صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
احتفل الأردن والعالم أمس السبت بـ”اليوم العالمي للمعلمين” تحت شعار “تقدير أصوات المعلمين: نحو إبرام عقد اجتماعي جديد للتعليم، الذي اختارته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لهذا العام،
وينظم اليوم العالمي للمعلمين سنوياً في الـ5 من تشرين الأول (أكتوبر) منذ العام 1994، لإحياء ذكرى توقيع توصية “اليونسكو” ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المدرسين.
وتضع هذه التوصية مؤشرات مرجعية تتعلق بحقوق ومسؤوليات المعلمين، ومعايير إعدادهم الأولي وتدريبهم اللاحق، وحشدهم، وتوظيفهم، وظروف التعليم والتعلم.
أما توصية اليونسكو بشأن أوضاع هيئات التدريس في التعليم العالي فقد اُعتمدت في عام 1997 لتكمِّل توصية عام 1966 فيما يخص أوضاع هيئات التدريس والبحوث في التعليم العالي.
هذه اليوم السنوي، الذي ينظمه منظمات دولية مثل منظمة العمل ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، يسلط الضوء على أهمية المعلم في عملية التعليم وأثره على التنمية المستدامة.
في السياق المحلي، شهد الأردن تقدمًا ملحوظًا في مجال التعليم خلال السنوات الأخيرة، فقد استثمرت المملكة بشكل كبير في تحديث نظام التعليم، حيث تم التركيز على تطوير مهارات المعلمين وتحسين ظروفهم العملية، وقد أصبحت جهود تعزيز كفاءة المعلمين جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجيات الوطنية لتحقيق تعليم أفضل.
مبادرة جلالة الملكة رانيا العبدالله
وتقديراً لهذا الدور الحيوي، أطلقت جلالة الملكة رانيا العبدالله في عام 2005 مبادرة سامية لتأسيس جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي.
وتسعى الجمعية إلى غرس ثقافة التميز في التعليم الأردني، من خلال تسليط الضوء على الإنجازات البارزة للمعلمين والمبادرات التعليمية الرائدة التي تسهم في تحسين البيئة التعليمية.
وتعمل الجمعية، من أجل تعزيز روح التميز والإبداع في المدارس، كما تسعى الجمعية إلى إنشاء شبكات تفاعلية بين المعلمين والممارسين في القطاع التعليمي، بهدف تبادل الخبرات وتعزيز التعاون.
تحفيز الابتكار والجودة
تُكرّم الجمعية المعلمين والمدارس الذين يظهرون تفوقاً وابتكاراً في مجالاتهم، حيث تُعتبر هذه الجائزة محفزاً رئيسياً لتعزيز الجودة التعليمية من خلال تكريم المتميزين.
وتسعى الجمعية إلى إلهام الآخرين وتحفيزهم على تقديم المزيد من الأفكار والممارسات المبتكرة التي تُسهم في تطوير التعليم، ويقام حفل سنوي يُهدى فيه الجوائز للمعلمين الذين حققوا إنجازات مميزة.
قصص نجاح تلهم
وأكد معلمون فائزون بجائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، أهمية دور المعلم في بناء المجتمع، مشيرين إلى ضرورة تحفيز الطلاب على التفكير النقدي والإبداعي.
وبينوا أن دعم المجتمع وأولياء الأمور يعزز من نجاح العملية التعليمية، مؤكدين على أن كل تحد يمكن تحويله إلى فرصة للتغيير، وأن التعليم هو المفتاح لتحقيق أحلام الطلاب وبناء مستقبل أفضل.
المعلمة نور الجوابرة:
'التحديات تصنع الفرص لتحقيق النجاح'
وعبرت المعلمة نور الجوابرة الحاصلة على جائزة الملكة رانيا للمعلم عن الفئة الأولى أ عن مشاعر الفخر والاعتزاز التي تشعر بها عندما تقدر من قبل طلبتها وزميلاتها، حيث اعتبرت ذلك دافعًا لمزيد من الجهد والعطاء في مجال التعليم.
وقالت الجوابرة: “في هذا اليوم، أشكر سدنة العلم وورثة الأنبياء، وحماة الفكر، وشكر خاص لطلبتي الذين سمحوا لي بأن أعطي من القلب إلى القلب”.
وأضافت: “كل تحدٍ أواجهه أراه فرصة للعمل والتغيير. فكل موقف يمر عليّ هو فرصة لنشر الخير.”* وأشارت إلى تجربتها الشخصية مع أحد طلابها الذي يعاني من مرض السكري، حيث قالت: “لم أتوانى لحظة عن اعتباره ابني، كنت أحرص يوميًا على فحص مستوى السكر في دمه، وقمت بتوفير جهاز خاص لقياسه بالتعاون مع أهل الخير. كما اهتممت بنظامه الغذائي وتواصلت باستمرار مع والديه”.
لجهود التي بذلتها الجوابرة لم تتوقف عند هذا الحد، حيث قامت أيضًا ببناء خطة للدعم النفسي للطالب، ومنحته أدوارًا قيادية في الصف لمساعدته على تعزيز ثقته بنفسه.
وأوضحت: “اليوم، أرى الطالب يتمتع بصحة جيدة، وأستمر في التواصل مع طبيبه الخاص. كما أتابع حالته الصحية خلال ساعات الدوام وبعدها. إنني أدعو كل معلم ومعلمة إلى الالتفات لحاجات طلابهم، لأن ذلك قد يضيء دربهم ويغير مسار حياتهم”.
وفي إطار استراتيجيتها التعليمية، أكدت الجوابرة أنها تسعى دائمًا لتحفيز طلبتها على المشاركة في الفعاليات والمناسبات التي تعزز من دورهم القيادي.
وأوضحت: “في بداية كل عام، أتعرف على هوايات الطلاب وقوتهم ونقاط تحسينهم، وأقوم بإعطائهم مهامًا لإبراز قدراتهم.”
كما تسعى الجوابرة إلى خلق بيئة تعليمية إيجابية وشاملة يشعر فيها الطلاب بالتقدير والاحترام، مستخدمة التعزيز الإيجابي كوسيلة لتحفيزهم.
وقالت: “أحول دور الطلاب في الفعاليات إلى دور جاذب وتفاعلي بناءً على قدراتهم ومواهبهم، وأخلق شعورًا بالانتماء من خلال كوني نموذجًا يُحتذى به في العمل والحب. أحفزهم على التعاون ودعم بعضهم البعض.”
وفي رسالتها لطلابها بمناسبة يوم المعلم، قالت نور: “أعزائي الطلاب، من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له طريقًا إلى الجنة.”
ودعتهم إلى أن يكون لديهم أهداف نبيلة يسعون لتحقيقها، وأن يكونوا عناصر فاعلة في المجتمع. وأضافت: “تذكروا أن العلم والعمل هما اللذان تنهض بهما الأمم، وأنتم الأمل القادم في التغيير.”
وأكدت على أهمية استثمار الوقت بما يرضي الله ويعود بالنفع على الوطن، مشددة على أن الطلبة هم خير سفراء لبلدهم ودينهم وعائلاتهم، موجهة إليهم بعبارات الثناء قائلة: “معكم نبقى ونتقدم، ومعًا نصل آمنين.”
المعلمة عبير عقيل:
التعليم هو مفتاح تحقيق التنمية والتقدم
من جهتها أبدت المعلمة عبير عقيل، الحائزة على جائزة المعلم المتميز في الفئة الأولى والمركز الأول لعام 2019، فخرها بمسيرتها التعليمية ورؤيتها لتطوير المجتمع من خلال التعليم.
في حديثها، قالت: “رسالتي إلى جنود التغيير من التربويين الكرام هي أننا أساس صلاح المجتمع، وبذور تلك الصلاحية تنمو بعطفنا وتوجيهنا ودعمنا لطلبتنا الأعزاء، فعلينا أن نتولى مسؤولية بناء مجتمع أفضل بكل عزم وقوة وجدية”.
وأشارت إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها، خصوصًا التغيرات الكبيرة في هذا الجيل، حيث أصبح الطلاب متعلقين بالأجهزة الإلكترونية والشاشات.
وأوضحت: “لقد لاحظت ظهور بعض المشكلات لدى الطلبة نتيجة لذلك، فقمت بتوجيههم عبر القصص ومسرح الدمى. كما أنشأت قناة على يوتيوب تحتوي على ألعاب تعليمية وقصص هادفة، وأيضًا استراتيجيات تدريس تهدف إلى توجيه الأهل والطلاب لاستخدام الأجهزة بشكل آمن ومفيد، وفي إطار ذلك، عقدت اتفاقية مع الطلاب لاستخدام الهواتف فقط يومًا واحدًا في الأسبوع، مما أدى إلى تحسين انتباههم وتركيزهم، والحد من مشاكل النطق والتواصل”.
وفيما يتعلق بالاستراتيجيات التي تعزز علاقتها مع المجتمع المحلي، قالت : “أطلقت مبادرات للتغيير، وطرحت أفكارًا خلاقة لتحسين البيئة التعليمية، كوني سفيرة التميز، أعتبر أن من واجبي العمل على تطوير البيئة التعليمية، وهذا يستدعي تعاون المجتمع المحلي يداً بيد، مضيفة: “نحن نعمل على إنشاء ساحات ألعاب آمنة وجداريات تفاعلية جذابة، وتزويد الروضة بالألعاب التعليمية والمواد اللازمة لتنفيذ الأنشطة الصفية”.
وأعربت عبير عن شكرها الكبير للمجتمع المحلي على دعمهم المستمر، مؤكدة على أن اختيارها لمهنة التعليم كان حلمها منذ الصغر، معتبرة إياها من أسمى وأفضل المهن.
وأضافت: “لدي إيمان كبير بقدرتي على إيصال المعلومة بشكل رائع للطلبة، فمهنة التعليم تجمع بين الفن والعلم، وهي دعوة للتغيير والإبداع”.
المعلمة رحمة الشبلي:
المعلم يجب أن يكون قدوة في القيم والأخلاق