باسم عوض الله .. فوضى غير خلاقة

 

كان المسؤول السابق باسم عوض الله مثاراً للجدل في الشارع والنخب التي طالما اتهم من قبلهما بأنه صاحب أجندات خارجية ضد المصلحة العامة.
المواقع التنفيذية عالية المستوى التي احتلها عوض الله مكنته من فرض اجندته على السياسة الاقتصادية الرسمية خلال سنواته الأولى من العقدين الماضيين، وشكل قوة خارقة في التسلل لجسم الدول وتغيير بنيتها الاقتصادية تحت شعار الإصلاح السريع الذي أراده وفق اجندته الخاصة بعيداً عن العمل المؤسسي أو الرقابة المركزية خاصة مجلسي الوزراء والنواب في آن واحد، فهو شخصية تكره أي مستويات إدارية قد تقف في طريق قراره أو يعرقل سياسة يريد تمريرها تمهيداً لتنفيذها، لذلك كان وجوده في الوزارات المختلفة محط صراع وتخاصم مع غالبية الوزراء ورؤساء الوزراء أيضا.
اقتصاديا، ينظر الشارع والنخب المختلفة على ان
عوض الله هو الشخصية الرسمية المسؤولة عن تنفيذ عدد من السياسات والخطط الاقتصادية التي أدت في مجملها إلى إضعاف الاقتصاد وزعزعته، وإحداث اختلالات عميقة يتطلب معالجاتها تضحيات كبيرة من قبل الخزينة على وجه الخصوص.
ينظر للوزير السابق عوض الله بحسب آراء الشارع والمتابعين من النخب والخبراء الاقتصاديين بأنه هو من دفع باتجاه تفريخ المؤسسات والهيئات المستقلة بهذا العدد الكبير الذي ساهم في زيادة الإنفاق والعجز المالي، والسبب في ذلك رغبته بتحول ولاية سلطة مجلس الوزراء نحو سلطات إدارية فرعية جديدة موجودة في الهيئات التي باتت عبئاً مالياً ثقيلاً على الدولة.
الشارع يجمع على ان برنامج التحول الاقتصادي الذي تبناه عوض الله اثناء عمله وزيرا للتخطيط، هو احد العوامل الرئيسة بإضعاف الموازنة العامة، من خلال ايجاد برنامج إنفاقي مستقل ومواز للموازنة اعتمد كليا على المنح الخارجية وجزء من عوائد التخاصية، وهو ما أضعف الموازنة التي فقدت الكثير من المساعدات لصالح برنامج التحول.
لكن الخطورة الأكبر على الاقتصاد من برنامج التحول هو عند دخول مشاريعه التي تقدر بمليار دولار إلى داخل الموازنة العامة التي لم تقو على توفير مخصصات مالية جديدة لتمويل النفقات التشغيلية لهذه المشاريع، الأمر الذي دفع الحكومة وقتها للاقتراض لتلبية هذا الانفاق الطارئ.
الأكثر جدلا في مسيرة عوض الله الرسمية هو صفقة نادي باريس التي اشرف عليها رغم انه كان خارج الوزارة، حيث دفع بإبرام هذه الصفقة التي أثارت جدلا وقتها بسبب شكلها وهيكلها الغريب، حيث تم استخدام كافة عوائد التخاصية والبالغة وقتها 1.65 مليار دينار، لشراء جزء من ديون الأردن الخارجية بخصم 11 % الذي اعتبر وقتها غير منطقي وكبير بكل المقاييس، لكن المفاجأة كانت بعد إبرام الصفقة، حيث تبين انها كانت اداة لفتح جديد لباب الاقتراض خاصة الداخلية منها، ومن وقتها والدين في اتجاه صعودي خطير، ولم يستفد الاقتصاد شيئا من تلك الصفقة.
عوض الله شخصية كانت دائما محل اتهام الشارع والنخب، ولا يمكن فصل توجهاته الاقتصادية او السياسية، فالرجل باتت له أيد في كُل مكان وجماعات تتحدث بنفس أسلوبه ولونه، فأنا شخصيا اعتبره مؤسسة مدرسة الفهلوة الاقتصادية لإدارة الشؤون العامة، تلك المدرسة التي خلقت فوضى في إدارة الدولة الاقتصادية يدفع الأردنيين الآن ثمنها مع كُل أسف.

أخبار أخرى