ضربات عكسية
في الوقت الذي تلّح فيه الولايات المتحدة على السعودية و اوبك + لرفع انتاج النفط و عدم تقليله أو تثبيته ، راحت الاخيرة تسير عكس التوجه و الالحاح الامريكي بتحجيم انتاج النفط تارة و تثبيته تارة ، هذه القرارات السعودية هي في طبيعة الحال سياسة تأديبية لبايدن المُقبل على الانتخابات النصفية و الذي سيقع في حرج كبير يهدد شعبيته ، أما التبعات الاهم لهذه القرارات فهي ضربة اقتصادية للنخاع المالي الامريكي و الذي هو أصلا يعاني الامرّين كنتيجة للحرب الروسية الاوكرانية ، و للهروب من الاثار المدمرة لتقليل انتاج النفط سيضطر البيت الابيض على المواظبة على رفع نقاط الفائدة على الدولار ، و هذه في المحصلة خطوات تخديرية تؤجّل الضرر لا تلغيه…
السعودية و بقية دول اوبك + و الدول الاخرى خارجه و التي تربط عملتها و اقتصادها بالدولار الامريكي ستبقى رهينة القرار الامريكي برفع نقاط الفائدة من عدمها ، و بذلك يكون قرار عدم زيادة انتاج النفط ضارا لكل الدول المرتبطه بالدولار و ليست فقط دولته الام ، أما المستفيد الاكبر من هذه الدوّامة الاقتصادية السياسية فهي الدول التي لم تربط عملتها بالدولار و على رأسهم الصين و روسيا .
الفكرة في كون أي قرار سوف يضر الاقتصاد الامريكي ، سوف يؤثر بالمحصلة على الاقتصاد العالمي ، و هذا من ذكاء المسؤول الامريكي و الذي صهر العالم كلّه داخل هذه المنظومة ، فإن سقطت أمريكا يسقط العالم ، و لذلك قد نستنتج اسباب العِداء الامريكي لدول يجمع بينها استقلالية عملتها .
أمّا الآن ، فانظار امريكا انصرفت عن القارة العجوز و راحت تطير نحو الصين ، لذلك لم تأتي زيارة بيلوسي لتايوان من العدم ، فهي تريد و تتمنّى أن تغزو الصين جارتها لتعيد سيناريو الحرب الروسية الاوكرانية ، فعلى ارض الواقع تطبق الولايات المتحدة سياسة ” فرّق تَسُدْ” و التي من خلالها تضرب دولا بعينها ببعضها البعض دون أن تضحي بجندي واحد ، فاوروبا الآن ساحة حرب مفتوحة تُستنزف فيها قدرات روسيا و صبر الدول الاخرى أمام القرارات الروسية ، لذلك سيكون هذا الشتاء ناريّ على قارّة النهضة.
في النهاية يجب أن تعي الدول أن لا استقلال يسبق تحرر النقد من الهيمنة و التبعية ، و إن كان و لا بد من الانصهار بعملة فيفضّل اختيار سلة من العملات أفضل من التعبية الاحادية ، لذلك قد نجد العديد من الدول باتت تتسابق لزيادة الاحتياطي المركزي من الذهب كما فعلت قطر مؤخرا، فلا ضمانات في هذه الاوقات مطلقاً.