صدى الشعب – كتبت د. دانييلا القرعان
يواجه الأردن منذ عشر سنوات وأكثر تحديات كبيرة على حدوده الشمالية والشرقية والجنوبية، تهدد أمنه واستقراره وتستنزف موارده، فالأزمة المستمرة في سوريا، والحرب القاسية على قطاع غزة، وانعكاسات الحروب الإقليمية فيها والتجاذبات الجديدة التي خُلقت بسببها في منطقتنا بين القوى المتصارعة، فتحت الأبواب لتعظيم مخاطر لطالما كان الأردن يعاني منها، مثل خطر الإرهاب وتهريب المخدرات، الأمر الذي يستدعي تظافر كافة الجهود العسكرية والحكومية والمدنية من إعلام ومؤسسات مجتمع مدني وخبراء بهذا الشأن، والتصدي لهذا التهديد الفعلي.
واليوم؛ باتت المعركة التي تخوضها القوات المسلحة الأردنيةـ الجيش العربي ـ وإدارة مكافحة المخدرات تُشن على جبهتين، الأولى خارجية، من خلال التصدي الحازم لعمليات تهريب المخدرات عبر الأردن إلى دول أخرى، انطلاقاً من الحدود السورية ومن الحدود الجنوبية؛ والثانية داخلية، حيث التصدي لتزايد انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات وترويجها بالتوازي مع المشكلات الاجتماعية والنفسية في ظل تردي الظروف الاقتصادية والمعيشية بين الناس نتيجة للأزمات الأخيرة التي تعرضت لها المملكة كغيرها من دول المنطقة. يواصل الأردن حربه ضد المخدرات على كافة الأصعدة الخارجية والداخلية، لمنع هذه السموم والآفة من الانتشار بين الشباب الأردني، ومنع وصولها إلى دول الجوار، وكان آخرها إحباط وصول طائرة مسيرة “درون” محملة بالمخدرات إلى الأردن. تلمس الجيش الأردني استخدام أسلوب القوة من المهربين، والذين يمكن أن تصل أعدادهم للعشرات بل المئات لتنفيذ عملياتهم، وأصبح لديهم تكتيكات جديدة كعصابات الجريمة المنظمة واستخدام طائرات بدون طيار ومركبات وأسلحة فتاكة. ومن المعروف أن جماعات تهريب المخدرات، تستخدم طرقاً متنوعة لتنفيذ عملياتهم، تشمل استخدام الآليات الثقيلة وصولاً لاستخدام طائرات مسيرة محملة بالمواد المخدرة، إضافة إلى استخدامهم لطرق أخرى تعتمد على رصد واستطلاع مواقع انتشار القوات المسلحة ومحاولة التمويه عن طريق تنفيذ عمليات وهمية، والأردن يخوض حرباً غير معلنة على الحدود مع تجار المخدرات ومن يقف خلفهم، وأن مجموعات المهربين سابقاً كانت تتألف من 3 الى 6 أشخاص، بينما قد تصل الآن إلى 200 شخص يستخدمون تكتيكات وعمليات خداع وتمويه. ونظراً لتزايد خطر عصابات تجارة المخدرات العابرة للدول، وضعت القوات المسلحة الأردنية قواعد اشتباك جديدة على الحدود مع سوريا، وإن تغيير قواعد الاشتباك المعمول بها في القوات المسلحة، يجعل الجيش يضرب بيد من حديد لقتل كل من تسوّل له نفسه الاقتراب من حدود الأردن. وفي 17 فبراير 2022، أعلن الجيش الأردني أن محاولات التهريب عبر الحدود السورية الأردنية تحديدًا، باتت منظمة، يُستخدم فيها أدوات متطورة كالطائرات المُسيرة، وتحظى بغطاء من قبل المجموعات المُسلحة، مع تزايد نشاط شبكات التهريب التي رصد الجيش منها 160 شبكة تعمل في الجنوب السوري، وقد انعكس ذلك في العدد الكبير من محاولات التهريب التي يتعامل معها الجيش الأردني، فوفقاً للسلطات الأردنية أحبط منذ بداية هذا العام دخول أكثر من 16 مليون حبة كبتاغون، أي ما يساوي الكمية التي تم ضبطها طيلة العام 2021.
تصاعدت التهديدات الناشئة المرتبطة بعصابات تجارة المخدرات العابرة للحدود بكل جهاتها، والتي أعلن الجيش الأردني مؤخراً تغير قواعد الاشتباك بما يتلاءم مع الاستجابة لأبعاد هذا التهديد وتأثيراته. تؤذن معارك الجيش الأردني مع عصابات المخدرات على امتداد الحدود السورية-الأردنية بمرحلة مختلفة من المواجهة والتحديات، فبعد النجاح الأردني، طيلة السنوات الماضية، في مواجهة خطر المجموعات الإرهابية على الحدود مع سوريا والعراق، تنظر عصابات تجارة المخدرات العابرة للدول، إلى الأردن ليس كمنطقة عبور إلى دول أخرى فقط، بل إلى ساحة مستهدفة بهذه التجارة غير المشروعة.
من جانب آخر، تُظهر التهديدات الناتجة من انتشار الجماعات المُسلحة في المنطقة، تركيزاً على تهديدات ناشئة وغير تقليدية، تنفذها قوى ما دون الدولة، من شأنها أن تترك تأثيراتها الواضحة على خرائط الجغرافيا السياسية الجديدة في المنطقة، وعلى تعريف أجندة التهديدات بشكل مختلف، وسيلقي بظلاله على منظومة الأمن الوطني للدول، وربما على مفردات عقيدتها الدفاعية، وأنظمة التسليح وموارد المواجهة وسُبلها المستجدة، على المستويات الوطنية أو الإقليمية أو الدولية. وإلى جانب التهديدات التقليدية، مثل الانتشار النووي والأسلحة الكيماوية وغيرها، فإن التهديدات الناشئة (Emerging Threats)؛ مثل الهجمات السيبرانية وأعمال القرصنة الإلكترونية المنظمة وسرقة البيانات، وانتشار الأوبئة ومتحوراتها مثل كوفيد-19، وتوسّع ظاهرة التغير المناخي، والهجمات أو التهديدات المُرتبطة بالمجموعات المسلحة والإرهابية، تقف كمهددات أساسية وجديدة على الأمن الوطني والاستراتيجي للدول، بما يشتمل على مؤسساتها والبُنى التحتية والحيوية فيها، وعلى مواردها ومُقدراتها. وكما هو معروف قبل عدة أيام تصدت واحبطت المنطقة العسكرية الجنوبية والتي لا تقل أهمية عن الحدود الشمالية والشرقية، على واجهتها الغربية وضمن منطقة مسؤوليتها محاولة تهريب كمية من المواد المخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة (درون).
ومن خلال الرصد والمتابعة تم تطبيق قواعد الاشتباك، و إسقاط الطائرة داخل الأراضي الأردنية وتبين بأنها تحمل مواد مخدرة، وتم تحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة.
القوات المسلحة الأردنية تعمل بكل قوة وحزم وتسخير كافة الإمكانات في منع عمليات التسلل والتهريب وبالقوة للحفاظ على أمن واستقرار المملكة الأردنية الهاشمية.