بايدن وإيران

 

بحسب التوجهات الأولية لإدارة الرئيس بايدن، لا يبدو ان ثمة ادراكا دقيقا وعميقا للملفات المرتبطة بإيران. زيارة بايدن وتصريحاته التي اطلقها من وزارة الخارجية تعتبر عامة لا خلاف عليها، اكدت على التعددية والتشاركية مع الحلفاء، حاولت اعلاء شأن الدبلوماسية واعادة الاعتبار لها كأداة اساسية وأولى من ادوات السياسة الخارجية الأميركية، لكن بايدن لم يخض بعمق الملفات المعقدة ولم يحدد طريق ادارته لإيجاد مقاربات جديدة مفيدة نحوها. المرتاح الأكبر لتوجهات الادارة الامريكية هي ايران، سواء تلك التوجهات المرتبطة باليمن والحوثيين، او مقاربته غير الواضحة حول الاتفاق النووي الايراني الذي تتلخص بسياسة “ان عدتم عدنا”.
لم تقل الادارة الجديدة الكثير حول سورية، ولا يبدو الامر بحساباتها الرئيسة، ولا ندري الى اي مدى ترى الادارة الجديدة خطورة الوجود الايراني في سورية، وكيف يتماهى ذلك مع الوجود الروسي، والى اي مدى سيكون هناك مجال للتعاون الاميركي الروسي في سورية الذي ربما يتوافق مع هدفي احقاق الاستقرار وانهاء الوجود الايراني في هذا البلد العربي، الذي يعد وجود ايران فيه إحقاقا للهلال الشيعي الذي حذر منه الملك عبدالله منذ سنوات.
ربما من المبكر الحكم على رؤية بايدن الشرق اوسطية، لكنها للآن غير واضحة في احسن الاحول، وفي أسوأها، تعتبر غير عميقة تقفز عن فهم خطورة الدور الايراني المزعزع للاستقرار في الاقليم. ما يجب ان تدركه ادارة بايدن، ان ملفات سورية واليمن ولبنان وغيرها، لا يمكن ان تفهم خارج اطار الادراك للسلوك والنوايا الايرانية في المنطقة، وان الطريق لإحقاق استقرار شرق اوسطي حقيقي لا يتم الا عن طريق ردع طهران ذاتها وليس الانشغال بالاشتباك مع اذرعها الاقليمية. ادراك هذا الهدف والتعامل معه بوضوح سيجعل تبني وتطبيق اي سياسات اخرى في الاقليم ايسر واكثر منطقية وواقعية، وبغير ذلك فستكون غالبية دول الشرق الاوسط غير مهتمة بسماع اي شيء من الادارة اذا لم يرتبط برؤية واضحة براغماتية للتعامل مع ايران.
الإدارة بالقطعة في هذا الاقليم لن تجلب نتائج، بل ستعزز من عدم الاستقرار وتقوي شوكة ايران وادوارها الاقليمية المصدرة لـ”اللااستقرار”. اخطأت الادارة في مقاربتها للشأن اليمني، وجاءت قراراتها سارة وبردا وسلاما على ايران، وحري بها الانتباه لأخطاء جديدة قد تنتج في ملفات اخرى. في الملف السوري بالتحديد، لا بد من سياسات تحقق هدف جلب الاستقرار وطرد ايران من سورية، حتى لو عنى ذلك تعاونا وتواصلا مع روسيا الحاكم الاكبر في سورية. ذات الشيء يقال عن الملف النووي الايراني، الذي لا يجوز فيه الاكتفاء بالطلب من ايران العودة للاتفاق، وتناسي كل المياه التي جرت بالنهر، فسياسات ايران المصدرة للفوضى والداعمة للارهاب وصواريخها البالستية لا تقل خطورة ولا بد ان تكون محور تعاطي العالم معها.

أخبار أخرى