الصبيحي: 4.80 دينار يومياً ما يتقاضاه معلمو محو الأمية
معلمو محو الأمية.. سنوات من العمل بلا تأمين ولا تقاعد
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
في زوايا مراكز محو الأمية والتي تنتمي إلى وزارة التربية والتعليم حيث يصادف الأحد اليوم العالمي لمحو الأمية، تجد شبحًا من الإهمال يتجسد في معاناة عشرات المعلمات، اللواتي يفترض بهن أن يكن نورًا يضيء طريق المعرفة والتعلم لأفراد المجتمع، لكن، للأسف، الواقع يشي بخلاف ذلك تمامًا، إذ تعاني هؤلاء المعلمات من مجموعة من الانتهاكات والممارسات التي تجعل من وضعهن عبارة عن معاناة يومية لا تنتهي.
أجور دون الحد الأدنى والتأخر بالصرف
تأتي بداية المعاناة من الأجور التي يتقاضينها، والتي تقل بشكل لافت عن الحد الأدنى المعمول به والذي يبلغ (260 دينارًا). يتقاضين مبالغ أقل بكثير من هذا الرقم، دون أن يُحسب لهن أي تعويض عن العطلات الأسبوعية والرسمية
وهذا التفاوت بين الأجر المستحق والأجر الفعلي يضاعف من حجم معاناتهن، ويجعل من كل يوم عمل تحديًا إضافيًا يُضاف إلى قائمة معاناتهن.
خلود (اسم مستعار بناء على طلبها) معلمة في أحد المراكز في العاصمة، تعكس الصورة الحقيقية لهذه المراكز “أعمل هنا منذ ثلاث سنوات، لكن كل ما جنيته من عملي هو التعب والإحباط، أجد نفسي مضطرة للبقاء في هذا الوضع رغم كل الصعوبات.
وتروي خلود معاناتها التي لا تقتصر على ضعف الأجر، بل تمتد إلى التأخير المستمر في صرف الرواتب، الذي لا يأتي على موعده سوى بعد أسابيع من الانتظار.
إلى جانب الأجور القليلة، تعاني هؤلاء المعلمات من التأخير المستمر في صرف مستحقاتهن المالية، هذا التأخير لا يقتصر على أيام قليلة، بل قد يمتد لشهور، مما يضعهن في مواقف صعبة للغاية ويجعل من تدبير أمورهن اليومية عبئًا كبيرًا، كل تأخير في صرف الأجور يزيد من حجم الضغوط النفسية والمالية التي يواجهها هؤلاء المعلمات.
أما فاطمة، التي تعمل في مركز في إحدى القرى النائية، فتعبر عن الواقع المرير الذي تواجهه، قائلا “نحن نتقاضى أجوراً تقل عن الحد الأدنى المعمول به، والذي يبلغ 260 ديناراً، أحيانا نضطر للانتظار لفترات طويلة حتى نحصل على رواتبنا، والأمر لا ينتهي هنا، نحن محرومات من أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.”
ومما يزيد الوضع سوءًا هو حرمانهن من الحمايات الاجتماعية الأساسية مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، في حين يفترض أن تكون هذه الحقوق الأساسية جزءًا لا يتجزأ من شروط العمل، فإن المعلمات في مراكز محو الأمية يُجبرن على العمل دون أي ضمانات تقيهن من المخاطر الصحية أو الطوارئ الاجتماعية.
عدم وجود عقود عمل محددة
فيما اكدت المعلمة تهاني ان المعلمات يعملن دون وجود عقود عمل محددة، مما يعرضهن لمزيد من الاستغلال وعدم الاستقرار، عدم وجود عقود عمل رسمية يحرمهن من حقوق كثيرة مثل التعويضات وامتيازات نهاية الخدمة، ويجعل من الإقالة أو التغيير في شروط العمل أمورًا عرضية وغير منظمة.
وتأتي قسوة الواقع لتكتمل مع التفاوت في الامتيازات مقارنة بالمعلمين الأساسيين المعينين من قبل الوزارة، فبينما يتمتع المعلمون الأساسيون بكافة الامتيازات التي تضمن لهم حقوقهم وحمايتهم، تجد المعلمات في مراكز محو الأمية محرومات من هذه الامتيازات، مما يعكس تمييزًا صارخًا بين فئات المعلمين.
مريم، معلمة أخرى، تشتكي من التمييز بين المعلمات والمعلمين الأساسيين الذين تعينهم الوزارة بشكل مباشر، مشيرة الى ان “المعلمات في مراكز محو الأمية يعاملن وكأنهن غير موجودات، لا يحصلن على أي امتيازات مثل تلك التي يحصل عليها المعلمون الأساسيون، لا توجد لدينا أي مزايا إضافية، ونعيش تحت ضغط كبير بسبب الوضع الاقتصادي الصعب.