صدى الشعب – كتب المحلل الأمني د. بشير الدعجه
في زمنٍ تتراكم فيه الأزمات الاقتصادية وتزداد التحديات اليومية، تأتي الحكايات الإنسانية البسيطة لتُعيدنا إلى جوهر القيم التي يجب أن تسود المجتمع، وتجعلنا نتوقف لنفكر : كيف يمكن لبادرة صغيرة أن تُحدث تغييرًا كبيرًا ؟ هذا ما رأيناه مؤخرًا في إحدى المدارس، عندما بكت طفلة في الاستراحة من الجوع، لعدم قدرتها على شراء ساندويش، أو لأنها لا تملك واحدة محضرة من المنزل.
لم تكن دموع الطفلة مجرد لحظة عابرة، بل كانت شرارة لمبادرة تُسمى “ساندويشة زيادة”، مبادرة بسيطة ولكنها تحمل في طياتها أعمق معاني الإنسانية والتكافل الاجتماعي… الفكرة نابعة من الأهالي الميسورين، الذين يقومون بإعداد ساندويشة إضافية فوق حاجة أطفالهم، ليُعطوها لمعلمة الصف، التي بدورها تعرف جيدًا الطلاب المحتاجين وتقدم لهم هذه الساندويشات… إنها لفتة تنبض بالحب والكرم وتغرس في نفوس الأطفال روح الإيثار والمشاركة، وهي دعوة لتكاتف الجميع من أجل دعم بعضهم البعض.
هذه المبادرة ليست مجرد إطعام جسد، بل هي غذاء للروح، وقصة تستحق أن تُروى… إنها درسٌ في الكرم والعطاء، تذكيرٌ بأننا يمكن أن نكون في أي لحظة الشخص الذي يحتاج تلك الساندويشة… لقد أثبتت “ساندويشة زيادة” أن الإنسانية لا تزال حية في قلوب الناس، وأنه بوسعنا جميعًا، بغض النظر عن وضعنا الاقتصادي، أن نساهم في جعل العالم مكانًا أفضل.
إنها دعوة لنا جميعًا للتفكير في دورنا الاجتماعي، وأن نُدرك أن أبسط الأفعال قد تكون لها أكبر التأثيرات… عندما نضع ساندويشة إضافية في حقيبة أطفالنا، نحن لا نقدم مجرد وجبة، بل نقدم أملًا في يومٍ أفضل لطفل آخر، نرسم ابتسامة على وجهه، ونُعلمه أن الخير موجود في هذا العالم… فهنيئًا لمن شاركوا في هذه المبادرة، ولمن سيتبنونها في المستقبل… لنكن جميعًا جزءًا من هذه السلسلة الإنسانية، ولنُحضر ساندويشة زيادة، لنُغذي بها الأرواح قبل الأجساد…وللحديث بقية.