ماجد توبه
يوم صاعق لإسرائيل بكل المقاييس سيكون له ما بعده.. يوم أعاد للذاكرة الإسرائيلية مفاجأة الجيشين المصري والسوري لجيش العدو في حرب أكتوبر من العام 1973، وللصدفة، ربما المخططة من قبل المقاومة الفلسطينية، جاء الهجوم الصاعق للمقاومة في غزة على إسرائيل واقتحام حدود الكيان والتحرير المؤقت لمستوطنات غلاف غزة، في السابع من أكتوبر بفارق يوم واحد عن حرب تشرين/أكتوبر التي انطلقت في السادس من أكتوبر 1973.
نعم.. وقع الهجوم الفلسطيني المفاجئ صباح السبت، وهو عطلة أسبوعية وتتزامن أيضا مع أعياد يهودية، كالصاعقة على رؤوس الإسرائيليين وقادتهم وجيشهم، وحتى ساعات طويلة من بدء الهجوم الفلسطيني والاقتحام الواسع وضرب آلاف الصواريخ التي عطلت الحياة في الكيان، لم تتمكن إسرائيل من الخروج من الصدمة وتلقي الضربات والانهيارات، إلى أن حاولت اعتبارا من ظهر السبت إظهار تماسكها بشن هجمات عدوانية عمياء من طيرانها على غزة، فيما المقاومة تتمسك بمواقعها في المستوطنات وتجلب الأسرى والعتاد الإسرائيلي إلى القطاع.
ما حدث السبت لن يكون عابرا في التاريخ.. فقد تكون المرة الأولى التي يبادر فيها الفلسطينيون إلى مباغتة العدو بعقر داره ومعسكراته ومستوطناته، وتظهر فشلا ذريعا لاستخباراته التي لم تتوقع هذا الهجوم الكبير.
أكثر من ألف مقاوم اقتحموا مستوطنات غلاف غزة وأكثر من 5 آلاف صاروخ دكت المدن والبلدات المحتلة من تل ابيب والقدس وعسقلان وصولا إلى النقب، فيما قتل العشرات من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين بمواقعهم ودباباتهم، وتم أسر عشرات آخرين مع معداتهم واقتيادهم إلى غزة بانتظار عملية تبادل أسرى يتوقع لها، أن تكون واسعة.
حتى كتابة سطور هذا المقال عصر السبت، بقي الوضع غامضا تجاه المدى الذي يمكن أن تصله الحرب الجديدة، من على قاعدة أن الحرب باتت واقعة والكيان الإسرائيلي لن يستطيع تمرير ما لحق به من ذلك وخسائر إستراتيجية وانهيار أسطورة امن حدوده ومستوطناته أمام عمليات واسعة.
وكان لافتًا أن القائد العسكري لحركة حماس محمد ضيف قد دعا في كلمته الأولى بعد الهجوم إلى فتح جبهات جديدة أخرى ضد العدو الإسرائيلي، وتحدث مباشرة عن لبنان وسورية واليمن والعراق والضفة الغربية المحتلة.
ولا يمكن الجزم بأن كان هناك تنسيقا بين مقاومة غزة وحركات المقاومة خارجها لفتح مثل هذه الجبهات، إلا أن التدحرج المرتقب للازمة والحرب ستترك الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات.
سنتوقع الان عدوانا شرسا وهمجيا من قبل جيش الاحتلال وطيرانه على قطاع غزة المحاصر، في محاولة استعادة الكرامة المهدورة تحت أقدام المقاومين.
ومن الواضح، أن ما جرى السبت سيعيد خلط أوراق كثيرة.. ليس في فلسطين فقط بل وأيضا إقليميا ودوليا.