الروضان لـ”صدى الشعب”: الذكاء الاصطناعي لا يمكنه الوصول إلى الكاميرا أو الميكروفون دون إذن المستخدم
الروضان: الخطر الحقيقي في سلوك المستخدم والتطبيقات المزيفة
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
في وقت تتوسع فيه استخدامات الذكاء الاصطناعي وتزداد أنظمته حضورًا في الحياة اليومية، تثير بعض الاحاديث المتداولة عبر المنصات الرقمية مخاوف تتعلق بقدرة هذه التقنيات على تشغيل الكاميرا أو المايكروفون في الأجهزة الذكية دون إذن المستخدم.
وبينما تتصاعد الأسئلة حول مدى صحة هذه الأحاديث، تبقى مسألة الخصوصية الرقمية وحدود الأمان في التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي من أكثر القضايا إثارة للنقاش في العصر الرقمي، خصوصًا في ظل الانتشار الواسع للتطبيقات المزيفة التي تحاكي الأنظمة الأصلية وتستغل قلة الوعي لدى المستخدمين.
تطبيقات مزيفة ومواقع مضللة تنتحل أسماء أنظمة ذكاء اصطناعي معروفة
بهذا الإطار، أكد الخبير وأستاذ الذكاء الاصطناعي المشارك في الجامعة الأردنية الدكتور علي الروضان، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل “شات جي بي تي” لا يمكنها الوصول إلى الكاميرا أو المايكروفون في الأجهزة الذكية دون إذن صريح من المستخدم، مشيرًا إلى أن التطبيقات الموثوقة تخضع لأنظمة تشغيل تمنع ذلك بشكل قاطع.
وأوضح الروضان، خلال حديثه لـ”صدى الشعب”، أن أنظمة التشغيل الحديثة مثل “iOS” و”Android” في الهواتف المحمولة، و”Windows” في أجهزة الحاسوب، تعمل وفق آليات أمنية تمنع أي تطبيق، مهما كان، من الوصول إلى الكاميرا أو المايكروفون دون موافقة مسبقة من المستخدم، مؤكدًا أن هذا الإجراء يعدّ من أساسيات حماية الخصوصية في هذه الأنظمة.
وبيّن أن الخطر الحقيقي لا يكمن في قدرات الأنظمة الذكية نفسها، بل في سلوك المستخدمين وطريقة تعاملهم مع التطبيقات، مبينًا أن أغلب التهديدات تأتي من التطبيقات المزيفة وغير الموثوقة المنتشرة على الإنترنت، والتي تنتحل أسماء برامج ذكاء اصطناعي معروفة.
وأضاف أن كثيرًا من المستخدمين يشاركون بياناتهم ومعلوماتهم الشخصية من خلال هذه المنصات دون وعي أو إدراك للمخاطر الناتجة عنها.
وأشار إلى أن أبرز الطرق التي يستخدمها مطورو التطبيقات المزيفة لاختراق الأجهزة تتمثل في إنشاء مواقع إلكترونية وهمية تشبه المواقع الأصلية من حيث الشكل والعنوان، مثل استبدال حرف واحد في اسم الموقع الرسمي.
وقال إن بعض هذه المواقع تنشر عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي أو من خلال إعلانات ومسابقات مزيفة على “واتساب” وغيرها، ويقوم المستخدمون بالنقر على هذه الروابط، ما يؤدي إلى تحميل برامج خبيثة على أجهزتهم دون علمهم.
وأكد أن التحديث المستمر للأجهزة يعد من أهم الإجراءات الوقائية التي يجب اتباعها لحماية الخصوصية، لأن الشركات المالكة لأنظمة التشغيل تقوم بإغلاق الثغرات الأمنية فور اكتشافها.
وشدّد على أهمية تحميل التطبيقات فقط من المصادر الرسمية مثل “App Store” أو “Google Play”، وتجنب إدخال أي بيانات شخصية أو مصرفية عبر تطبيقات أو روابط غير موثوقة.
وفيما يتعلق بالحوادث السابقة، أشار إلى أن إيطاليا كانت قد أوقفت مؤقتًا استخدام تطبيق ChatGPT في وقت سابق، مطالبةً بزيادة الشفافية وإظهار رسائل تحذيرية للمستخدمين عند محاولة مشاركة بياناتهم الخاصة، وهو ما دفع الشركة المطوّرة إلى إجراء تعديلات لتصحيح الوضع.
كما أشار إلى حادثة وقعت عام 2017 مع شركة “Clarifai” المتخصصة في الرؤية الحاسوبية، والتي استخدمت صور مستخدمين من منصة “Flickr” لتدريب نماذجها دون إذن أصحابها، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة وأدى إلى تغريم الشركة مبالغ مالية كبيرة.
علامات تكشف اختراق الأجهزة
وبيّن أن مثل هذه الحوادث كانت تحدث في مراحل مبكرة من تطور الذكاء الاصطناعي، قبل عام 2022، أما اليوم فقد تم سنّ تشريعات وقوانين أكثر صرامة لتنظيم هذا القطاع وحماية المستخدمين.
وتطرق إلى العلامات التحذيرية التي قد تشير إلى تعرض الجهاز للاختراق، موضحًا أن من أبرزها تشغيل الكاميرا أو المايكروفون بشكل عشوائي دون تدخل المستخدم، أو ملاحظة بطء غير معتاد في أداء الجهاز، أو ارتفاع درجة حرارة المعالج بشكل مفاجئ.
وأشار إلى أن من العلامات الأخرى انخفاض البطارية بسرعة، أو ظهور تطبيقات غير معروفة على الجهاز، مبينًا أن هذه المؤشرات قد تدل على وجود برمجيات تجسس تعمل في الخلفية.
وفيما يتعلق بما يُعرف بـ”فجوة الحوكمة” بين تطور الذكاء الاصطناعي وسرعة التشريعات، قال إن الفجوة ما تزال كبيرة، لأن التشريعات تتطور ببطء مقارنة بالوتيرة السريعة لتقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي أقرّ في عام 2024 قانونًا خاصًا بالذكاء الاصطناعي، إلا أن المعايير التفصيلية لهذا القانون لن تكون جاهزة قبل عام 2026، وهو ما يعكس بطء العملية التشريعية مقارنة بسرعة التطور التكنولوجي.
الوعي هو السلاح الأهم لحماية الخصوصية
وأضاف أن بعض الدول بدأت بفرض غرامات مالية كبيرة على الشركات التي تنتج أنظمة ذكاء اصطناعي لا تراعي خصوصية المستخدمين أو تتعامل مع بياناتهم بشكل غير آمن، مؤكدًا أهمية التعاون الدولي بين شركات التقنية الكبرى للحد من أي ممارسات تضر بخصوصية الأفراد.
وأكد على أن الوعي هو الأساس في حماية الخصوصية الرقمية، داعيًا المستخدمين إلى عدم مشاركة بياناتهم الخاصة أو الحساسة عبر أي تطبيقات، حتى لو كانت تطبيقات ذكاء اصطناعي، لأن هذه البيانات يمكن أن تُستخدم في تدريب النماذج الذكية.
وأشار إلى ضرورة توخي الحذر عند تحميل أي تطبيقات غير موثوقة، مؤكدًا أن العديد من البرامج التي تبدو أصلية قد تكون في الواقع مزيفة، وتهدف إلى اختراق الأجهزة أو جمع بيانات المستخدمين دون علمهم.
