البيئة الأسرية المستقرة تعزز تحصيل الطلبة وسلوكهم الإيجابي
صدى الشعب – حلا باسل الحبيس
البيئة الأسرية الصحية والداعمة تنعكس دائمًا على الأطفال والأبناء بتعزيز المهارات السلوكية والدراسية وغيرها من المهارات وحتى بتعزيز الثقة والتعامل مع المشكلات والضغوطات, وحين تكون البيئة الأولى المحتضنة للأطفال مشوشة ومرتبكة في المشاكل والتراكمات وعدم حلها فهذا غالبًا ما ينعكس على الأبناء بطريقة سلبية تؤثر في كثير من مجالات حياتهم منها المجال الدراسية.
وبهذا الإطار، أكدت الخبيرة التربوية سوسن الأشقر أهمية الدور الحيوي الذي تؤديه الأسرة في دعم التحصيل الدراسي للطلبة، مشيرة إلى أنها تُعد الركيزة الأساسية في تشكيل بيئة تعليمية ملائمة تساعد الطالب على تحقيق أهدافه الأكاديمية، إلى جانب دورها المحوري في بناء شخصية الطالب وسلوكه المستقبلي.
وأوضحت الأشقر خلال حديثها لـ”صدى الشعب”، أن الأسرة تُعد البيئة الأولى التي يتأثر بها الطالب، إذ تنعكس آثارها بشكل مباشر على أدائه الدراسي وسلوكه داخل المدرسة وفي المجتمع.
وبينت أن دراسات عديدة أثبتت أن الطلبة الذين يحظون بدعم أسري قوي يحققون أداءً أكاديمياً متميزاً، نظراً لما يوفره هذا الدعم من بيئة عاطفية ومادية تغرس فيهم القيم الأساسية التي تعزز فرصهم في النجاح.
وأضافت أن تفاعل الأسرة مع الاحتياجات التعليمية لأبنائها يمثل الخطوة الأولى في بناء جيل قادر على الإبداع ومواجهة تحديات المستقبل بكفاءة ونجاح، مؤكدة أن هذا التفاعل يشكل حجر الأساس في المسيرة التعليمية للطلبة.
دور محوري للأسرة في التحصيل الأكاديمي والسلوك
وعلى صعيد التحصيل الدراسي، أشارت إلى أن الأسرة تسهم في تحفيز الطالب من خلال توفير أجواء مناسبة للدراسة، وتنظيم الوقت بين التعلم والراحة، إضافة إلى توفير الموارد التعليمية اللازمة التي من شأنها تعزيز فرص النجاح.
وبيّنت أن تشجيع الأهل لأبنائهم، وتوقعاتهم الإيجابية منهم، ينعكس على الطالب بثقة بالنفس ودافعية مستمرة للإنجاز.
أما في الجانب السلوكي، فلفتت إلى أن القدوة التي يقدمها الوالدان، إلى جانب الحوار الدائم والدعم العاطفي، تُعد من أبرز العوامل التي تسهم في بناء شخصية متوازنة وسلوكيات إيجابية لدى الأبناء.
وأضافت أن ضبط الأسرة لسلوك الأبناء بطريقة متوازنة، بعيداً عن الإفراط أو التفريط، يرسّخ لديهم الانضباط الذاتي ويحد من السلوكيات السلبية.
ضغوط اقتصادية وتأثيرات نفسية وسلوكية
وتطرّقت إلى تأثير الضغوط الاقتصادية التي قد تواجهها بعض الأسر، مشيرة إلى أنها تشكل عبئاً نفسياً واجتماعياً على الطالب وذويه، وقد تؤدي إلى حرمانه من بعض الموارد التعليمية، أو اضطراره لتحمل مسؤوليات إضافية على حساب دراسته، الأمر الذي ينعكس سلباً على أدائه الأكاديمي واستقراره السلوكي.
واعتبرت أن غياب متابعة الأهل لدروس أبنائهم يُعد من أبرز أسباب ضعف التحصيل الدراسي، حيث يُفقد الطالب التوجيه اللازم، ويجعله عرضة للانشغال وضعف الانضباط، بينما تُعد المتابعة المستمرة حتى وإن كانت بسيطة محفزاً أساسياً للالتزام والتحسّن.
أهمية البيئة المنزلية والصحة النفسية
وبيّنت أن البيئة الهادئة والمستقرة تُسهم في تعزيز السلوك الإيجابي والانضباط داخل المنزل والمدرسة، كما تُغرس في الطالب شعوراً بالطمأنينة والثقة، مشددة على أن المنزل الصحي الهادئ يُعد عاملاً مهماً في تعزيز تركيز الطالب وزيادة دافعيته نحو التعلم، فضلاً عن دوره في التخفيف من الضغط والتوتر النفسي.
وقالت أنه في ظل انتشار الدروس الخصوصية والمنصات التعليمية، لوحظ وجود حالة من التراخي لدى بعض الأسر، ناتجة عن اعتقادهم بأن هذه البدائل تُغني عن دورهم التربوي، مؤكدة على أن متابعة الأهل لأبنائهم تظل ضرورية حتى مع توفر هذه الوسائل، لأن الطالب لا يزال بحاجة إلى توجيه وتشجيع وتنظيم للوقت.
وشددت على أن الاهتمام بالصحة النفسية للطلبة منذ بداية العام الدراسي لا يقل أهمية عن الجانب الأكاديمي، إذ يسهم في تعزيز التركيز وتقليل القلق ودعم السلوك الإيجابي.
وأكدت أن تحقيق التوازن في هذا الجانب يتطلب تكامل أدوار الأسرة والمعلمين من خلال التواصل المستمر، والمتابعة المشتركة، وتوفير بيئة تعليمية داعمة تسهّل نجاح الطالب من الناحية النفسية والأكاديمية.
وطرحت مجموعة من التوصيات للأسر، لضمان نجاح أبنائهم أكاديمياً، أبرزها المتابعة المستمرة للدروس، وتهيئة بيئة منزلية مناسبة للدراسة مع تقليل المشتتات، إلى جانب تقديم الدعم العاطفي والتحفيز الإيجابي، وتنظيم الوقت من خلال جدول دراسي يومي، فضلاً عن التواصل الدائم مع المعلمين للحصول على التوجيهات اللازمة، والاهتمام بالصحة النفسية للطالب وتوفير الدعم أو الاستشارة عند الحاجة.






