قرارات الحكومة ليست مفاجئة

لم تكن حزمة القرارات التي أعلنت الحكومة عنها يوم امس، مباغتة، اذ ان ارتفاع ارقام الإصابة، وبدء التلميحات بشكل متدرج حول إجراءات محتملة، على مدى اليومين الماضيين، قادنا نحو ما هو متوقع، من قرارات مساء يوم الثلاثاء.
من العودة الى التعليم عن بعد، كليا، الى الحظر الشامل لمدة يومين، مرورا ببقية القرارات، كان المشهد متوقعا، لان ارتفاع الأرقام مع تزامن الارتفاع بالتسريبات حول قرارات محتملة، كان يرسم النتيجة، وهي نتيجة اهون بكثير من العودة للحظر الشامل الكلي، الذي عشناه خلال الفترة الأولى، من قصة وباء كورونا، وهي أيام لا نتمنى العودة لها.
المشكلة هنا ان كل طرف يحمل الطرف الآخر المسؤولية، فالمواطن يقول ان الحكومة هي المسؤولة عن تفشي الوباء بسبب فتح معبر جابر تحديدا، لكن الحكومة أيضا ترد بقوة وتقول ان المواطنين لا يلتزمون بإجراءات الوقاية، في كل مكان، وبين الطرفين وصلنا الى هذه النتيجة التي لا يريدها احد، لكنها باتت امرا واقعا.
برغم نفي الحكومة رسميا النية للعودة للحظر الشامل الممتد، الا ان هذا وارد، خصوصا، اذا واصلت الأرقام ارتفاعها، وعلى الرغم من ان دولا كثيرة في العالم لم تعد الى أي نمط من أنماط الحظر برغم ارتفاع الأرقام فيها مجددا، الا ان الوصفة في عمان ترى في الحظر الشامل ليومين، او تغيير ساعات الحظر، حلا وحيدا في ظل تزايد حالات الوفاة، ووضع القطاع الصحي، وغير ذلك من ظروف أدت الى عودة الحظر ليومين.
الجانب الأهم الذي يتوجب التنبه له الان، وضع كل القطاعات، في ظل الاغلاق ليومين، أسبوعيا، إضافة الى الوضع الصحي مع اقتراب الشتاء، وعدم وجود مؤشرات على اكتشاف لقاح، او حل لهذه العقدة، والمؤكد هنا، ان العالم امامه شهور صعبة، حتى الربيع المقبل، وربما اكثر، من توقيت الربيع المقبل، وما قد يستجد خلال هذه الشهور.
هناك ملفات عالقة الان، وتحديدا وضع الحكومة، الانتخابات، الوضع الاقتصادي، وهي ملفات بحاجة الى حسم، بدلا من تركها معلقة، وقابلة للتأويلات في عمان، والواضح ان كل السيناريوهات المفترضة باتت بحاجة الى تعديل في ظل البوصلة الجديدة لإدارة الازمة.
المشكلة الثانية التي نعيشها تتعلق بالتراشق، فالذين يشعرون بالغضب من تفشي الحالات، يريدون من الحكومة إجراءات مشددة، وعقوبات، وغرامات، وربما فرض نوع من أنواع الحظر، والفريق الاخر، يعتبر ان كلفة أي حظر، جزئي، او شامل، لا يمكن احتمالها، وان الناس لم يحتملوا نتائج الحظر الذي عشناه، وبينهما على ما يبدو لجأت الحكومة الى حل وسط، أي الحظر ليومين، فقط، مع مراقبة المشهد، لكن مجرد العودة لحظر يومين، تقول أيضا ان كل السيناريوهات محتملة، اذا بقيت الأرقام مرتفعة، او تواصل ارتفاعها اكثر.
احد الانطباعات السائدة والحساسة، تتحدث عن الفروقات في الفحوصات بين القطاع الحكومي ومختبرات القطاع الخاص، فقد تحصل على نتيجة إيجابية في مختبر حكومي، وتحصل على نتيجة سلبية في مختبر خاص، والخبراء والأطباء هنا يردون بالقول ان نتائج الفحوصات قد تتقلب او تتغير، وان هذا الامر يبدو عاديا، لكن البعض يريد التدليل على ان النتائج قد لا تكون دائما حاسمة، وهذا الكلام ينطبق على مختبرات القطاع الخاص، لان الذي يفحص لا يعرف أي النتيجتين خطأ، وفي كل الحالات، يبدو القطاع الطبي الرسمي، واثقا تماما من نتائج فحوصاته، ولا يقف عند ما يعتبره حرفا عن اصل القصة، أي تفشي الوباء في الأردن.
في كل الأحوال نحن امام ظرف حساس، والجهات الرسمية يتم لومها في كل الأحوال، سواء اتخذت قرارات صعبة لا تتماشى مع رغبات الناس، او اتخذت قرارات تتناسب ورغبات الناس، لكنها قد تتسبب بتفشي الوباء، وهكذا تنقسم اراء الناس، فيما الثابت الوحيد ان الوباء يلقي بظلاله فوق رؤوسنا، ورؤوس البشر، في كل مكان.
قرارات الحكومة مساء الثلاثاء، لم تكن مفاجئة، بكل المعايير، ومهدوا لها على دفعات.

أخبار أخرى