صدى الشعب-
دانت منظمات ومؤسسات حقوقية فلسطينية، بأشد العبارات تعمّد قوات الاحتلال الإسرائيلية استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف ومراكز الإيواء والتدمير الممنهج لما تبقى من مقومات الحياة في قطاع غزة.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق، إن هذه الأعمال الإجرامية تأتي في سياق الإبادة الجماعية التي تدخل يومهًا التاسع والعشرين على التوالي، وسط عجز المجتمع الدولي عن وضع حد لها العسكري أو حتى التخفيف من آثارها.
وقالت هذه المؤسسات الحقوقية إنها تنظر بخطورة بالغة جدًا إلى المنحى الذي أخذته الهجمات العسكرية التي شنتها قوات الاحتلال في الساعات الأخيرة، والتي أظهرت بوضوح تعمّد إسرائيل تدمير ما تبقى من مقومات البقاء على الحياة على امتداد قطاع غزة، مع التركيز على شمالي غزة ومدينة غزة، وهي جرائم غير مسبوقة ويندى لها جبين الإنسانية.
وأضافت المؤسسات أنها تابعت تعمد قوات الإحتلال قصف واستهداف المستشفيات ومركز الإيواء والطواقم الطبية ومولدات الكهرباء ما يفاقم الوضع الكارثي بعد 29 يومًا من الهجوم العسكري على قطاع غزة.
ووفق المتابعة الأولية لطواقم المؤسسات الحقوقية، كانت أحدث الهجمات العسكرية الإسرائيلية ضد المؤسسات الصحية، استهداف طائرات الاحتلال فجر أمس السبت مدخل الطوارئ في مستشفى النصر المخصص للأطفال، ما أدى إلى استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابات في صفوف المدنيين.
كما قصف الطيران الحربي الإسرائيلي مولد الكهرباء الرئيس في مستشفى الوفاء المخصص للتأهيل بغزة ما تسبب بحريق كبير في المكان وأخرج المولد من الخدمة.
وفي مساء الجمعة الماضية، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدخل مجمع الشفاء الطبي بغزة، بالتزامن مع انطلاق قافلة سيارات إسعاف كانت تحاول الانتقال إلى جنوبي القطاع لنقل جرحى تمهيدًا لسفرهم للعلاج في مصر.
وأكدت أن استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف يأتي امتدادًا لنهج إسرائيلي منذ بداية العدوان، ما نجم عنها استشهاد 136 من الكوادر الصحية وتدمير 25 سيارة إسعاف وخروجها عن الخدمة، واستهداف 102 مؤسسة صحية، وإخراج 16 مستشفى من أصل 35 مستشفى، و32 مركز رعاية أولية عن الخدمة جراء الاستهداف أو عدم إدخال الوقود، ما ينذر بكارثة صحية تهدد حياة آلاف المرضى والمصابين.
وعبرت المؤسسات الحقوقية عن قلقها من تركز القصف الإسرائيلي على مشاريع الطاقة الشمسية ومولدات الكهرباء المغذية للمؤسسات أو منازل السكان، خاصة في مدينة غزة، عبر استهدافها على أسطح العمارات والأبنية السكنية، وكذلك فوق معهد الأمل للأيتام ومؤسسات أهلية أخرى.
وكل ذلك يشير إلى سعي الاحتلال إلى قتل الآلاف سواء بالقصف أو انعدام مقومات الحياة من غذاء ومياه وصحة، ودفع من يتبقى للنزوح القسري عبر مسار محدد تسيطر عليه تلك القوات.
وفي هذا السياق، دمرت طائرات الاحتلال خزان مياه عموميا يغذي عدة أحياء شرق رفح جنوبي قطاع غزة.
وذكرت مؤسسات حقوق الإنسان أن المستشفيات وسيارات الإسعاف تتمتع بالحماية بموجب القانون الدولي الإنساني. وبمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن “تعمّد توجيه هجمات ضد الأفراد يشكّل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية، وتنطبق جريمة الحرب هذه على تعمّد الهجوم على أفراد الخدمات الطبية لأنهم جهة مخولة باستخدام الشارات المميّزة التي تحددها اتفاقيات جنيف.
وأكدت المؤسسات أن جريمة الإبادة الجماعية الجارية تتطلب تدخلاً فورياً، لوقف الهجوم العسكري على قطاع غزة، والتوصل لوقف إطلاق للنار، ومنع أي محاولة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، ووضع حد للانتهاكات الجسيمة التي تقترفها إسرائيل.
كما طالبت بأخذ خطوات جدية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها وفرض العقوبات السياسية والاقتصادية عليها.
وأكدت أن هذا التدخل الدولي المستعجل يجب أن يكون مصحوباً بدخول الوقود والمساعدات الإنسانية، بما في ذلك المياه والغذاء والإمدادات الطبية دون أي معيقات، لتوزيعها في جميع أنحاء قطاع غزة بأكمله للتخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية المستمرة الناجمة عن سياسة العقاب الجماعي الإسرائيلية ضد السكان المدنيين في غزة.
وقالت المؤسسات الحقوقية، يتعين على الدول الأطراف الثالثة الضغط على إسرائيل للسماح بالنقل الفوري وغير المشروط للمرضى من غزة لتلقي العلاج الطبي، بما في ذلك العلاج المنقذ للحياة، ولا سميا أن سلطات الاحتلال تواصل منع نقل الجرحى من شمالي غزة ومدينة غزة بعد فصلهما عن وسط القطاع.
وطالبت المجتمع الدولي بضمان تفكيك نظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية وغير الإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وانسحاب إسرائيل فوراً ودون قيد أو شرط من الأرض الفلسطينية المحتلة، وذلك بشكل يمكّن الفلسطينيين من أن يمارسوا حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير بشكل كامل.