صدى الشعب – بوصفها واحة سوداء مرصعة بالأحجار البازلتية، تجذب مدينة «أم الجمال» الأثرية في الأردن آلاف السائحين سنويا، إذ تعد موقعا تاريخيا يفوح بعبق التراث الثقافي والحضاري.
وتقع «أم الجمال» الأثرية على بعد 86 كيلومترا من العاصمة عمان، وإلى الشرق من صحراء محافظة المفرق (شمال شرق) قرب الحدود السورية، بمساحة إجمالية تصل نحو 5 كيلومترات مربعة.
وتتسم المدينة التاريخية بأحجارها البازلتية السوداء، التي يعود تاريخها إلى العصر النبطي الروماني البيزنطي، حيث تعد من أقدم المواقع التاريخية بالأردن، التي تعاقبت عليها حضارات ممتدة على مدى قرون.
وتُعرف مدينة «أم الجمال» بلقب «الواحة السوداء» نسبة إلى لون صخورها البركانية، كما تتسم بكثرة تواجد الجمال (الإبل) وتعد أيضا موقعا نشطا للبحوث الأثرية والتراث الثقافي.
ويعود تاريخ الأبنية في المدينة الأثرية إلى أكثر من 2000 عام، حيث استوطنها الأنباط والرومان والبيزنطيون والأمويون والعباسيون.
واشتهرت المدينة تاريخيا بأنها ملتقى للطرق التي ربطت فلسطين والأردن بسوريا والعراق، حيث تعد محطة في منتصف طريق «تراجان» الواصل بين عمان والبصرة أو دمشق والبصرة.
وبنقوش نبطية ويونانية ولاتينية وعربية، تتوسط مدينة «أم الجمال» 3 وديان تمتد من المنحدرات الجنوبية إلى جبل العرب، وتضم معبدا و17 كنيسة و3 مساجد و33 بركة وخزانا لتجميع المياه.
وتشير دراسات تاريخية إلى تعرض «أم الجمال» لزلزال مدمر عام 749 للميلاد، ما أدى إلى تهدم معظم أبنيتها، لكن الأمويين أعادوا بناء أجزاء واسعة منها، ولا تزال أعمال الترميم مستمرة، عبر مشاريع حكومية بخبراء أردنيين وأجانب.
وتضم المدينة الأثرية مواقع دينية استثنائية، أبرزها كنيسة «يوليانوس» التي تعد أقدم كنيسة في المنطقة، كما تحوي نقشين عربيين يعودان لفترة ما قبل الإسلام.
وقالت نجد مزاهرة، المشرفة التابعة لدائرة الآثار العامة في الأردن (حكومية) إن النقش العربي الأول كتب باللغة السريانية، وجاء فيه «إن هذا النقش إحياء لذكرى فهر بن سالي، الذي كان مدرسا لجذيمة ملك تنوخ» وهو من ممالك الغساسنة الذين حاربتهم الملكة زنوبيا عندما جاءت من تدمر ثأرا لزوجها.
أما النقش العربي الثاني، فهو شاهد لقبر كتب بالخط الكوفي دون تنقيط، وجاء فيه «الله اغفر لأليه بن عبيدة كاتب العبيد أعلى بني عمري وليتنبه عليه من يقرؤه».
وأضافت مزاهرة أن مدينة «أم الجمال» تحوي ثكنة عسكرية وكنائس ترجع إلى العصر البيزنطي، وخزانا مائيا وحوالي 33 بركة، تعود للعصور الرومانية والنبطية، إضافة إلى محكمة وأسوار وبوابة كومودوس (الإمبراطور الروماني).
وتابعت أن المدينة تجذب آلاف السياح من كافة دول العالم سنويا؛ كما تسعى السلطات الأردنية إلى إدراجها في قائمة التراث العالمي؛ نظرا لقيمتها الأثرية والتاريخية.
وأشارت إلى أن وزارة السياحة الأردنية أضافت متحفا داخل غرف البيت الأموي، يحوي مقتنيات ثمينة جرى العثور عليها عبر حفريات في ستينيات القرن الماضي.
وتضم محافظة المفرق الأردنية (شمال شرق) 14 موقعا أثريا، فضلا عن وجود عشرات المواقع الأخرى التي جرى توثيقها، بعد القيام بأعمال مسحية أثرية.
ويضم الأردن وفق إحصاءات رسمية نحو 100 ألف موقع أثري وسياحي، تتوزع في 12 محافظة في البلاد.