صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي صادف يوم أمس مرور عام كامل عليه، انتشر “سلاح المقاطعة” للمنتجات الداعمة للكيان الإسرائيلي بشكل متزايد حول العالم، يأتي ذلك تضامنًا مع الفلسطينيين في قطاع غزة، كتعبير عن إدانتهم للجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على يد الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى مدار عام من العدوان المتواصل، الذي أسفر عن استشهاد نحو 50 ألف فلسطيني، أثبت سلاح مقاطعة منتجات شركات عالمية نجاعة كبيرة، حيث تأثرت أرباح بعض الشركات العالمية بشكل ملحوظ نتيجة الحملات الواسعة للمقاطعة، وقد اعترفت بعض الشركات نفسها بخسائر مالية كبيرة نتيجة لذلك.
حملات المقاطعة التي قادها العديد من النشطاء، تجاوزت الحدود المحلية لتصبح حملة عالمية انخرط فيها مشاهير من مختلف المجالات.
وتستمر هذه الحركة في التوسع، مما يعكس روح التضامن العالمية مع القضية الفلسطينية ويعبر عن الرفض الواسع للاحتلال الإسرائيلي، حيث يرى الكثيرون أن المقاطعة هي وسيلة فعالة للتأثير على السياسات التجارية والدولية تجاه النزاع.
في سياق الحراك المحلي، اتخذت حملات المقاطعة اتجاهًا أوسع لتصبح سلوكًا اجتماعيًا وغذائيًا متميزًا، حيث بات الاعتماد على المنتجات المحلية هو الخيار السائد، وقد أسهم هذا التوجه بشكل ملحوظ في زيادة إيرادات العديد من الشركات المحلية.
غنيمات: المقاطعة ضربه لاقتصاد الاحتلال وادعميه
وعي شعبي
الى ذلك أكد نائب رئيس اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع، جمال غنيمات، أن الشعب الأردني أظهر تجاوباً كبيراً مع حملات مقاطعة المنتجات الداعمة للكيان الإسرائيلي منذ بداية العدوان على قطاع غزة.
وأوضح غنيمات خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن الأردن كان من بين أكثر الشعوب في المنطقة نجاحاً في هذه المقاطعة، متجاوزاً حتى الحملات الأخرى في هذا المجال.
وأشار إلى أن استراتيجية المقاطعة قد تطورت بمرور الوقت، حيث انتقلت من مقاطعة منتجات الاحتلال ذات العدد القليل المتواجدة في الأسواق إلى توسيع نطاق المقاطعة لتشمل منتجات الدول الداعمة له.
واعتبر أن هذا النوع من المقاطعة يحمل وجهين؛ الأول يتمثل في ضرب الاقتصاد الإسرائيلي والدول التي تدعمه، حيث يعتبر هذا الأمر محركا رئيسياً لهم، بينما الثاني يتعلق بدعم المنتج المحلي الأردني.
وأضاف أن المقاطعة قد وجهت المواطنين نحو استهلاك المنتجات المحلية، مؤكدًا أن الأحاديث التي تتحدث عن أن المقاطعة قد تؤدي إلى زيادة البطالة أو التأثير السلبي على الاقتصاد غير صحيحة، موضحاً أن زيادة الإنتاج المحلي تعني أن الشركات ستقوم بتوسيع أنشطتها وزيادة عدد العاملين بها، مما يوفر فرص عمل جديدة.
وأشار إلى أن المقاطعة أدت إلى إغلاق العديد من المحلات التي تبيع المنتجات الداعمة للاحتلال، معتقداً أن المواطنين كانوا واعين لأهمية دعم المنتج المحلي في الأسواق.
وأكد على ضرورة الاستمرار في مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال حتى وإن انتهى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، داعيا إلى ضرورة تحويل هذه المقاطعة إلى ثقافة شعبية تؤثر على اقتصاد الاحتلال وداعميه، في الوقت الذي تعزز فيه من دعم المنتج المحلي.
العبسي: حملة المقاطعة تعزز ثقافة الاستهلاك المحلي وتدعم الشركات الوطنية
ثقافة ستستمر
ومن جانبه قال منسق حملة “اتحرك” محمد العبسي إن المقاطعة تمثل معركة كرست حالة من المقاطعة الاقتصادية ضد الكيان الصهيوني وداعميه من الشركات العالمية.
وأوضح أن المقاطعة أصبحت اليوم ثقافة مجتمعية عامة، ليست مجرد رد فعل على الأحداث الحالية، بل جزءًا من السلوك اليومي للمواطنين، وهو ما يمثل إحدى إيجابيات أحداث السابع من أكتوبر والمعركة المستمرة.
وأشار إلى أن التقديرات تشير إلى استمرار هذه الثقافة حتى بعد انتهاء الحرب، بغض النظر عن كيفيتها، حيث بدأت تتجسد حالة العزوف عن شراء المنتجات الداعمة للاحتلال، مما دفع المواطنين نحو استهلاك المنتجات المحلية.
ولفت إلى أن بروز شركات محلية وطنية أنتجت بدائل تضاهي المنتجات العالمية ساهم في تعزيز هذه الحالة.
وأضاف أن المقاطعة فتحت خطوط إنتاج جديدة للشركات المحلية، وانتشرت في الأسواق بشكل واسع، حتى أن المنتجات البديلة أصبحت تُعتبر منتجات أصلية، وليس مجرد بدائل، مؤكداً أن هذه الثقافة ستستمر وأن تراجعت حدة المقاطعة، مما يعكس تغييرًا إيجابيًا في سلوك المستهلكين.
وأوضح أن المقاطعة لا تقتصر على كونها رد فعل على الأحداث، بل ترتبط بقيم أخلاقية وإنسانية، خاصة في ظل المجازر والإبادات التي يشهدها الفلسطينيون، مؤكداً على أن الشركات الداعمة للاحتلال أظهرت دعمها بشكل أكبر خلال الحرب، مما أثار مشاعر المواطنين ودفعهم نحو المقاطعة.
وأشار إلى أهمية دور الحركات واللجان المناهضة للتطبيع في استمرار الضغط والتوعية حول أهمية المقاطعة، مشدداً على ضرورة أن تتوقف الشركات العالمية عن دعم الكيان الصهيوني حتى تصبح خارج لوائح المقاطعة، مؤكداً على أن الضغط على الوكلاء والشركات العالمية مطلوب لتعزيز هذه الجهود.
ودعا إلى دعم الشركات الوطنية التي تستفيد من حالة المقاطعة، مؤكدًا أن تعزيز هذه المنتجات المحلية يمثل هدفًا أساسيًا، إلى جانب مقاطعة كل من يدعم الكيان الصهيوني.
طومار: المقاطعة رد فعل شعبي يتجاوز حدود الاحتجاج ليصبح توجهاً ثقافياً
توفر البدائل
من جهتها قالت الناشطة الإعلامية في حركة المقاطعة (بي دي إس – الأردن)، شروق طومار، إن حركات وحملات المقاطعة قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول لم تكن تشبه ما هو عليه الآن في الشارع الأردني، مشيرة أنه في الماضي، مع كل أحداث محتدمة تقريبا في الأراضي المحتلة حملات مقاطعة، لكنها كانت تأتي كهبّات شعبية ما تلبث أن تخفت بعد تراجع حدة الأحداث.
وأفادت أن حملات المقاطعة في الأردن بعد السابع من أكتوبر شهدت نجاحاً متميزاً غير مسبوق، حيث كانت رد فعل الشعب الأردني على العدوان الإسرائيلي على غزة كبيراً جداً وتنامى ليخرج من إطار رد الفعل ليصبح جزءا من الثقافة المجتمعية، متحولا لموقف سياسي وثقافي.
وأكدت على أن هناك نسبة كبيرة جدًا من المجتمع الأردني يرون أنهم غير مستعدين لشراء منتجات من العلامات التجارية التي تدعم الكيان الصهيوني، حتى في حال عدم توفر بدائل لهذه المنتجات، مشيرة إلى أن هذا الرفض يمتد إلى كافة فئات ومكونات المجتمع الأردني، بما في ذلك الأطفال، مما يمثل حالة غير مسبوقة.
أكدت على أن حملات المقاطعة أثرت بشكل كبير وواضح على دعم المنتجات والبضائع الوطنية في الأردن، لافتة إلى أن عدداً من الشركات المحلية توجهت نحو تلبية احتياجات السوق ببدائل من المنتجات المحلية، مما أدى إلى اكتشاف المواطن الأردني لعدد من المنتجات الوطنية البديلة التي تنافس المنتجات الأجنبية، وهذا بالرغم من عدم تفوقها دائماً على الجودة المقدمة من المنتجات الأجنبية التي كانوا يعتمدون عليها سابقاً.
ولفتت إلى أن هناك الكثير من المنتجين والمصنعين المحليين أصبحوا مهتمين برفع جودة منتجاتهم لمنافسة البديل الأجنبي، وتلبية احتياجات المواطنين والمستهلكين.
وبينت انه هناك أصوات تعارض حملات المقاطعة من باب أنها تسببت بتسريح عدد كبير من العاملين في الشركات الأجنبية التي تمت مقاطعة منتجاتها، موضحة أن ذلك غير دقيق لأن من تم تسريحهم من عملهم في الشركات الأجنبية تم استيعابهم في السوق المحلي والشركات والمؤسسات الوطنية التي استفادت من المقاطعة وزادت نسبة مبيعاتها، حيث عالج السوق نفسه بنفسه، وهذا لا يعني عدم وجود متضررين، ولكنها أعداد محدودة جدا، ولا تشكل حالة عامة، ويمكن معالجتها بشكل فردي.
وأكدت أن المطلوب في الوقت الحالي هو تعزيز المنجز المتحقق والبناء عليه وتكريس مبدأ المقاطعة الشعبية لدى المواطنين، وانتقال الحملات إلى مستويات أخرى تشمل المقاطعة الثقافية والسياسة، وكذلك المقاطعة الاقتصادية والرسمية.
وأوضحت أنه من المهم أن يتم دعم المنتج المحلي من خلال خفض كلف الإنتاج للمصانع المحلية خصوصا الرسوم والضرائب وتقديم تسهيلات للمستثمرين بالصناعات المحلية لتتمكن من البقاء والمنافسة والتطور.
عايش: المنتجات الوطنية تعزز النمو الاقتصادي وتخلق فرص العمل