حازم الخالدي
لم يكن انسحاب جيش الاحتلال الاسرائيلي من بعض مناطق غزة مستغربا، بعد فشل حكومة الاحتلال من تحقيق أي من أهدافها التي أعلنت عنها في بداية الحرب ، ولكنه انسحاب يثير المخاوف والتكهنات؛ لتحويل هذا الفشل أو الهزيمة التي كادت أن تعلنها إلى نوع من الانتصار، الذي كانت تبحث عنه ” إسرائيل” منذ بداية حربها قبل 91 يوما ولم يتحقق.
هذا الانسحاب تبعه أيضا انسحابات لسفن حربية أميركية من منطقة البحر الأحمر، وسيتبع ذلك بحسب ما ذكرت تقارير إخبارية مغادرة حاملة الطائرات (جيرالد فورد)، مع قوة المهام الخاصة منطقة الشرق الأوسط، وستترك حاملة طائرات واحدة وهي (إيزنهاور) في المنطقة، وهذا يدل بكل وضوح، أن الأزمة تزداد صعوبة بالنسبة للكيان المحتل والولايات المتحدة الأميركية، حيث يخططان معا في هذه الحرب الشرسة التي يمكن أن تمتد إلى مناطق أخرى.
لذلك لن نستغرب من الكيان الصهيوني أن يلجأ الى الحيلة والغدر وتبديل الأقنعة وسياسة الاغتيالات.. وحشية الاحتلال ، تجعله يمعن بالقتل والإرهاب والإبادة الجماعية وتدمير مختلف المكونات الحياتية، فجنوده مرتزقة من كل الاجناس،فهم لا يتصرفون كبشر ولا يعتبرون من أمامهم من البشر.. فهم ينتقلون في الحرب من ساحة المعركة التي خسروها في غزة إلى ساحات أخرى أثبتت على مدى الصراع العربي الإٍسرائيلي أنها ساحات للقتل والإرهاب والاغتيالات، لذلك يعيدون النهج الارهابي الذي كانوا يتبعونه أيام كانت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت في السبعينيات من القرن الماضي، حيث تم اغتيال العديد من القادة الفلسطينيين منهم كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار وغيرهم من القادة.. فلم تكن “إسرائيل ” تترك ساحة في المنطقة وتستطيع أن تنفذ منها لعوامل كثيرة، إلا واتجهت اليها لاغتيال القادة الفلسطينيين ، حتى أنها وصلت إلى أبرز القادة الفلسطينيين وأهمهم كما في حادثة اغتيال أبو جهاد في بيته في تونس.
للأسف أن “إسرائيل” في عملياتها تنجح في الاغتيالات عن طريق العملاء والجواسيس الذين تسدل بهم إلى أي مكان تريده ، فيما حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي أدارت معركة غزة بكل نجاح واقتدار جعلت الشعوب العربية تنتظر إعلان النصر، كانت في مرحلة غفوة من التنبه إلى هذه الخديعة التي تتبعها ” إسرائيل” ، وأعلن عنها رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، بأن الأجهزة الاسرائيلية ستصل إلى قادة حماس في أي مكان، وكأن التحذيرات لم تؤخذ بصورة جدية.
لأن العالم الآن في حالة صمت، وليس هناك عدالة على الاطلاق في هذا العالم ، “إسرائيل” تمعن في القتل والإجرام والاغتيال.
حادثة اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية صالح العاروري الذي اغتالته ” إسرائيل” في الضاحية الجنوبية في بيروت ، تعيد حقبة الاغتيالات التي كان يقوم بها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي.. والخوف أن تتكرر هذه الاغتيالات وتجعلنا نعيش خيبة الهزائم .