صدى الشعب – د.ماجد عسيلة
يدخل التعديل الوزاري المرتقب على حكومة الدكتور جعفر حسان دائرة الترقب الشعبي والسياسي، وسط تساؤلات مشروعة وقبل ساعات على اشهاره: “هل سيكون هذا التعديل خطوة شكلية تعيد تدوير الأسماء، أم بداية حقيقية لإعادة إنتاج الأداء الوزاري بما يتناسب مع المرحلة وتحدياتها”؟
الواقع أن حكومة حسان التي جاءت في لحظة سياسية دقيقة، لم تمنح ترف الوقت، فبعد مرور أكثر من 200 يوم على تشكيلها، لم يكن بالإمكان انتظار السنوات لاختبار كفاءة الوزراء، خصوصا أن طبيعة المرحلة تتطلب إيقاعا أسرع، وقرارات أكثر ملامسة للواقع، ووجوها قادرة على التنفيذ لا التبرير.
يبدو أن التعديل المقبل والذي وصف بأنه “موسع” ليس رفاها سياسيا، بل ضرورة إدارية نابعة من تقييمات داخلية وخارجية للأداء، حيث أشارت تقارير وكذلك مؤشرات المتابعة الحكومية، إلى تراجع في مستوى الإنجاز في بعض الوزارات، وتراكم “الفواتير الشعبية” على وزارات أخرى نتيجة بطء الاستجابة أو سوء التقدير.
وقد تراوحت أسباب الاستبدال المحتمل للعديد من الوزراء بين ضعف التنسيق، وغياب المبادرة، وانعدام الكفاءة التنفيذية، وصولا إلى أخطاء في العمل والتصريحات، بعضها أربك الرأي العام، وبعضها الآخر أحدث تصدعات في صورة الحكومة أمام المواطنين، ما استدعى ضرورة المراجعة.
حكومة لا تجامل..
الخطوة المنتظرة من الدكتور جعفر حسان يجب أن تقرأ في سياق رغبته بتشكيل “حكومة مهام”، لا حكومة محاصصة أو توازنات تقليدية، تعديل يضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ويمنح الأولوية للخبرة الميدانية والتفكير التنفيذي، والقدرة على اتخاذ القرار، لا لمن يكتفي بتدوين الملاحظات أو تقديم الأعذار.
البعض ذهب نمو سيناريو -قديم جديد- بأن التعديل سيشمل دمجا لبعض الحقائب الوزارية لتحقيق رشاقة حكومية، مع إعادة تموضع سياسي لبعض الوزارات السيادية والخدمية، بما يضمن التفرغ لملفات الإصلاح الاقتصادي وتحسين مستوى الخدمات، ورفع كفاءة الإنفاق.
ما بعد التعديل هو الأهم..
على أهمية التعديل، فإن المعيار الحقيقي لنجاحه لن يكون بالأسماء فقط، بل بالأداء بعد التعديل، فكم من حكومة غيرت وزراءها دون أن تغير أداءها وتوجهاتها، وكم من مسؤول دخل إلى الوزارة برشاقة، وخرج منها بثقل الإخفاقات.
أمام الرئيس حسان فرصة لصناعة فريق حكومي يعيد الثقة بالمؤسسة التنفيذية، ويكسر معادلة “المقعد أهم من الملف”.. المطلوب ليس وزراء يظهرون في نشرات الأخبار، بل وزراء يظهر أثرهم في حياة المواطن.
الرسالة السياسية الأهم من التعديل إن أجيد تنفيذه، ستكون أن هذه حكومة منفتحة على التقييم، وتملك شجاعة المراجعة، وتضع مصلحة الوطن فوق الحسابات الضيقة.
والرسالة الثانية، أن من لا يعمل أو يخطئ، أو يعجز عن مواكبة المرحلة، فسيغادر موقعه حتى لو ارتدى ربطة عنق أنيقة، وامتلك لسانا فصيحا أو بقي يوميا أمام الكاميرات.
الشارع لا يطلب المستحيل، فكل ما يريده هو مسؤول ينجز ويحاسب إن قصر، ويتحدث إذا عرف، ويصمت إن “جهل” والتعديل، إن حمل هذه الروح فسيكون بداية لا نهاية.





