صدى الشعب – كتب عبدالرحمن البلاونه
مع اقتراب الإعلان عن نتائج شهادة الثانوية العامة، وحلول موسم التخرج من الجامعات، وحفلات الزفاف، نستذكر المواقف والذكريات المؤلمة، التي حلًت بالعديد من أبناء الوطن الأبرياء، أطفالاً وشباباً، وشيوخ، الذين تعرضوا للإصابة بالعيارات النارية، التي يتم اطلاقها بالمناسبات المختلفة، فمنهم من لقي حتفه، ومنهم من أصيب بعاهة دائمة أقعدته، وأصبح عالة على المجتمع، نتيجة لهذا السلوك الاجرامي الذي يمارسه العديد من الأشخاص، الذين لا يمتلكون أدنى ذرة من الوعي أو الضمير، خاصة وأنهم يعلمون علم اليقين، أن الرصاصة الطائشة التي يطلقونها بكل رعونة واستهتار، لن تبتلعها السماء، وستعود إلى الأرض بسرعة تفوق السرعة التي اطلقت فيها، لتستقر في جسد إنسان برئ، لم يقترف ذنباً، لتنهي حياته، في لحظة طيش، وتترك الأسى والحزن العميق، والجرح النازف مدى الحياة، وتتسبب بدمار أسرة وضياعها بعد أن تسبب بمقتل معيلها، وكذلك يتسبب بقتل قلب أم وأب فقدوا فلذة كبدهم الوحيد، الذي رزقهم الله سبحانه وتعالى بعد سنوات من العناء، والصبر والعلاجات، ليجدوه جثة هامدة أمام أعينهم في لمحة بصر.
فالقانون يجرم هذه الظاهرة المقيته، والشرع يحرمها، والدولة تحاربها، لما فيها من أذى وخطورة وإزعاج وترويع للمواطنين، وتقوم ببث الرسائل التوعوية، التي تؤكد خطورتها والضرر الناتج عنها والآثار الطبية والاجتماعية والنفسية، المترتبة عليها بكل الوسائل ،المرئية والمسموعة، وبكل الأساليب، ومع ذلك نشاهد الكثيرين من الأشخاص يطلقون رصاصاتهم الغادرة مصرين على مخالفة الشرع والقانون، وارتكاب جرائمهم في وضح النهار.
من هنا، يجب على الدولة أن تظهر قوتها وتفرض هيبتها، و تطبق القانون بكل حزم، ليكون رادعاً لأصحاب الأنفس المريضة، وأن لا تأخذها بهم رأفة ولا رحمة، ولا شفقة، وجعلهم عبرة لمن يعتبر، ذلك لأنهم لم يأخذوا بالنصائح والإرشادات التوعوية، وعلى الوجهاء والشيوخ والمخاتير ووجوه الخير والإصلاح، عدم التدخل والوساطة لمن تسول له نفسه الاعتداء على حياة المواطنين الأبرياء.
وكذلك على المواطنين أن يغادروا المناسبة التي يتم فيها اطلاق العيارات النارية، ومقاطعتها، تعبيراً عن رفضهم لهذا السلوك غير الأخلاقي الذي يتسبب بالأذى للأخرين، وأن يكون شعارنا جميعا لا لإطلاق العيارات النارية .
أن هذه الظاهرة تعكس صورةً سلبية عن المجتمع، ويجب على الجميع محاربتها، عبر نشر الوعي الثقافي من خلال عقد المحاضرات والورش والتثقيف بمخاطرها، وزيادة الوعي القانوني لدى المجتمع وبيان العقوبات الجزائية نتيجة هذه الأفعال، وأن تقوم مؤسسات المجتمع المدني والجامعات والمساجد ووسائل الإعلام المختلفة والجمعيات بمكافحة هذه الظاهرة، لننعم بالأمن والسلام والاستقرار.
لا ننكر، أن من حق المواطن أن يفرح بما حققه من نجاح أو انجاز، ولكن عليه أن يعبر عن فرحته بصورة حضارية دون أن يتسبب بالأذى للآخرين، فحرية الإنسان تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، ويجب على الجميع الامتثال لدعوات الأجهزة الأمنية والالتزام بعدم إطلاق العيارات النارية، كي لا يجعلوا أفراحهم نكالاً ورزيئة على الآخرين.