صدى الشعب – تفاجأ رئيس وزراء إسرائيل، النتن، حسب تقرير لموقع «أكسيوس» الأمريكي، من اتصال هاتفي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أثناء زيارة الأول إلى العاصمة المجرية، يطلب منه القدوم إلى واشنطن، وبعد ساعات من ذلك صرّح ترامب للصحافيين أن النتن سيزوره «خلال الأسبوع القادم».
سبب المفاجأة أن المسؤولين الإسرائيليين كانوا يتوقعون أن تتم الزيارة في وقت لاحق من الشهر الجاري، أو خلال عيد الفصح اليهودي الذي يبدأ في 14 نيسان/ابريل المقبل.
لتنفيذ هذا الطلب المستعجل، كان على النتن الطلب من القضاة الذين يحاكمونه بتهم الفساد إلغاء جلسات استماع مخطط لها، وتوجّه بعد ذلك إلى المطار لتنفيذ الدعوة المستعجلة إلى «البيت الأبيض».
زار النتن ترامب في 4 شباط/فبراير الماضي وكان الأجنبي الأول الذي يلتقي ترامب منذ تنصيبه في كانون ثاني/يناير 2025، جاءت الزيارة بعد شهرين من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه.
لم يشكّل الأمر، حينها، عائقا قانونيا في أمريكا كونها من الدول غير الموقعة على الاعتراف بالمحكمة، على عكس المجر، التي لفلفت الإشكالية بالإعلان عن نيّتها الانسحاب من المحكمة.
عكست الزيارة الأولى الحظوة التي يتمتع بها النتن، وإسرائيل، لدى ترامب، والولايات المتحدة، وسمحت لرئيس وزراء إسرائيل بحلّ مشاكله داخل الحكومة، التي كان ممثلو اليمين الأقصى فيها يهددون بإسقاطها، وفي جعبته خطة لاستئناف الحرب على غزة في نهاية المرحلة الأولى من صفقة وقف إطلاق النار.
سيكون النتن، في زيارة اليوم، المسؤول الأجنبي الأول أيضا الذي يزور «البيت الأبيض» بعد إعلان ترامب لحرب الرسوم الجمركية ضد 180 من دول العالم، وهو ما دفع بعض وسائل الإعلام للاعتقاد أن هذه المسألة ستكون ضمن الملفات التي سيتم تباحثها، وذلك بعد إثارة النتن لهذه القضية على أمل الاستفادة من «الحظوة» الإسرائيلية لتأمين إعفاء من ترامب.
غير أن هذه النقطة لا يمكن أن تكون سبب «الاستعجال» في استدعاء النتن، فمن غير المعقول أن ترامب سيطلب مقابلة النتن لهذا الموضوع الذي لا يستحق العجلة، من جانبه على الأقل (!).
بحثت زيارة النتن الأولى لترامب الملف الإيراني، وملف حرب غزة (وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين) وواقع الحال يقول إن هذين الملفّين سيكونان على رأس جدول الأعمال، إضافة إلى ملفّين آخرين مرتبطين بهما، وهما ملفّ زيارة ترامب المقبلة إلى السعودية وقطر (وربما الإمارات، كما صرّح ترامب) وملف الهجمات الإسرائيلية على سوريا (ولبنان) وما تحمله من احتمالات نزاع مع تركيا (التي أجّل رئيسها رجب طيب اردوغان موعدين لزيارة واشنطن).
تواجه شعارات ترامب المتغطرسة، أثناء وبعد تولّيه السلطة، بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا خلال أيام، سقوطا مدويا، فيما تستمر الحرب على غزة بوتائر إبادة غير مسبوقة، وفوق ذلك فإن أمريكا قد بدأت بالتورّط تدريجيا في قصف وتدمير اليمن، وتقوم بحشد أساطيلها وتعزيز قواعدها في الشرق الأوسط والمحيط الهندي، مما يزيد احتمالات وقوع حرب مع إيران.
إضافة إلى كل ذلك فإن إدارة ترامب، تواجه، بعد إعلان الرسوم، عاصفة اقتصادية هائلة بدأت تداعياتها تظهر على الاقتصاد الأمريكي (وبالتالي على حظوظ الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية العام المقبل).
يتقاطع انفلات خيوط السيناريوهات الحربية، والاضطرابات الاقتصادية العالمية، على شاشات ترامب، مع التغوّل الإسرائيلي في فلسطين وسوريا ولبنان، ويحمل «استعجال» ترامب للنتن خيارين: الأول، يقوم على محاولة الحد من الخسائر الأمريكية المتوقعة، عبر صيغة يمكن لدول الخليج العربي أن تلعب دوراً مهماً فيها، وتقوم على تسوية، ولو مؤقتة، توقف حرب الإبادة على غزة وتطلق بعض الأسرى الإسرائيليين؛ وعلى ضبط التغوّل الإسرائيلي على سوريا ولبنان… أو ترفع مستوى التغوّل الأمريكي ـ الإسرائيلي مما يسقط كل خيارات التسوية، ويتجه بحرب ضد إيران، ويفاقم الهجمات على سوريا ولبنان، ويصعّد النزاع مع تركيا.
“القدس العربي”