بقلم سراج اللاذقاني
حينما تدور الأحداث في حكاية أو قصة تنجذب فيها العقول، حتى ولو كانت محضًا من الخيال، أو مجرد أضحوكة يتسلى بها الناس في جلساتهم .
وأحداث حكايتنا تدور حول راعي أردني يسكن في خيمة وسط منطقة نائية، لا يمرّها سوى سيارات مسرعة .
(يتمتع الأردن بمواصفات تجعله مقصدًا للسياح والزوّار من مختلف أنحاء العالم طوال السنة، ويعتبر أيضًا أحد أهم مناطق الجذب السياحي في الوطن العربي ويعود ذلك أساسًا إلى أهميته الدينيّة والتاريخيّة، كما يتمتع الأردن بتنوع التضاريس، ويعتبر حلقة وصل ما بين قارة آسيا وأفريقيا وأوروبا)
تبدأ أحداث القصة، بإحدى زيارات الأجنبي المعتادة إلى الأردن، فقرر زيارة المناطق الصحراوية والنائية، فمشى مسرعاً بجانب ذاك الراعي الأصيل وخيمته الضخمة.
حين رآه الراعي يمر مسرعًا، عرف مدى الخوف الذي ينتاب الأجنبي في تلك اللحظة، فأصرّ الراعي على إظهار كرم الضيافة العربية وتعريف الأجنبي بالعرب وأصولهم وإبراز عاداتهم وتقاليدهم.
دخل الأجنبي خيمة الراعي بعد محاولات إقناع كثيرة، فوقف الراعي ونظر إلى دلة القهوة فسبقه الأجنبي بمقولة (النقص مهو بالرجال، النقص بالدلال)، ثم نظر الراعي إلى الخراف، على نية ذبح خاروف للضيف، فقال(مناديا إبنه) : ” ياولد، هييي يا ولد يا فلان” ، فرد الولد قائلاً : “هاا يبه نعم يبوي”، فقال الأجنبي ويسبق الراعي مرة أخرى ليرد: ” هات السكين نذبح الخاروف”، فجلب ابن الراعي خاروفًا للأجنبي وذبحه وانتظر ليجهز الغداء، ثم تناول “المنسف” باللحم البلدي وقام بعدها للخروج وليكمل مسيره.
خاطب الأجنبي الراعي قبل خروجه وقال له: “ليس السبب خوفي منك لأرفض الدخول في بداية الأمر، إنما انتم مكشوفين يا عرب ونحن نراقبكم ونتعلم منكم أحسن ما فيكم وأنتم تأخذون أسوأ ما عندنا، لذلك طلبت المغادرة وعدم الدخول؛ لأن الهدف من قدومي إلى بلدكم العظيم، هو أن أرى أشياء جديدة لا أعرفها من قبل كالبتراء، وادي رم، العقبة، المدرج الروماني، البحر الميت، وحمامات ماعين، والكثير ما يدفعني للمجيء، طبيعة الطقس وجمالية المناخ، والبيئة العلاجية، الثروات الموجودة في أوطانكم ما جلبني إلى هنا (ما بحس بالنعمة إلا فاقدها).
ينهي الأجنبي قصتنا بعبرة وحكمة لأنه تعلم، أن يكون حكيمًا، مثل ما كنا، والآن وفي خضمّ الأحداث التي تجري في فلسطين، تنتفض شوارع “باريس” وشوارع “واشنطن” وباقي شوارع الدول الأجنبية لأجل القضية الفلسطينية وتنتفض لأجل المدنيين والأطفال وضحايا الحرب، تنتفض إلى النساء الحوامل والشيوخ الكبار .
الدول الأجنبية، تبرز ضعف العرب وخوفهم وخنوعهم، تعلموا كل شيء منا، وعرفوا كل شيء عنا، سبقونا بالتطور التكنولوجي والعلم، ركضوا إلى المال والوقود، سعوا نحو شراء بلدان وأوطان وتملكوها، ولكن لن يتملكوا كرامتنا وعزتنا، (تملكوا بلدان ولكن لن تتملكوا إنسان).
العرب أصل التاريخ، هذا العالم لنا منذ بدء الخليقة، هذه آخر الرسالات السماوية، الإسلام والمسلمين أصحاب حق أينما وجدوا لأنهم لا يغضبون الله .
الأجنبي في القصة ذبح الخاروف، وصب القهوة، ونادى (هيييي يا عرب)، والشوارع في واشنطن صبت القهوة وذبحوا الخاروف وقااااالوووو (وييييينكم يا عرب، انتوا أولى الناس فيهم، ولكم بلادكم، ولكم قدسكم أقصاكم مسرى رسولكم.
لكل مسلم ومسيحي حق بفلسطين، لكل بشري الحق بأرض كنعان، لكن ليس بالاحتلال بل بالاحترام، لا تعيّش ناس من الـ 48 ومن الـ 67 ولليوم، تحت خوف وقصف ودمار وقتل أطفال وتيجي اليوم تحاسبهم ليش يفورو، علبة “الكوكاكولا” أم الربع دينار خضها مرتين بتفور، فما بالك باللي بتخضو وبتزعزع أمنه واستقراره باليوم ألف مرة .
هذا المقال يعبّر عن وجع وقهر وحب وكره وطيبة وخباثة وولاء وتخلي وخوف وانتماء ووو… ، هذا المقال نابع من مشاعر وأحاسيس متخبطة ، نابع من أرواح وأعمار بتنهدم تحت القصف والركام .
مع أني أعمل في مجال الصحافة، ولكنّي لا اكتب المقالات ضمن عملي ، ولكنّي “صحفي” وقبل ذلك أنا إنسان، أنا بشري ، (أنا عربي أنا عربي أنا عربي)