عدد حالات الطلاق بلغ 262 حالة في أول أسبوع من رمضان
صدى الشعب ـ فايز الشاقلدي \ندى جمال
عودة تاهيل المقبلين على الزواج بعد توقفها لنحو عامين بسبب جائحة كورونا
الأسرة هي لبنة المجتمع، فصلاحه من صلاحها وفساده من فسادها. والفرد هو لبنة الأسرة وعليه تبنى أعمدتها، وعلى قيمه ودوافعه تحدد أهدافها وغاياتها.. من هؤلاء من تكون دوافعه دنيا فتتمحور أهداف زواجه حول رغباته وشهواته حتى إذا أفرغها لا يهتم بعد ذلك بتربية أولاده أو هدايتهم إلا بقليل من الحرج حفاظاً على ماء وجهه أمام الناس أو محافظاً على تقاليد ظاهرية لا تمت للجوهر بصلة.. وآخر تكون دوافعه عليا فيستهدف من زواجه بناء لبنة قوية فعالة مؤثرة في المجتمع، من أهدافه حسن تربية الأبناء عملاً وخلقاً وديناً يلقي بهم في المجتمع فإذا بهم الدعاة والمصلحون والمتفوقون والقادة فيصلحون دنياهم ومجتمعهم، ولكي تتحقق هذه الأهداف لابد وأن نتعلم المهارات التي تساعدنا على تحقيق ذلك بنجاح.
فمن هذا المنطلق تسعى دائرة قاضي القضاة إلى عقد دورات تدريبية للمقبلين على الزواج لسنة 2023 ، لتأهيل الزوجين و إكسابهم المهارات الحياتية ، التي تضمن وجود المعرفة الأساسية واللازمة لنجاحهما في الحياة الزوجية ، وزرع وتمكين الشباب والشابات بإختيار شريك حياته بناءً على أسس علمية وصحيحة لضمان الديمومة والاستمرارية في بناء الاسرة .
وقال الدكتور أشرف العمري في دائرة قاضي القضاة ، من خلال رده على استفسارات ” صدى الشعب ” ، عقد دورات للمقبلين على الزواج وفقا لأحكام هذه التعليمات تهدف إلى إكسابهم المهارات والمعرفة الأساسية اللازمة لحفظ كيان الأسرة واستقرارها وإنجاحها وتقوية أواصرها ، بحسب المادة (3): يتولى معهد القضاء الشرعي تنفيذ دورات المقبلين على الزواج ،و تتولى اللجنة العلمية في معهد القضاء الشرعي اعتماد منهاج الدورات ووسائلها والمواد العلمية ومتطلبات اجتيازها.
وأكد العمري أن عقد هذه الدورات سيكون في مقر معهد القضاء الشرعي أو في أي مكان آخر يعتمده قاضي القضاة لهذه الغاية ، ويكون التدريب إما وجاهياً أو عن بعد أو بشكل مدمج ، مع مراعات أحتياجات الاشخاص ذوي الإعاقة في عقد الدورات .
وذكر ان سيتم منح شهادات علمية بحسب المادة (7) من قانون الاحوال الشخصية ،و لقاضي القضاة اعتماد جهات محلية مختصة لإعطاء الدورات ومنح الشهادات على أن يكون التنفيذ تحت إشراف معهد القضاء الشرعي وبموجب مذكرات تفاهم تعقد مع تلك الجهات .
وأشار العمري ، أن الدورة ستكون ” إجبارية ” للمقبلين على الزواج دون سن 18 عاماً كشرط جديد لمنح الإذن بالزواج ، بينما ستكون إختيارية لمن هم فوق 18 عاماً .
ونوه إلى أنه في حال كان أحد طرفي عقد الزواج دون سن 18 عاما، على الطرف الآخر في العقد بغض النظر عن عمره أخذ هذه الدورة إجباريا كشرط جديد من تعليمات منح الإذن بالزواج لمن هم دون سن 18 عاما.
ونوه إلى أن معهد القضاء الشرعي سيعمل على توفير التمويل اللازم لانجاح هذه الدورات، وعودتها لسابق عهدها كما كانت قبل جائحة كورونا.
وبين أن دورات تأهيل المقبلين على الزواج كانت تعقد وجاهياً قبل الجائحة، وفي بعض مناطق ومحافظات المملكة، بينما ستكون الآن متاحة للجميع عبر منصات تعليمية يعلن عنها في حينه .
ففي مرحلة معينة يسعى اصحابُ الاختصاص لتقديم الدعم النفسي ما قبل الزواج ، فلا بد و أن نضع مجموعة من القيم التي ستسير عليها الحياة والأسرة ، و بحسب أستاذ علم النفس الدكتور حسين الخزاعي ، نهدف لتحقيق المهارات ، و كما نهدف لجمع الأموال التي تؤهلنا للزواج، وهذه لا تقل أهمية عن تلك. ومن هذه المهارات التعامل كزوج وكوالد بالنسبة للرجل وكذلك مهارات الزوجة والأم بالنسبة للمرأة .
وأشار الدكتور حسين الخزاعي ألاستاذ في علم النفس ، الى ضرورة التعرف الى طبيعة المرأة واحتياجاتها النفسية وكيفية تقديم الدعم النفسي لها في لحظات احتياجها ، ولا بد ايضاً أن يتعلم فن التغافل والتسامح وطرق التودد وفن الإنصات والتشجيع ، ولا بد ان يتقن فن الحوار والتفاهم والوصول لحل وسط وأن يتقن فن الحب وغرس الثقة بين افراد العائلة.
موضحاً أن مثل هذه الدورات تتضمن محاور شرعية قانونية ونفسية وإجتماعية وإقتصادية وصحية لتخفيف نسب الطلاق وتمكين الشباب والشابات بإختيار شريك حياته بناءً على أسس علمية .
وعلى صعيد متصل أكد الخزاعي أن الزواج مؤسسة مكتملة يجب على الشريكين تحمل المسؤوليات فيها ، من خلال ظبط موازنة الاسرة لتحقيق أقصى قدر من التوازن بين إيراداتها ومصروفاتها ، فالمصارحة بين الزوجين بخصوص الامور المادية تستطيع تأمين علاقتهما مستقبلاً ، وهذا ما تسعى إليه مثل هذه الدورات وهي الديمومة في الحياة الزوجية القائمة على حقيقه الزوجين .
ودعا الخزاعي إلى ضرورة عدم إدارة الاسرة من خلال ” التقليد الاعمى ” الذي يلعب في عالمنا العربي دور البطولة ، إزاء هذا العنف الاسري حين تعطي عائل الاسرة رجل أو إمرأة الحق في تأديب الابناء بمعزل عن الرحمة والحكمة ، فعامل العصبية والتقليد الاعمى رفع نسبة الطلاق في رمضان خلال أسبوع واحد الى 262 حالة طلاق ، بينما مثل هذه الدورات تقنن من دور العادات والتقاليد التي تهدد آمن واستقرار المجتمع والاسرة .
كثير من المتخصصين في القضايا الأسرية،ومن بينهم الدكتورة لينا عاشور دكتورة الإرشاد الاسري والتوجيه التربوي ، يَرون أن من الأسباب الرئيسة لوقوع الطلاق يعود إلى قصور في فهم الحياة الزوجية، وعدم تثقيف الأزواج فيما تعنيه هذه الحياة، وغياب معرفة كل منهم لحقوقه وواجباته. من هنا، كانت ضرورة التثقيف اللازم التي قامت بها دائرة قاضي القضاء ، المُعرّف لمن لم تخبره الحياة بتجاربها بعدُ. فغالبًا “ما يسمى الزواج بالحياة الزوجية، وفِعلًا هي حياة”. هي حياة بكل تفاصيلها، لها قواعد مُسيِّرة يجب إدراكها واستشعار أهميتها. هي حياة تَجمع بين نفسَين ينبثق منهما أسرة، وهي حياة تتطلَّب من كلٍّ منهما ملازمة إنسان جديد له حقوق وعليه واجبات. هي حياة جديدة فيها مسؤوليات. فإنْ كانت هذه هي الحياة الزوجية، فكيف يخوض غمارها مَن جَهل أسرارها، وعوامل صمودها في وجه التحديات التي تَكبر مع تطور العصر وتقدُّمه؟ وكيف لهذه الحياة أن تصمد وتستمر ويُحافَظ عليها، والشريكان لا يَعرفان مقاصدها وأهدافها؟
تصميم برامج ودورات تدريبية مختصة ، تساعد المقبلين أو المقبلات على الزواج على فهم مسؤولياته وأبعاده، ومهارات حل الخلافات وإدارة الأسرة. ومن هنا عبرت ، ” ام محمد زريقات ” بقولها
“اتمنى لو هذا القرار ينفذ وبسرعه. وانها مبادرة مفيدة من الجهات المعنية ..لان المعلومات التي يتعلمها شبابنا وبناتنا أصبحت من الانترنت ومواقع التواصل الإجتماعي التي تركز على جانب وتترك جوانب اخرى .. او تحتوي على تصرفات دخيله على مجتمعنا العربي والاسلامي ..
بينما مثل هذه الدورات على ايدي مختصين على دراية وثقافة كافية ، ومتطلبات الزواج واسسه .. وكيفية التصرف بمواقف عديده ..
اشعر ان ابناءنا سيكونو بين ايدي امينه . ولا خوف عليهم بعد ذلك” .
ثم إنّ القول بجواز اشتراط الدورات التدريبية للمقبلين على الزواج، يتفق مع جملة من القواعد الشرعية، بحسب طالب الهندسة عبد الله خلف ” الوسائل لها أحكام المقاصد” فالتثقيف المسبق للأزواج هو وسيلة إلى تحقيق غاية مشروعة، هي حفظ تماسك الأسرة وتربية الأولاد تربية سليمة ” ،
واستياء الشاب وليد الساحوري من خلال ما وصفه بالتجربة الفاشلة قال ان ” هناك خلل كبير في التربية وهناك غش في الزواج ” لعل مثل هذه الدورات ، تصلح الخلل والنقص في بيوت الاهل .. ربما يصبح لدى الشاب خصوصا بعض الوعي ليراعي مخافة الله في زوجته وكيف تعامل الزوجة زوجها .. وان يعلمان كلاهما كيف يعاملان بعضهما البعض دون اللجوء للطاعه العمياء لأقاربه .
بدوره الدكتور علي منصور المحامي الشرعي ، أوضح أن هذه الدورات كانت قد بدأت قبل جائحة كورونا وقد لاقت إقبالاً واسعاً ، وهي ليست نهجاً جديداً كما يعتقد البعض ، لكن الجديد إلزامية هذه الدورات لمن هن دون سن الثامنة عشر ، خاصة أن عقد الزواج له آثار وحقوق وتبعات قانونية لا بد من معرفتها قبل الإقبال على الزواج ، مؤكداً ان معهد القضاء قد أعد الجاهزية من مباني لمثل هذه الدورات ووجود مواد قانونية ناظمة وكوادر مؤهلة ، وبين أنه لا يوجد أي عقبات تحول دون البدء بتنفيذ مثل هذه الدورات ، ولن تكون مجهدة للمقبلين على الزواج من حيث الوقت والجهد والمادة .
واعتبر عدد من نواب البرلمان، أن ذلك الاقتراح سيكون فرصة للحفاظ على الكيان الأسري ، وذلك بعد وصول عدد حالات الطلاق إلى الانخفاض . وأكثر حالات الطلاق تكون فى الفترة الأولى للزواج من أول سنة إلى 3 سنوات من فترة الزواج ،وتقول النائب أسماء الرواحنه أن قرار مجلس النواب جاء بعد ارتفاع نسب الطلاق، ويستهدف فرض دورات تأهيلية للمقبلين على الزواج ويجب ايضاً ان يكون شرط من شروط إتمام عقد الزواج .
ختامًا، إن انتقال الإنسان من مرحلة العزوبية إلى مرحلة الزواج، يوجب عليه التزود بالمعرفة، وبالثقافة المؤهلة لنجاح هذه المرحلة، عارفًا ما عليه وما له ، مستفيدًا من تجارب الآخرين ، أما خوض هذه المرحلة دون إعداد، فهو خوض في المجهول، كمَن يُبْحر بسفينة وهو يجهل قانون الملاحة ، فقد ينجح وقد يُخفق، وربما الأخير أقرب إليه من الأول ، وما دام قد اتَّضح للمعنيين أن أحد أسباب انتشار الطلاق في المجتمع، هو نقص الثقافة الزوجية عند المقبلين عليه، وأن الدورات التحضيرية لهم او لهن هي عامل مقلِّل لنسب الطلاق، فلِمَ لا تضع الدولة قانونًا ينظمها ويجعلها متطلَّبًا “إجباريًّا” لإتمام عقد الزواج؟