سعى معظم دول العالم والأردن منها إلى تحقيق تنمية مستدامة متعددة الوجوه، الامر الذي يتطلب من الجميع التفكير عالميا والعمل محليا، لتطبيق نهج متكامل وشامل يدعو إلى مشاركة الأفراد والجماعات والمنظمات والجمهور والحكومات على المستويات الفردية والمحلية والإقليمية والوطنية والعالمية في برامج هذه التنمية، كبرامج مكافحة الفقر وحماية البيئة وتخفيف معدلات البطالة والصحة للجميع وغيرها. كل ذلك من أجل تحقيق رفاهية الشعوب التي تضمن لهم الامن والاستقرار والاستمرارية.
قديماً، كانت الحكومات هي المسيطرة على وسائل الإعلام، أما اليوم فقد انحسرت هذه السيطرة بتعدد وسائل الإعلام والاتصال المملوكة للقطاع الخاص بعد إعتماد هذه الوسائل على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، حيث مكنت هذه الشبكة من إختراع وتوفير وسائل حديثة لم تكن مألوفة قبلاً عرفت فيما بعد بالاعلام (المرقمن). إمتاز هذا الاختراع الجديد بالسرعة وقلة التكلفة، وتوفير المنصات الاخبارية المباشرة والآنية إضافة الى الوسائل الترفيهية المتعددة والمقدرة الفائقة على تغيير الافكار والاتجاهات والانماط السلوكية السائدة بسرعة غير معهود?. لقد أدى التقدم الحاصل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى إدخال ما يعرف بـ«الاتصال الوسيط» الذي أدّى الى تطوير وبناء العلاقات ونشر الاهتمام بالتنمية المستدامة. ومن هذا الباب أتاح هذا الإعلام الذي يشمل التلفزيون الرقمي والراديو الرقمي وشبكات التواصل الإجتماعي الرقمية للفرد التواصل مع مئات بل آلاف الأشخاص الآخرين ومكنتهم من التشارك سويّاً بالافكار والآراء والمنتجات والخدمات وحتى الثقافة. وفي هذا السياق لا بدّ من أن ندرك أنه لا يمكن لبرامج التنمية أن تحقق أهدافها الاّ عبر تقاسم المعرفة والتكنولوجيا بشكل فعّال. وتأسيساً على هذه القاعدة، فإن وسائل التواصل الاجتماعي هي الوسيط بين صنّاع القرار والناس لمناقشة قضاياهم وآرائهم، وهي التي تمارس دوراً حيوياً في تغيير أنماط حياتهم، فهي أحدثت فعلاً ثورة في الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا، والطريقة التي نرى بها الآخرين والطر?قة التي نتفاعل بها مع العالم من حولنا.
من هنا لا بدّ من إدراك الحكومات والقائمين على وسائل الإعلام الرقمي أهمية دور الإعلام الرقمي في التركيز على كل القضايا التنموية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية والثقافية، والعمل بتناغم وشفافية لدعمه وإعطائه الفرصة الكاملة لتمكينه من المساهمة بجدية في تحقيق الاهداف والمصالح المشتركة.
لا أحد يستطيع أن ينكر دور الإعلام الرقمي في إحداث نقلة نوعية في برامج التنمية المستدامة، ففي دراسة أجراها الباحث «ولبر شرام» لتوضيح العلاقة بين وسائل الاتصال والتنمية، أثبت أنّ ما نسبته (72%) من برامج التنمية في بعض الدول نجحت بسبب وسائل الاتصال، وأن النسبة المتبقية في فشل بعض البرامج كانت بسبب سوء التخطيط والادارة. هذه دعوة للجميع للتفكر والتبصر في مسألتي إشراك وسائل الاتصال وبخاصة الرقمية منها في برامج التنمية بشكل جديّ وحقيقي، ثم إدراك القائمين على هذه الوسائل، والمالكين لها، والعاملين فيها لأهمية قضايا?التنمية التي تعتبرها الحكومات من ضمن السياسات العامة لها، والانخراط فيها بجدية ومهنية لضمان وقوف الناس في صفها وتلقي مساندتهم لها.