صدى الشعب – كتب محمد علي الزعبي
من المؤكد أن هناك تفكيرًا جديًا في إعادة بناء منظومة العمل داخل مؤسسات الدولة، وهو ما يتجلّى بوضوح في التوجه المستقبلي الذي يقوده رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، والذي لم يأتِ التعديل الوزاري الأخير إلا كجزء واضح منه، في إشارة بالغة الدلالة إلى أن التغيير لا يقتصر على الشخوص الوزارية، بل يمتد إلى بنية الوزارات ذاتها. فثمة توجه واضح نحو إعادة هيكلة واسعة من خلال إنهاء خدمات عدد من الأمناء العامين والمدراء العامين، وضبط الفوضى المؤسسية، ودمج بعض المؤسسات داخل الوزارات الأم، في مسعى مدروس لإعادة تعريف الدور الوظيفي للمؤسسات الرسمية وتعظيم كفاءتها. إنها مقاربة إصلاحية تعكس إرادة سياسية حاسمة لترشيق الجهاز الإداري، وتحقيق الانسجام بين البناء التشريعي والتنفيذي، بما يواكب متطلبات الدولة الحديثة ورؤاها التحديثية.
هذا الحراك يُمثّل خطوة واثقة نحو تجديد منظومة الإدارة العامة، وإعادة ضبط الإيقاع التنفيذي بما ينسجم مع متطلبات المرحلة الوطنية الجديدة، ويُسهم في بناء جهاز إداري مرن ومتجدد، قادر على تنفيذ رؤى التحديث الثلاث بكفاءة وفاعلية.
لم يعد مقبولًا أن تستمر بعض المواقع القيادية دون تجديد أو محاسبة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية المتراكمة. فالكثير من المدراء والأمناء العامين أمضوا سنوات طويلة دون تطوير ملموس، ما خلق حالة من الجمود وأضعف فاعلية المؤسسات.
ولذلك، فإن تجديد الصفوف لا يُعد مجرد تبديل أسماء، بل تجسيدًا لإرادة سياسية تهدف إلى تحويل الإدارة العامة من حالة التسيير إلى ثقافة الإنجاز والمساءلة، وخلق بيئة عمل حديثة تُشجع على الابتكار، وتواكب التحول الرقمي، وتعزز ثقة المواطن بالمؤسسات.
المرحلة القادمة تتطلب قيادات تؤمن أن المنصب تكليف لا تشريف، وأن التداول في المواقع التنفيذية ضرورة حيوية لضمان استمرارية الفعالية المؤسسية، خاصة في ظل الرؤية الملكية التي تضع الإنسان في صلب التنمية، وتدعو إلى التجديد والتقييم والتطوير باستمرار.





