صدى الشعب – وكالات
قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في بيان الاثنين، إن التحرك العسكري الإسرائيلي في رفح “ضروري” بسبب رفض حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) مقترحات قدمها الوسطاء بشأن هدنة في غزة تطلق بموجبها الحركة سراح بعض الرهائن.
وجاء في البيان أن غالانت نقل تلك الرسالة في اتصال خلال الليل مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن.
وقالت محطة إذاعة إسرائيلية، الاثنين، إن قوات الاحتلال الإسرائيلية، “بدأت إجلاء” المدنيين الفلسطينيين من رفح قبل هجوم محتمل على المدينة الواقعة جنوبي قطاع غزة، تزامنا مع اليوم الـ 213 من عدوان الاحتلال على قطاع غزة.
ووفقا لما أوردته المحطة الإذاعية فإن عمليات الإجلاء تتركز الآن على عدد قليل من المناطق المحيطة برفح والتي سيتم توجيه الأشخاص الذين يتم إجلاؤهم منها إلى مدينتي الخيام في خان يونس والمواصي.
وبعد مرور سبعة أشهر من العدوان الإسرائيلي على غزة، تقول إسرائيل إن رفح تؤوي الآلاف من مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإن من المستحيل تحقيق النصر بدون السيطرة على المدينة.
ولكن مع لجوء أكثر من مليون فلسطيني إلى رفح فإن من شأن أي هجوم كبير عليها أن يؤدي إلى وقوع خسائر كبير وهو ما يثير قلق القوى الغربية ومصر المجاورة.
ودعا جيش الاحتلال السكان المدنيين الفلسطينيين للإجلاء “مؤقتا” من الأحياء الشرقية لمنطقة رفح إلى ما أسماها “منطقة إنسانية موسَّعة” في المواصي،
وزعم الجيش أن المنطقة الإنسانية تشمل “مستشفيات ميدانية وخيما وكميات كبيرة من الأغذية والمياه والأدوية وغيرها من الإمدادات”، موضحا أنه سيسمح بالتعاون مع بعض المنظمات الدولية والدول الأخرى، بتوسيع رقعة المساعدات الإنسانية التي يتم إدخالها إلى القطاع.
وأشار إلى أن هذه العملية “ستمضي قدمًا بشكل تدريجي بناء على تقييم الوضع المتواصل الذي سيجري طيلة الوقت”.
وأكد جيش الاحتلال على أنه سيواصل العمل لتحقيق أهداف عدوانه في الحرب؛ ومنها “تفكيك حماس وإعادة جميع المختطفين”.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي الاثنين إنه دعا سكان رفح إلى إخلاء المدينة الواقعة بجنوب قطاع غزة في إطار عملية “محدودة النطاق” لتفكيك حركة (حماس)، موضحة أن التقديرات تشير إلى أنه بحاجة لنقل 100 ألف شخص من رفح.
– مناطق مكتظة بالسكان –
وقالت مصادر محلية، إن المناطق التي طلب الاحتلال إخلاءها شرق رفح مكتظة بالسكان الذين نزحوا إليها من مناطق مختلفة من قطاع غزة، والمنطقة تعرضت لقصف عنيف الليلة الماضية استهدف نحو 11 منزلا، وأن عددا كبيرا من المواطنين لا يزالون تحت أنقاض هذه المنازل.
وأضافت أن قوات الاحتلال طالبت الفلسطينيين بالنزوح إلى مدينة خان يونس، والمواصي رغم التدمير الواسع فيهما بسبب القصف، ولا يمكن نصب الخيام فيهما، كما أن المنطقة لا تتسع لأعداد كبيرة من النازحين، خاصة مع وجود نازحين من محافظة الوسطى، كما أنه لا يتوفر في المنطقة أي من المقومات لاستقطاب المزيد من النازحين.
وأوضحت المصادر أن المناطق المطالب بإخلائها شرق رفح تضم مستشفى أبو يوسف النجاروهو أحد أهم المستشفيات في مناطق جنوبي قطاع غزة، ويقع في حي الجنينة شرقي المدينة، ومعبر رفح البري عبر الحدود مع جمهورية مصر العربية، وهو المعبر الرئيسي الذي تمر عبره المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وعلى صعيد السكان فإن الكثافة السكانية شرق رفح تتركز في أحياء السلام وجنينة وبلدة الشوكة وتضم هذه المناطق مخيمات صغيرة للنازحين، ومراكز إيواء، إضافة إلى السكان الأصليين لها، وتقدر أعدادهم بنحو 100 ألف نسمة.
وكان الجهاز المركزي للإحصاء، أعلن في نيسان الماضي، أن عدد المواطنين المقيمين في محافظة رفح لغاية 22 نيسان، يقدر بحوالي 1.1 مليون مواطن، يعيشون في مساحة 63.1 كم2، وهو ما يشكل كارثة إنسانية وبيئية، وضغطا هائلا على الخدمات الشحيحة، والقدرة على الحصول على أبسط سبل الحياة في ظل العدوان.
“تحذير من مذبحة”
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، قال في مؤتمر صحفي عقد في جنيف الجمعة، إن أي عملية عسكرية برية إسرائيلية في رفح “قد تؤدي إلى مذبحة” وستشل العمل الإنساني المنقذ للحياة في جميع أنحاء قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم الأوتشا، يانس لاركيه، إن أي عملية برية “ستعني المزيد من المعاناة والموت” بالنسبة للسكان المدنيين والنازحين البالغ عددهم 1.2 مليون فلسطيني في المدينة الواقعة في أقصى جنوبي القطاع وما حولها.
وأضاف أن مدينة رفح هي “قلب العمليات الإنسانية” في غزة، حيث تخزن فيها العشرات من منظمات الإغاثة الإمدادات التي تقدمها للمدنيين في جميع أنحاء القطاع، بما في ذلك الغذاء والمياه ومستلزمات الصحة والصرف الصحي والنظافة.
وردا على سؤال حول إمكانية نقل المدنيين من غزة، جدد المتحدث باسم الأوتشا الإصرار على أن الأمم المتحدة “لن تشارك في أي أمر بإجلاء غير طوعي للناس”، وقال: “هذا ليس ما نفعله.” وأكد أن الأمم المتحدة ستبذل كل ما في وسعها لضمان استمرار العملية الإنسانية “تحت أي ظروف”.
“مجرد ضمادة”
من جانبها، قالت منظمة الصحة العالمية إنها تعد خطط طوارئ في حالة حدوث توغل عسكري واسع النطاق بالفعل، لكنها لن تكون كافية لمنع تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة.
وفي حديثه من القدس عبر الفيديو، قال الدكتور ريك بيبيركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة: “إن خطة الطوارئ هذه هي مجرد ضمادة. ولن يمنع ذلك على الإطلاق الأعداد الكبيرة الإضافية من الوفيات وانتشار الأمراض المتوقعة الناجمة عن العملية العسكرية”.
وحذر مسؤول منظمة الصحة العالمية من أن العملية العسكرية البرية ستؤدي إلى موجة جديدة من النزوح، والمزيد من الاكتظاظ، وانخفاض فرص الحصول على الغذاء الأساسي والمياه والصرف الصحي “وبالتأكيد المزيد من تفشي الأمراض”.
وقال: “إن النظام الصحي المتعثر لن يكون قادرا على الصمود في وجه حجم الدمار المحتمل الذي سيسببه التوغل”. وأشار إلى أن الوضع الأمني المتدهور يمكن أن يعيق بشدة حركة الإمدادات إلى غزة وعبرها، مضيفا أن المنظمة تأمل وتتوقع “ألا يحدث هذا التوغل العسكري وأننا سنتحرك نحو وقف دائم لإطلاق النار”.
“ماذا سيحدث للمرضى؟”
وبعد ما يقرب من سبعة أشهر من القصف الإسرائيلي العنيف، هناك 12 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى في غزة و22 من أصل 88 منشأة للرعاية الصحية الأولية في القطاع “تعمل بشكل جزئي”، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وأوضح الدكتور أحمد ضاهر، رئيس فريق منظمة الصحة العالمية في غزة، أن هذه تشمل مستشفى النجار في رفح الذي يقدم علاج غسيل الكلى لمئات الأشخاص.
وقال: “النظام الصحي بالكاد قادر على الاستمرار… إذا حدثت أي عملية (برية) – مما يعني أن السكان والمرضى لن يتمكنوا من الوصول إلى هذه المستشفيات – فماذا سيحدث لهؤلاء المرضى؟ في نهاية المطاف سيكون ذلك كارثة”.
وعلى الرغم من “التحسن الطفيف” في توافر وتنوع الغذاء في غزة في الأسابيع الأخيرة، رفض الدكتور بيبركورن أي إشارة إلى أن خطر سوء التغذية الحاد قد انحسر بالنسبة للفئات الأكثر ضعفا في القطاع.
وأضاف أن 30 طفلا توفوا حتى الآن بسبب أمراض مرتبطة بسوء التغذية، مؤكدا أنه رأى في مستشفى كمال عدوان أطفالا يبلغون من العمر عامين ويزنون “أربعة كيلوغرامات، في حين ينبغي أن يتراوح وزنهم بين عشرة و14 كيلوغراما”. وشدد على أن مئات الأطفال الذين يعانون من حالات مماثلة سيقاسون تداعيات سوء التغذية لأعوام عديدة ويمكن أن تستمر مدى الحياة.
وقال الدكتور بيبركورن إن آلية تجنب تعريض العاملين الإنسانيين للخطر قد تحسنت بعض الشيء، إلا أنهم ما زالوا يواجهون مشاكل كبيرة، بما في ذلك تأخير القوافل الإنسانية. وأضاف: “ما يمكننا القيام به في مهمة واحدة، علينا القيام به في أربع. هذا يتطلب منا القيام بعمل كثيف للغاية وهو مكلف بشكل لا يصدق، وبالطبع فهو يحولنا عن الأولويات الأخرى”.