أولى خطوات العلاج، تشخيص المرض بشكل صحيح، ووصف العلاج الملائم، وتقبّل المريض العلاج ولو كان مُرّاً.
يجب أن نعترف بوجود خلل في نظامنا التعليمي، والدليل على ذلك ركاكة المخرجات، وتباعدها عن واقع الحياة.
لقد أُحرز التعليم في وطننا العربي مواكبة شكلية لجديد التكنولوجيا والتطور الرقمي، لكنه لم يُحسن توظيف ذلك في إكساب الطلاب مهارات التعامل مع الحياة.
وتستطيع أن تلاحظ ذلك من خلال تعاملك مع أبنائك أو الموظفين الجدد في مكان عملك من حديثي التخرج.
لا يكفي لعلاج هذا الخلل، الاقتصار على استدامة تغيير المناهج لتستوعب جديد العلم ومستجدات الأحداث، ولا يفيدنا زيادة كم الكتب المقررة، والوحدات المضافة، وإنما نحن بحاجة لزيادة مساحة التعليم التطبيقي، على حساب النظري، وإخراج الطالب من انغلاق الغرفة الصفية إلى فضاء الحياة بتنوعها، وإكسابه المهارات الحياتية ممارسة بدءًا بالوقوف والحركة، والكلام والصمت، وليس انتهاءًا بالابتكار والإنتاج.
تعليمنا ناقص، طالما هرمه مقلوب، يحتل قاعدته المنهاج الورقي، والكم المعلوماتي، ولا يُشغل قمته سوى بضع تطبيقات لا يتوفر لها البيئة المناسبة سواء بالمكان أو الأدوات.
حاجتنا ماسّة لاستيفاء التعليم بكل مراحله، من خلال تطور البرامج التطبيقية ونموها، للوصل إلى مرحلة المدرسة التطبيقية الشاملة.
فمهارات القراءة والكتابة، لا تعني شيئاً طالما يعجز مالكها عن توظيفها في حياته، وطالما لا تكسبه القدرة على التعامل مع الأشياء.
ثمة جهود مبذولة للتطوير لا ننكرها، ولكننا بحاجة إلى بذل جهود إجرائية أكثر فاعلية، لتحقيق قفزات تخرجنا من مستنقع الفاقد المهاري الذي أغفلناه، وأشغلنا أنفسنا وأوقفنا جميع طاقاتنا عند جزئية الفاقد التعليمي.
إنّ ما يعانيه أبناؤنا من فقر بالخبرات والمعارف والمهارات لا يعالجه زيادة الكم بالمعلومات، بل بحاجة إلى مناهج مدججة بالعمليات التفاعلية.
التعليم ليس هدفاً بحدّ ذاته، ولا مجرّد أداة للتطوير أو رافعة لتحسين ظروف المعيشة للإنسان، وإنما هو حياة بكل ما تحتويها من عمل واداء إنساني شامل، ينشر الوعي والمعرفة، ويكسب المهارة والقدرة، ضمن إطار الثوابت والأخلاق الوطنية، وبما يتلاءم وحاجات المجتمع للنهوض، وعجلة الاقتصاد للدوران، والأمر ليس بتلك الصعوبة التي يوهمنا بها البعض، فالعلاج متوفر إن اعترفنا بالمرض، وتقبلنا العلاج.