الحكومة والنواب اختبارات وتحديات في ظل “كورونا”

بانضباط ودبلوماسية عالية هندس رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز التفاهمات والتوافقات المتعلقة بتوزيع المواقع القيادية في «مجلس الملك» – موقع النائب الأول والثاني للرئيس- وكذلك الأمر لرؤساء ومقرري اللجان المختلفة.
بذل الفايز بالتنسيق والتعاون مع «قدامى الأعيان» جهودا لإنجاز هذا التمرين والتسويات بهدوء، ودون ضوضاء واختلافات حادة، لكن هذا التوجه لم يخل من انتقادات وتشكيك بشرعية ودستورية هذه الإجراءات التي تسبق الانعقاد الرسمي لمجلس الأمة، والتأشير الى مخالفة المادة 66 من الدستور التي تنص» يجتمع مجلس الأعيان عند اجتماع مجلس النواب وتكون ادوار الانعقاد واحدة للمجلسين».
هذه المخاوف والشكوك يدركها المخضرمون في مجلس الأعيان، ولهذا يؤكدون ان الإجراءات التي اتخذت شكلية وليست أكثر من تفاهمات، وسيصادق الأعيان عند انعقاده تحت القبة على كل ما سبق لإضفاء الشرعية والدستورية.
تحضيرات الأعيان رغم سلاستها لم تمر دون ارتفاع أصوات تطالب بإجراء انتخابات للجان والمواقع القيادية، وهو توجه خارج التقاليد والأعراف السائدة، ولا يعدو سوى حماس للتغيير في قواعد اللعبة والإدارة في ظل انتقادات صارت مسموعة لتشكيلة مجلس الأعيان.
ترتيب الأمور وضبطها في مجلس الأعيان لا تقابله نفس الصورة لترتيب البيت الداخلي لمجلس النواب، رغم المؤشرات الأولية التي تتحدث عن تفاهمات اقتربت من الإنجاز حول موقع رئيس المجلس ونائبه الأول.
خطاب العرش وبدء عمل مجلس النواب يأتيان في ظل ظروف وتحديات لم تحدث في تاريخ الأردن، فانعقاد المجلس بعد توقف أعمال المجلس السابق منذ بداية جائحة كورونا في منتصف شهر آذار الماضي يفرض تدابير غير معهودة، ويضع قيودا على آليات عمل المجلس وحركته، وتفاعله مع السلطة التنفيذية.
في جلسة افتتاح مجلس النواب وضع سيناريو محدد لخطاب العرش، وسيقتصر الحضور تحت القبة على النواب، في حين سيجلس الأعيان والحكومة في الشرفات للالتزام بالتباعد الجسدي وتقليص الازدحام، ولكن الأمر يتعدى جلسة الافتتاح الى ما بعدها، فكيف سيضمن مجلس النواب استمرارية عمله في ظل وجود 130 نائبا مع رئيس الحكومة و30 وزيراً تحت القبة؟
حراك وعمل مجلس النواب يفرض احتكاكا مباشرا، فماذا لو أصيب أي منهم / منهن بفيروس كورونا، هل ستتوقف جلسات مجلس النواب التزاما بفترة الحجر المنزلي للمصابين والمخالطين، وهل بحثت قانونية ودستورية عقد جلسات للمجلس خارج القبة وعبر تقنية الاتصال المرئي مثلا؟
فيروس كورونا سيفرض تدابير معقدة لا سابق لها، ووجود 98 نائبا جديدا تحت القبة سيزيد من فرص المفاجآت، وسيخضع الحكومة لمطبات غير متوقعة، وسيزيد العبء على الفريق الوزاري الذي سيتولى مهمة التنسيق والتفاهم مع النواب.
أول الاختبارات انتخابات رئاسة مجلس النواب ونوابه ومساعديه ورؤساء ومقرري اللجان، ولا ينظر لهذا الصراع بمعزل عن توجهات الحكومة واجهزة الدولة، فالحسابات للانتخاب والاختيار ليست شأنا داخليا نيابيا، وتخضع هذه العملية لمفاوضات ومقايضات وصفقات تراعي التوازنات، واجندة الدولة وتصوراتها للمرحلة المقبلة.
الحسابات في الانحياز لرئيس من الاسماء المرشحة ليس سهلاً، واستبعاد بعض الاسماء له كلفة في مجلس قيد التشكل، ورغم التسريبات التي ترجح كفة اسم على حساب الاخرين، فان الامر لم يبت بشكل نهائي.
الحكومة التي تريد نسج علاقات مع مجلس النواب تجنبها الازمات والعواصف السياسية تعرف ان الامر شائك، والمهمة كالسير على الرمال المتحركة، وهذا يفرض على الثلاثي «توفيق كريشان، موسى المعايطة، ومحمود الخرابشة» القدرة على بناء الثقة، وابرام هدنة، وتطويع من يجدفون عكس التوجهات.
بعد 30 يوما من افتتاح الدورة البرلمانية غير العادية ستكون حكومة د. بشر الخصاونة مطالبة بتقديم بيانها الوزاري الذي ستنال بموجبه الثقة، غير انها فرصة لاستكشاف طريقة تفكير أعضاء المجلس النيابي واتجاهاتهم.
مهمة السلطة التنفيذية صعبة، فمنذ بداية جائحة كورونا تولت زمام الأمور منفردة، ولم تخضع كل إجراءاتها بالحظر والإغلاق وأوامر الدفاع للمراجعة والرقابة، وكانت تلعب وحدها، وهي اليوم ستسأل عما فعلت وستفعل، وما هي خطتها للإنقاذ في ظل ظروف صحية واقتصادية صعبة وحرجة؟

أخبار أخرى