيام يوم إجراء عملية الغسيل، وخلاف ذلك بإمكانهم الصيام. أما من يغسل الكُلى من البطن بشكل يومي، فهؤلاء ممنوعون من الصيام.
الفئة الثالثة هم المصابون بالحصى أو الرمل في الكُلى، فيجري التعامل معهم حسب درجة الإصابة، فإن كانت بسيطة او متوسطة فيمكن لهم الصيام، وإن كانت شديدة، فينصح بعدم الصيام، لكن ينبغي لمن يصوم أن يعوض السوائل بعد الافطار، وتخفيف كمية الأطعمة التي تحتوي ملح البوتاسيوم، مثل التمر.
تحاول بعض النساء تأخير وقت الدورة الشهرية في شهر رمضان، حتى لا يفطرن، بأخذ حبوب منع الحمل، فهل هذا صحيح؟
د. نغم: لا يُنصح المرأة تأخير وقت الدورة الشهرية، ويمكن مراجعة الطبيب لهذه الغاية، فالأفضل ترك الجسم على طبيعته.
هل يفيد الصيام في تخفيض الوزن، وماذا عن وجبة السحور هل هي ضرورية، إذ أن بعض الناس لا يتناولونها كنوع من أنواع الحمية لتخفيف الوزن، أو أنهم يشعرون بالتخمة، لأنهم يصحون وهم يعانون من عسر الهضم والتخمة، هل هذا صحي؟
د. نغم: للصيام فوائد كثيرة، منها الحمية لتنزيل الوزن، بل إن بعض الناس يلجأون للصوم المتقطع كأحد أنواع الحمية. والأفضل للصائم أن يأكل في رمضان ثلاث وجبات، الأولى، وهي الرئيسية على الإفطار بنسبة 50% من كمية الطعام التي يحتاجها الجسم، والثانية في الليل بنسبة 20%، والثالثة عند السحور بنسبة 20%.
أما بخصوص وجبة السحور، فإنه ينصح بتناولها، أما بخصوص من لا يرغب فيها كحمية أو حتى من يشعر بامتلاء البطن عند النوم أو عند الصحيان، فبإمكانه تقديم وقت تناول السحور أو تناول وجبة خفيفة من الخضار.
في رمضان يكثر الصائمون من تناول الحلويات، بينما لا يتناول بعض الناس أي كمية من الحلويات، فما رأيك بهذا وبذاك؟
د. نغم: الإكثار من الحلويات ضار جدًا للمرضى وللأصحاء على السواء، اما بخصوص خشية من يمتنع عن تناول الحلويات من نقصه في الجسم، وأنه قد يؤثر ذلك على صحة الإنسان، فهذا غير دقيق، إذ أن السكر موجود في الأغذية العادية، كما أن الجسم حينما يحتاج السكر، ولا يجده في الطعام، فيعوضه من الدهون الموجودة في الجسم، وهو ما يؤدي إلى انخفاض الوزن.
ماذا عن العصائر، فبعض الناس يكثرون من تناول العصائر الطبيعية، ويقولون إنها لا تحتوي سكرًا، وماذا عن عصائر رمضان؟
د. نغم: بالنسبة للعصائر الطبية، فإنها تحتوي كميات كبيرة منى السكري، لذا فإن من يعتقد أنها لا ترفع السكري في الدم لدى مرضى السكري، أو أنها لا تؤذي إذا بالغ الشخص من شربها، فهو واهم.
أما بخصوص العصائر الرمضانية، فينسحب عليها ما ينطبق على العصائر الطبيعية، باستثناء السوس، إذ إنه يُجَّمِع السوائل في الجسم، وبالتالي يؤدي إلى رفع الضغط، لذا ينبغي على مرضى الضغط الامتناع عن شرب السوس.
وفيما يخص الشاي والقهوة، فيجب أن ينتبه الصائم إلى انهما مشروبان مدران للبول، لذا ينبغي عدم شرب كميات كبيرة منهما، لئلا يصابوا بالجفاف نهارًا.
على كل حال ينبغي على الإنسان تناول ما بين لتر إلى لترين من الماء يوميًا، وذلك تبغًا لحالة الصائم، فمثلًا ينبغي على مرضى الضغط تخفيف كمية الماء التي يتناولونها، بينما يمكن للآخرين شرب كمية اكبر.
هل يستطيع الأطفال الصيام؟
د. نغم: بإمكان الأطفال البالغين الصيام، أما الصغار، فالأمر متروك لأهاليهم.
ماذا عن الرياضة، متى يُنصح ممارسة الرياضة خلال شهر رمضان؟
د. نغم: يمكن لمن يرغب في ممارسة الرياضة أن يمارسها قبل الإفطار بساعة، حتى لا تتسبب في فقدان السوائل أو السكر، وأما في الليل، فبإمكان الشخص ممارسة الرياضة بعد الإفطار بساعتين.
أما بخصوص مرضى السكري، فإنه يُنصح ان لا يبذلوا أي مجهود عضلي إلا قبل الإفطار بمدة قصيرة.