التربية لـ”صدى الشعب”: منصتان تعليميتان مرخصتان و13 بانتظار الترخيص
النعيمي: المنصات قدمت حلولاً لكنها أضعفت دور المدرسة
النوايسة: المنصات التعليمية أصبحت تجارة تربك الطلاب والأهالي
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
شهد المشهد التعليمي في الأردن خلال العقد الأخير تحوّلاً جذريًا، تمثل في بروز المنصات التعليمية الخاصة كفاعل أساسي في العملية التعليمية، لا سيما بعد جائحة كورونا. وقد أصبحت هذه المنصات ملاذًا لآلاف الطلبة، خاصة طلبة الثانوية العامة (التوجيهي)، الباحثين عن محتوى تفاعلي، مرن، وأقل كلفة من الدروس الخصوصية التقليدية.
والصعود السريع للمنصات لم يكن خاليًا من التحديات والانتقادات، فقد تحدثت العديد من التقارير التربوية عن فوضى في سوق التعليم الإلكتروني الخاص..
في هذا السياق، جاءت تصريحات سابقة لوزير التربية والتعليم الدكتور عزمي محافظة ، لتؤكد أن الوزارة لا تعتبر المنصات الخاصة بديلاً عن التعليم الرسمي، بل “مكمّلاً له ضمن ضوابط مهنية وتربوية يجب احترامها.
وأوضح حينها أن الوزارة تعمل على إطلاق منصة تعليمية وطنية موحد*، تخضع لإشراف أكاديمي وتربوي مباشر، بهدف تنظيم البيئة الرقمية التعليمية، والحد من التجاوزات التي وصفها بـ”المربكة للعملية التربوية.
وفي هذا الاطار، قال خبراء تربويون إن التعليم الرقمي في الأردن شهد خلال السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا، لا سيما من خلال انتشار المنصات التعليمية الإلكترونية الخاصة، إلا أن هذا التوسع لم يرافقه تنظيم فعّال يضمن الجودة والعدالة في تقديم المحتوى، ما تسبب في فوضى أثّرت سلبًا على العملية التعليمية.
وأشاروا خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” إلى أن كثيرًا من هذه المنصات تحوّلت إلى أدوات تسويقية تُكرّس ثقافة التعليم من أجل العلامة، وتُربك الطلبة وأولياء الأمور ماديًا ونفسيًا، إلى جانب ما أحدثته من صدامات غير مباشرة مع وزارة التربية والتعليم، خاصة خلال فترة امتحانات الثانوية العامة.
وبيّنوا أن ضعف الرقابة على هذه المنصات، واعتمادها على أساليب تجارية في عرض المحتوى، ساهم في تشتيت أذهان الطلبة وتقويض دور المدرسة، داعين إلى ضرورة وضع معايير وطنية واضحة لتنظيم عمل هذه المنصات، وترخيص المعلمين العاملين فيها، وربطها بمؤسسات تعليمية مرخّصة، لضمان أن تبقى أداة تعليمية مساندة لا بديلًا عن التعليم النظامي.
30 حزيران كان آخر موعد للترخيص
وأكد مدير إدارة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم، الدكتور طارق الطراونة، أن الوزارة ترحب بجميع المنصات التعليمية الإلكترونية، وقد أعدّت تشريعات تربوية تتيح لها العمل بشكل قانوني من خلال ترخيصها من قبل الوزارة.
وأوضح الطراونة خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن هناك منصتين فقط تم ترخيصهما حتى الآن في المملكة، فيما تقدمت 13 منصة أخرى بطلبات ترخيص، مؤكداً أن معاملات هذه المنصات قيد الإجراء وتخضع للمتابعة لاستكمال إجراءاتها حسب الأصول المعتمدة.
وشدد على أن جميع المنصات التعليمية تخضع حالياً لرقابة رسمية، وذلك بعد صدور النظام والتعليمات التي تنظم عمل هذه المنصات، بما يضمن جودة الخدمة التعليمية والتزامها بالإطار القانوني.
وحول تعامل الوزارة مع المنصات المخالفة، أشار إلى أن الوزارة قامت بحصر المنصات التي مارست عملها دون ترخيص بعد انتهاء المهلة القانونية الممنوحة لها بتاريخ 30 حزيران، مؤكداً أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق هذه المنصات المخالفة.
وفيما يتعلق بمكانة التعليم الإلكتروني ضمن خطط الوزارة المستقبلية، بيّن الطراونة أن خطة التعليم الرسمية تتماشى مع معايير دولية وإقليمية، لكنها تبقي خيار التعلم الإلكتروني متاحاً في الحالات الطارئة، كما حدث خلال جائحة كورونا.
المنصات تكرس التعليم من أجل العلامة
وأكد وزير التربية والتعليم السابق، الدكتور تيسير النعيمي، أن جائحة كورونا شكلت لحظة فارقة في مسار التعليم على مستوى العالم لم يتم استثمارها لاحقا، حيث كشفت عن هشاشة الأنظمة التعليمية، وأظهرت مواطن الضعف فيها، خاصة مع لجوء الدول إلى إغلاق المدارس والجامعات، ما دفع إلى اعتماد التعليم عن بُعد والمنصات الرقمية كبدائل مؤقتة.
وأشار النعيمي خلال حديثه لـ”صدى الشعب” إلى أن هذه المرحلة كان يُفترض أن تُشكّل فرصة لإعادة النظر في الأنظمة التعليمية وتصوّر مستقبلها، بما يواكب متطلبات العصر الرقمي، موضحًا أن التحول نحو التعليم الرقمي كان يجب أن يدفع نحو تجديد التعليم وتطويره.
وقال إن ما حدث فعليًا، ليس في الأردن فقط بل في معظم دول العالم، أن التعليم عاد إلى سابق عهده بعد العودة إلى التعليم الوجاهي، الا أنه الرقمنة اصبحت عنصر اساسي دون الاستفادة منها ، مؤضحاً أن العودة كانت مؤطرة بإطار تقليدي عام، دون مراجعة حقيقية لفلسفة التعليم، أو ماهيته، أو بنية المناهج، أو أدوات وأساليب التقييم.
واشار، ألى إن التعليم الرقمي أتاح فرصة ذهبية لكثير من الدول لإعادة النظر في مختلف جوانب العملية التعليمية، بدءًا من الفلسفة العامة للتعليم، وصولًا إلى المناهج، والتقييم، وطرائق التدريس.
وأوضح أن التعليم الإلكتروني أعاد طرح تساؤلات جوهرية حول فلسفة التعليم التقليدي، ما دفع إلى مراجعة كثير من المفاهيم المرتبطة بالعملية التعليمية، وعلى رأسها ضرورة الانتقال من التعليم التلقيني إلى نماذج أكثر تطورًا، كالتعليم المشخصن أو المخصص.
وأشار إلى أن هذا التوجه يعكس مفهوم “التعلم التكيفي”، الذي يركّز على حاجات المتعلم الفردية، وسرعته، وقدراته، بهدف توفير تجربة تعليمية أكثر فاعلية وملاءمة لكل طالب.
وأضاف أن هذا التحول شمل أيضًا الانتقال من التقييم الختامي إلى التوجيه اللحظي للطالب، وتغير دور المعلم من ناقل للمعرفة إلى موجّه ومُحفّز ومنتج للمعرفة.
وقال، إن الأردن لم يستفد كما يجب من تجربة التعليم الرقمي خلال جائحة كورونا، إضافة إلى ما شاب هذه التجربة من بعض السلبيات، موضحًا أن الفرصة كانت سانحة لتطوير التعليم عامة، والتعليم الرقمي بشكل خاص، إلا أن الاستفادة لم تكن على قدر الطموح.
وأشار إلى أن هذه المرحلة رافقتها اجتهادات تتعلق بوضع أطر عامة لمنصات تعليم إلكترونية خاصة، غير أنها ظهرت بصيغة تُحاكي التعليم التقليدي السائد في المدرسة، من دون وجود فلسفة تربوية واضحة تقود عملية التحول.
وأضاف أن بناء هذه المنصات قاده في الغالب المختص التكنولوجي وليس المختص البيداغوجي أو التربوي، ما جعلها تفتقر للرؤية التعليمية اللازمة.
وأوضح أن هذه المنصات بمجملها عكست بيئة التعليم التقليدية، حيث يشرح المعلم ويستمع الطلبة، وقد يُتاح لهم إرسال بعض الأسئلة، لكن التفاعل بقي محدودًا، والأسلوب المعتمد ظل قائمًا على التلقين.
واضاف أن المحتوى لم يخرج عن الإطار التقليدي، ولم يطرأ تغيير جوهري على أسلوب التدريس، الذي ظل غير تفاعلي، دون إغناء المحتوى بصيغ أو مؤثرات تكنولوجية متقدمة.
وأكد أن منصات التعليم الرقمي، كما طُورت في الأردن، شابها كثير من النواقص، وقد بُني معظمها على مفهوم المدرسة والتدريس التقليدي، وإن تفاوتت في مستواها من منصة إلى أخرى، حيث بذل بعضها مجهودًا في تطوير المحتوى، لكن السمة العامة بقيت تقليدية.
وأشار إلى أن هذه المنصات لم تسهم في المجمل إسهامًا فعّالًا في تحقيق تحول حقيقي في عملية تعلم الطلبة، بحيث يتحمل الطالب مسؤولية تعلمه، أو يُكرّس التعلم الذاتي والشخصي المسؤول، فظلت ضمن الإطار التقليدي العام.
وأضاف أن السمة الغالبة على هذه المنصات هي التركيز على التدريس من أجل الامتحان والعلامة، وهو ما يتعارض مع المفهوم العام للتعلم الإلكتروني، بل ويتنافى مع جوهر التعليم الحقيقي، الذي يجب أن يكون تعلمًا مدفوعًا ذاتيًا، وقائمًا على الفهم وتنمية المهارات العقلية العليا، ومهارات التعلم الذاتي.
وبيّن أن هذه المنصات كرّست واقع المدرسة التقليدية المادية التي نعرفها، ولكن بصيغة رقمية؛ إذ تحوّل الصف إلى بيئة إلكترونية، يحتفظ فيها المعلم بدوره التقليدي في الشرح والعرض، دون أن يحدث تحول حقيقي في أسلوب التدريس، كما بقي التركيز الأساسي فيها على التحضير للامتحانات، وليس على تنمية الفهم أو المهارات أو حل المشكلات.
وأشار إلى أن هذا التوجه يُفسر إلى حد كبير الضجة والتساؤلات المتكررة حول امتحانات الثانوية العامة، خاصة من قبل العاملين في هذه المنصات، وكذلك من قبل المراكز الثقافية، التي تلجأ في الغالب إلى أسلوب تدريس موجّه نحو العلامة والنجاح في الامتحان، وليس نحو الفهم الحقيقي للمفاهيم أو تنمية مهارات التفكير والتحليل ويساندها في ذلك أن النمط العام للامتحانات لا زال تقليديا ويركز في الغالب على استدعاء المعلومات لا على توظيف المعرفة وتقييمها وإعادة إنتاجها.
لم تُحدث تحولًا حقيقيًا في طبيعة التعلم
وقال، إن المنصات التعليمية الرقمية لعبت دورًا مزدوجًا خلال السنوات الأخيرة، إذ قدمت في جانب منها حلولًا لبعض مشكلات التعليم، لكنها في الوقت ذاته خلقت أزمة جديدة في بنية النظام التعليمي وأضعفت المدرسة.
وأوضح، أن بعض المنصات ساعدت على تعويض النقص النوعي القائم في التعليم المدرسي التقليدي، وهو ما أدى إلى إقبال متزايد من الطلبة عليها حيث يجدون فيها تعليما افضل من التعليم المدرس، مشيرًا إلى أن هذا الدور لا يمكن إنكاره، إذ قدمت بعض المواد والدروس بجودة متقدمة، بل وأحيانًا تعليمًا متميزًا.
وأكد أن هذه المنصات لم تُحدث تحولًا حقيقيًا في طبيعة التعلم، بل أسهمت في ظهور أزمة جديدة تمثلت في إضعاف المدرسة والتعليم المدرسي، وتراجع دور المعلم داخل الصف، إضافة إلى تكريس التدريس لأجل العلامة، لافتًا إلى أن الطلبة باتوا أكثر حرصًا على الاشتراك في المنصات بدافع الحصول على علامات عالية، في ظل قيادة هذه المنصات من قبل نخبة معروفة من الأساتذة وبدعم من أولياء الأمور الذين يرون فيها تعويضًا عن ضعف التعليم في المدارس.
وأضاف أن المنصات أسهمت في تكريس التعليم الموازي أو الظلي، وزيادة الاعتماد على التدريس الخصوصي والمراكز الثقافية، وهو ما يعكس مشكلة أعمق في النظام التعليمي الذي لا يزال أسير مفهوم العلامة والنجاح، مع أن العلامة يجب أن تكون نتيجة للتعلم لا موجها للتعلم والتعليم.
وأشار إلى أن أحد الآثار السلبية لهذه المنصات تمثل في اتساع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، موضحًا أن الطلبة من أسر ميسورة يتمكنون من الاشتراك في هذه المنصات بسهولة، بينما لا يستطيع كثير من الطلبة في القرى أو من الفئات الأقل دخلًا تغطية تكلفتها، مما يعمّق التفاوت في فرص التعليم.
وأكد على أهمية وجود المنصات التعليمية كمساند للتعليم المدرسي، مشددًا على أنها لا يجب أن تكون بديلاً عن المدرسة، لأن ذلك أضعف دور المؤسسة التعليمية وقلل من دافعية الطلبة للتعلم داخل الصف، وخلق سباقًا غير صحي نحو الاشتراك بالمنصات بعيدًا عن القيم الأساسية للتعلم.
ترخيص المنصات والمعلمين العاملين بالمنصات التعليمية
ودعا، النعيمي إلى ضرورة تنظيم عمل المنصات التعليمية الرقمية، بحيث تكون أدوات مساندة للتعليم النظامي، تساهم في دعم التحول الحقيقي في العملية التعليمية، وتقلل من الفجوات القائمة في النظام الحالي.
وأوضح أن تنظيم هذا القطاع يجب أن يبدأ من إدراك أن الطالب يلجأ إلى هذه المنصات لأنه لا يجد حاجاته التعليمية في المدرسة أو الغرفة الصفية، ويجد فيها محتوى أكثر مرونة وتشويقًا، يتيح له العودة إليه في أي وقت.
وأضاف أن المدخل الرئيس للتنظيم يبدأ من تحسين التعليم المدرسي نفسه، فلو وجد الطالب ما يحتاجه داخل المدرسة، لما اضطر للجوء إلى المنصات الرقمية.
وأشار إلى أن لدى وزارة التربية والتعليم خطة استراتيجية تواجه تحديات كبيرة، إلا أنها تبذل جهودًا واسعة في هذا الاتجاه.
وبيّن أن المدخل الثاني يتمثل في ضرورة وضع إطار وطني لسياسة التعليم الرقمي والإلكتروني، يحدد مكونات هذا النمط من التعليم، من حيث المنهاج، وأساليب التدريس، والتفاعل، والتقييم، والخصوصية الرقمية، وآليات التسجيل، إضافة إلى تقويم المنصات وآلية ترخيصها.
وأضاف أن المدخل الثالث لتنظيم القطاع يكمن في وضع معايير وطنية معتمدة للحكم على جودة هذه المنصات، تشمل بنيتها التكنولوجية، وبيئتها التعليمية، ومحتواها، ومدى تفعيلها لأساليب التعليم الحديثة والتقييم.
وأكد أن كثيرًا من المنصات الحالية تخالف أحكام قانون التربية والتعليم، إذ تقدم محتوى يستند مباشرة إلى المناهج الدراسية الرسمية، وهو ما يُعد مخالفًا تمامًا، كما هو الحال مع بعض المراكز الثقافية.
وأوضح أن الحل يتمثل في إعادة توجيه عمل هذه المنصات لتكون منصات لتنمية المهارات تستند إلى اعادة تصميم المحتوى الدراسي وإغنائه وليس لتكرار محتوى الكتب المدرسية.
كما شدد على ضرورة ترخيص المعلمين العاملين في هذه المنصات، وفق معايير رخصة المعلم، لضمان كفاءتهم العلمية والتربوية، مما يبعث برسائل اطمئنان لأولياء الأمور والطلبة بشأن جودة التعليم الذي يتلقونه من خلال هذه المنصات.
وطالب النعيمي بضرورة الإسراع في تنفيذ خطة الاطار الوطني لتقييم الطلبة بحيث يكون التقييم أصيلا يتوجه لقياس معايير ونواتج التعلم الحقيقية بعيداً عن التركيز على استدعاء المعرفة المباشرة في إطار الكتب المدرسية إلى تعددية أشكال التقييم والتركيز على المهارات العقلية العليا.
المنصات أصطنعت صراعًا مع وزارة التربية والتعليم
من جانبه أكد الخبير التربوي عايش النوايسة أن تطور التعليم الرقمي في الأردن، من خلال المنصات الإلكترونية الخاصة، يُعد أمرًا طبيعيًا وينسجم مع التحول الرقمي الذي طال جميع القطاعات، ومنها قطاع التعليم، مشيرًا إلى أن هذا التطور كان من المفترض أن يقوده تحول رقمي واضح داخل وزارة التربية والتعليم، لتقديم خدمات تعليمية أفضل وأكثر يسرًا للطلبة، على غرار ما تقدمه بعض المنصات الخاصة.
وأضاف النوايسة خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن مشاركة القطاع الخاص في دعم التعليم مطلوبة، لكن هذا الدور بحاجة إلى تنظيم صارم، ووضع أسس ومعايير واضحة لكيفية تقديم المحتوى التعليمي، بعيدًا عن الأهداف التجارية والسعي وراء الشهرة والمكاسب المادية، محذرًا من أن تحويل التعليم إلى تجارة يُضعف من جودته، وهو ما يحدث حاليًا من تنافس غير صحي بين المنصات ومعلميها على تقديم المادة ذاتها بأساليب تسويقية مختلفة.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة تسببت بفوضى كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأثقلت كاهل أولياء الأمور ماديًا، خاصة مع تكرار دفعهم لرسوم باهظة مقابل محتوى تعليمي واحد يتم تسويقه بأشكال متعددة.
وأكد أن هذه المنصات تركت أثرًا سلبيًا على الطلبة، حيث أسهمت في تشتيت انتباههم، وزادت من الضغوط النفسية والمادية على أسرهم، بل وصل الأمر إلى ما يشبه الصراع مع وزارة التربية والتعليم، مشيرًا إلى أن بعض المنصات تتنمّر أحيانًا على الوزارة، وتقدّم نفسها كبديل لها.
فاقمت أزمة الثانوية العامة (التوجيهي)
وأوضح أن هذه المنصات لم تقدّم حلولًا حقيقية، بل فاقمت أزمة الثانوية العامة (التوجيهي)، مؤكدًا أن الأزمة التي نشهدها اليوم تقليدية وتتكرر سنويًا، إلا أن دخول المنصات بهذا الشكل عمّق المشكلة، من خلال تغذية الاعتراضات على الأسئلة والتشكيك بالامتحانات الرسمية إذا لم تكن الأسئلة من ضمن ما تم طرحه في تلك المنصات.
وأضاف أن ما حدث مؤخرًا عكس حالة من الفوضى، حيث تنافست المنصات على إثبات أن الأسئلة جاءت من محتواها، ما تسبب بإرباك كبير للطلبة وأولياء الأمور، وأثر سلبًا حتى على الوزارة والمجتمع ككل.
وبيّن أن التعليمات الرسمية في الأردن تمنع استخدام المناهج الدراسية لأغراض تجارية، مستذكرًا أن الوزارة أغلقت في السابق عددًا من المراكز الثقافية التي خالفت هذا التوجيه.
وأضاف أن ما يحدث اليوم يتطلب تشديد الرقابة، ووضع نظام ترخيص أكثر صرامة، يشمل معايير تقديم المحتوى، وتوقيت طرح المادة، وضوابط استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل المنصات، خاصة في ظل الرسائل السلبية التي يتم بثها أحيانًا.
وشدد على أهمية أن يُربط المحتوى التعليمي فقط بمدارس مرخصة ومعلمين مؤهلين، وأن يُقدَّم بأسلوب علمي بعيد عن التسويق التجاري والمواد المُغرية مثل البطاقة، والدوسية، والملخص، والأسئلة المتوقعة، والمكثفات.
ودعا إلى تعديل التعليمات الرسمية بما يضمن إخراج عملية التعليم من إطارها التجاري، وتخفيف الضغط عن الطلبة وأسرهم، خاصة مع التوجه نحو الاختبارات الإلكترونية العام المقبل.