عبدالرحمن البلاونه
ستذكر الأجيال القادمة، أنه وفي حقبة زمنية معينة، أن هناك شعب جبار، رجاله أشداء، رفضوا الذل والهوان، انتصروا لمقدساتهم ودينهم ووطنهم، ولصرخات المرابطين والمرابطات، الذين نكل بهم العدو الصهيوني في المسجد الأقصى، واعتدى عليهم ومنعهم من إقامة شعائرهم، محاولاً تهويد مدينتهم المقدسة، أخذوا على عاتقهم أن يعيدوا كرامة أمة هُدرت، فجاء طوفانهم، وهبوا هبة رجل واحد، في وجه الظلم والاحتلال والطغيان، فقاوموا عدوهم الذي استباح أرضهم، ومقدساتهم، عدوهم الذي تجاوز كل المبادئ والقيم والأخلاق، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وهدم البيوت والمعابد والمستشفيات والمدارس، عدوهم الذي استخدم قوته الهائلة، وطائراته وبوارجه الحربية، وأسلحته المحرمة دولياً، في البر والبحر والجو، وفتك بالأطفال ومزق أجسادهم الطاهرة أشلاءً، حرقهم بالفسفور الأبيض في أبشع مجازر الإبادة التي شهدتها الإنسانية.
سيذكر التاريخ أن هناك رجال أرادوا أن يعيدوا مجد أمتهم، ويحرروا أرضهم ومقدساتهم التي دنسها الأعداء، لكنهن خُذلوا من أبناء جلدتهم، الذين تركوهم في مواجهة الموت، بلا مأوى ولا ماء ولا طعام، بعد أن خذلهم الجميع، وتكالبت عليهم قوى الشر والظلم والعدوان، فهدم العدو منازلهم وشردهم بالعراء، وقتل أطفالهم ونسائهم وشيوخهم، بلا رحمة ولا شفقة، وستذكر الأجيال القادمة أن الأشقاء تركوا اشقائهم في يد العدو، أشاحوا بوجوههم متآمرين، مستسلمين لعدوهم، منقادين له، يتوددون له، مكللين بالذل والهوان، ليس من قلة، ولكن لأنهم خونة، وسيذكر التاريخ خيانتهم، وسيلعنهم اللاعنون، لأنهم ساندوا الظلم والطغيان، ولم يُبدوا غضبهم، ولم يدافعوا عن أشقائهم ولو ببنت شفة.
سيذكر التاريخ أن هناك رجال صدقوا ما عاهدوا الله، رجال اجتمعوا بالله، حفظوا كتابه الكريم، وتسلحوا بالإيمان بالله مؤمنين مرابطين، حملوا أرواحهم في راحاتهم، واجهوا الموت في سبيل الله لوحدهم، ليحرروا أرضهم ومقدساتهم من عدو الله وعدوهم، ضحوا بأرواحهم وبأبنائهم، وبكل ما يملكون، من أجل ذلك عاهدوا أنفسهم ألا يغمض لهم رمش، حتى يحرروا أرضهم المغتصبة، ليس لديهم خيار سوى النصر أو الشهادة، فلم يرتضوا الذل والمهانة، ولم يهنأ له عيش وأرضهم مغتصبة، قاموا بما لم تقم به الجيوش الجرارة، المسلحة بالعدة والعتاد، سيخلدهم التاريخ، وستذكرهم الأجيال القادمة بكل فخر وكبرياء، واعتزاز.