حتى ترفع الحكومة المسؤولية عن عاتقها

 

نريد أن نشعر بالتفاؤل مع قرب عام جديد، لكن الازمة الجاثمة على صدورنا، ليست سهلة، وليست محلية أيضا، بل ممتدة عالميا، ولم تتضح آثارها بشكل كامل.
برغم الضخ الحكومي الإيجابي، في محاولة تصنيع جو نفسي واقتصادي جيد، الا ان المؤشرات تبدو مختلفة، تماما، على ارض الواقع، من حيث وضع القطاعات داخل الأردن، وأرقام النمو، والانكماش، وحتى انخفاض حوالات الأردنيين في الخارج، بنسبة عشرة بالمائة، وهي تؤثر على الانفاق داخل الأردن.
حين تقرأ بيانات التجار، من تجار الألبسة، الى تجار المواد الغذائية، مرورا بوضع بقية القطاعات من السفر والسياحة والطيران وسيارات النقل البري، وحتى أصحاب مزارع الدجاج الذين يشكون ارتفاع الكلف، وتراجع المبيعات، ووضع قطاع الزيتون، وكل القطاع الزراعي، وانخفاض نسبة المسجلين في الجامعات والكليات، وما شهدناه من انتقال الطلبة من المدارس الخاصة، الى الحكومية، ثم شكوى أصحاب المطاعم والمقاهي، والمراكز التعليمية، والثقافية، وصالات الافراح، والمهن المساندة لها، وغير ذلك، تدرك ان الازمة اصابت الكل، وكل قطاع متضرر يسحب خلفه، قطاعا آخر، فهي ازمة طويلة المدى، وواسعة النطاق، ومتتابعة النتائج.
الحلول الحكومية، تؤشر على نوايا جيدة، لكنها محدودة الأثر، كون الازمة اكبر من الحلول المتوفرة، وقد اشيد بحزمة الحكومة الأخيرة، مع الادراك هنا، انها غير كافية باعتراف الرسميين، فهي حلول مؤقتة وبسيطة، مقارنة بالضرر العام، والذي يجري الآن، ان كل القطاعات متضررة، بما في ذلك القطاعات العاملة، التي لا تعمل كما يجب، كونها تعتمد على قطاعات ثانية متوقفة، او متضررة كليا، فالكل يؤثر على الكل.
حين تقرأ قائمة القطاعات الأكثر تضررا، تكتشف انها تقترب من الاربعين قطاعا تشغل عشرات الآلاف، ولا يريد احد ان يعترف ان تضررها، سيؤدي الى تضرر بقية القطاعات المصنفة بكونها غير متضررة، لأن كل القطاعات مرتبطة ببعضها البعض، فالحلقات الاقتصادية متصلة ومترابطة.
الذي يقول لك ان القطاع الخاص في الأردن، سيبقى كما هو خلال العام 2021، لا يدرك حجم الضرر الذي يعيشه هذا القطاع، اذ على مستوى البقالة الصغيرة، وصولا الى كهربائي السيارات، مرورا بكل المؤسسات والشركات، هناك تراجعات من درجات مختلفة، وبرغم ان رفض الاقتطاعات التي اباحتها الحكومة، يبدو رفضا طبيعيا، الا ان آثار الاقتطاعات، وخسارة الوظائف، سوف تترك أثرا على الحياة الاقتصادية.
لو قام أي مسؤول بزيارة محلات تجارية، او مؤسسات، لقال له الكل، ان المبيعات تراجعت بشكل كبير، وهناك حالة تنشيف للسيولة في السوق، فوق ان المصارف باتت تتشدد بطريقة غريبة، وتتصرف بحذر عند منح أي قروض او تسهيلات مالية، في ظل غياب أي توجه حكومي للإقراض دون فوائد، من اجل انقاذ القطاعات.
خلال هذا الشهر، تحديدا، سوف نشهد تحولات اقتصادية ليست سهلة، فهذا الشهر سيجلس كل مستثمر، وكل تاجر، وكل صاحب مهنة، ليحسب حساباته، وليغلق سنته المالية، وسوف يكتشف بشكل ادق، أرباحه او خسائره، وعلى ضوء ذلك، سوف يتخذ قرارات، بشأن استمراره، او الحفاظ على عمالته، او التخلي عنها كليا او جزئيا، وهذا يعني انه في ظل عدد القطاعات الأكثر تضررا، وبقية القطاعات العاملة والمتضررة جزئيا، سندخل العام الجديد، ونحن بوضع ليس سهلا اطلاقا، في ظل جائحة تترك أثرها على كل اقتصادات العالم.
ما يراد قوله للحكومة وحتى ترفع المسؤولية عن عاتقها، لا بد من حل واحد، غير المساعدات، أي التخلي عن الاغلاق الذكي، او غير الذكي، والسماح لكل القطاعات بالعودة للعمل، ضمن اشتراطات مشددة، وعقوبات كبيرة في حال المخالفة، إضافة الى الغاء حظر الجمعة، او على الأقل السماح يوم الجمعة للناس بالحركة دون سيارات، فهذا اقل كلفة بكثير من كلفة وجود قطاعات متضررة او مغلقة كليا.
الأولى منح القطاعات الفرصة، حتى تخرج من تحت الركام، وان تعود الى العمل، اما عدم تعويضها بشكل كامل، وفي الوقت نفسه عدم منحها الفرصة للعمل، فهذا بمثابة ضرر جماعي، وكأننا نصنع قوائم الأكثر تضررا بأنفسنا، ومن مصلحة الناس والخزينة والاقتصاد، تقليل عدد القطاعات الأكثر تضررا في القوائم.
مواصلة الاغلاق الكلي، يتسبب بتضرر القطاعات، وانهاء حالة التضرر يكون بفتح القطاعات ضمن معايير وشروط، وهذا هو الحل الوحيد، بدلا من تصنيف القطاعات واقتطاع الرواتب.

أخبار أخرى