صدى الشغب – كتب سالم المحادين
تربطني بأحد الأشخاص علاقة محدودة نوعًا ما، محدودة من حيث قوتها وفترتها الزمنية، كانت بداية تعارفنا عن طريق أحد أصدقائي القدامى، ثم سمحت الصدفة بعدها أن ألتقيه في جلسات جماعية لفترات قصيرة ومرات قليلة، لم تكف هذه المدة بالطبع لترسيخ أسس علاقة متينة حتى حينه.
وصل إلى مسامعي تعرضه لوعكة صحية قوية، بحثت عن رقم هاتفه واتصلت به، ألقيت عليه السلام واطمأنيت على حالته الصحية، دعوت له بالشفاء التام وعودته إلى كامل صحته وعافيته، استشعرت من رده فرحة غامرة وتقديرًا كبيرًا لسؤالي وتفقدي له.
مكالمة من ثلاث دقائق كانت كفيلة فيما بعد بتحسين العلاقة، ازداد تواصلنا أكثر، تبادلنا الأفكار والاهتمامات، كلما التقينا شخصيًا أو هاتفيًا أشعر أن الرجل ما زال يقدِّر كثيرًا مبادرتي ( العادية ) في الاتصال به والسؤال عن تطورات حالته الصحية.
ما أود قوله أن سوء العلاقات الاجتماعية وتدهور التواصل بين الناس وصل إلى مرحلة خطيرة من الجفاء، حتى بات السلوك الطبيعي من تقدير واحترام للآخرين أمرًا غريبًا ويستحق الشكر، مع أن المفروض هو وجود هذه الأساسيات الأصيلة البسيطة كخصال متبادلة بين الأشخاص كافة.
حياة الناس صعبة للغاية، تحيط بها المعوقات من كل جانب، ضغوطات معيشية، نفسية، مادية، سياسية، اجتماعية، لذا من المفترض تواجدنا في حياة بعضنا البعض كعناصر إيجابية تساهم في الحد من التفاصيل السلبية، أبسط الأشياء قد تساهم في رسم ابتسامة على وجه داست عليه الضغوطات، بلا رحمة.
لكل إنسان معاناته التي قد لا يدركها غيره، فلنكف أيضًا عن الاعتقادات الخاطئة التي تشير إلى سعادة أحدهم واكتمال جمال الحياة معه، كن أنت الفكرة الآمنة في رأسه القلق، لا تندب حظك ولا تقارن، القناعة أساس الرضى والركن الأهم في ( هداة البال )، تيقن بأن غيرك قد يحتاج المواساة لافتقاده ما مللت من امتلاكه، كما أشبِعَ هو كليًا مما قد ينقصك، ولكل امرئ حظه و رزقه.
في بداية أي علاقة بادر بالمحبة والاحترام، قد تفرض على الطرف الآخر مسارًا مميزًا من الأخلاق يتبعه بفضل خلقك محاولًا مجاراتك، دع الأيام تريك إن كان مستحقًا لما قدمت له من مودة، وإن لم يكن أهلًا لها فأنت أهل لما تمليه عليك فطرتك النقية من تقدير للآخر، ثم فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
salem.mahdeen@yahoo.com