كتب – الدكتور منذر جرادات
في ظل سعي الدولة للحد من ظاهرة التهرب والتجنب الضريبي تبين بأن العديد من الشركات تقوم بتقديم قوائم مالية مضللة تتصف بعدم المصداقية لاظهار مركزها المالي ونتيجة اعمالها على غير حقيقته، ويظهر ذلك من خلال التلاعب بأرقام عناصر تلك القوائم المالية عن طريق استغلال بعض الطرق المحاسبية والثغرات القانونية والتي تعد من الجرائم المالية التي تضر باقتصاد البلد بشكل عام. وفي الاردن خاصة والبلاد العربية بشكل عام تحتل الايرادات الضريبية مكانة رئيسية ليس فقط من خلال دورها التمويلي لخزينة الدولة بل كونها سياسة لتوزيع الاعباء وادة لتوجيه الاقتصاد.
تواجه الادارة الضريبية في الاردن تحديات كبيرة ومخاطر شديدة تعرقل دورها على جميع المستويات، وتؤدي الى ارباك السياسة الضريبية، ومن اهم هذه المخاطر هي الجرائم المالية بشكل عام والجرائم الضريبية بشكل خاص. حيث ان جرائم التهرب الضريبي تتصل بشكل مباشر بنطاق المال العام، وان الركن المادي لجرائم التهرب الضريبي هو الاعتداء على كيان الادارة الضريبية والمال العام. فأساس العلاقة بين المكلف والضريبة هي الالتزام والامتثال الضريبي وبمخالفة اساس هذه العلاقة تقع جريمة التهرب الضريبي بأركانها المادية والتي يكون فيها المكلف (دافع الضريبة) هو الفاعل لهذه الجريمة.
في البلدان النامية بشكل عام وفي الاردن بشكل خاص تعتبر الجرائم المالية والضريبية بمختلف انواعها هي الأكثر تأثيرا على برامج التنمية الاقتصادية والتقدم الحضاري، وفي ظل تطور التجارة الالكترونية وانتشار الشركات المتعددة الجنسيات وفروع الشركات ازداد حجم الجرائم الضريبية والتي اصبحت تشكل خطرا يهدد خزينة الدولة وبالتالي عدم مقدرة الدولة على تنفيذ برامجها التنموية والاقتصادية والتي ستنعكس سلبا على الخدمات المقدمة للمواطنين من تعليم وصحة وخدمات عامة. وكل ذلك يحدث لاسباب سوف نتحدث عنها في مقالات اخرى.
وبسبب الخلافات التي تقع ما بين المكلفين المتهربين ضريبيا والادارة الضريبة نشأت الحاجة الى خدمات المحاسبة القضائية لتقديم اعمال وتقرير الخبرة المحاسبية، حيث تقوم المحاسبة القضائية بتطبيق مبادئ ونظريات وضوابط وفرضيات المحاسبة للحكم على نزاع قانوني والذي يشمل جيمع النواجي المحاسبية. وتتفرع اعمال المحاسبة القضائية بشكل عام الى جزئين هما الخدمات القانونية والتي تعتبر المحاسب القضائي خبيرا أو مستشارا والجزء الثاني هو خدمات التحقيق والتي تعتمد عىل خبرة ومهارة المحاسب القضائي والتي تؤدي الى الشهادة في المحاكم الضريبية المختصة. تقوم المحاسبة القضائية على تطبيق المهارات المحاسبية وتدقيق الحسابات والربط بين الاساليب المالية والكمية والتشريعات الضريبية بهدف جمع وتحليل وتقييم ادلة الاثبات وتفسير النتائج والتقرير والتي تكون بشكل استشارة او شهادة. وقد ازداد الطلب في الآونة الاخيرة على خدمات المحاسبة القضائية لغاية جمع الادلة المالية التي تستخدم في المحاكم الضريبية لتسوية النزاعات والتقرير بشأن الخلافات الضريبية بين المكلفين والادارة الضريبية، بهدف الوصول الى تحقيق العدالة الضريبية بخصوص مرتكبي جرائم التهرب الضريبي والتحقق من ادعاءات الاطراف ذات العلاقة والتحري عن عمليات الاحتيال واكتشافها وتحديد مقدار الفروقات الضريبية.
ويبقى السؤال الأكبر هل ساعدت المحاسبة القضائية في الحد من ارتكاب الجرائم المالية بشكل عام والجرائم الضريبية بشكل خاص. في الاردن تعد ظاهرة التهرب الضريبي من اهم المشاكل التي تواجه الادارة الضريبية كونها من المشاكل الاقتصادية التي تؤثر على اقتصاد البلد بشكل مباشر، ولذلك سعت الادارة الضريبية للحد من جريمة التهرب الضريبي باتباع اساليب متعددة وذلك لتعدد اساليب جرائم التهرب الضريبي، كما تراهن الادارة الضريبية على الاطراف الخارجية للحد من هذه الظاهرة وذلك من خلال توثيق العلاقة بين الدائرة والنقابات والجمعيات المهنية ومنها جمعية مدققي الحسابات وذلك من خلال عقد ندوات ودورات مستمرة لبحث هذه الظاهرة واستخدام الاساليب العلمية لمجاراة التطور المستمر في اساليب جرائم التهرب الضريبي، وتلعب المحاسبة القضائية دورا بارزا في الحد من جريمة التهرب الضريبي حيث ان المحاسب القضائي هو مدقق حسابات مؤهل ولديه من الخبرة والمهارة المحاسبية ما يمكنه من تحليل الوثائق والمتسندات وفحص القوائم المالية لاضفاء المصداقية والموثوقية على تلك القوائم.
تساعد المحاسبة القضائية في الكشف عن جرائم التهرب الضريبي من خلال كشف الثغرات المالية وعمليات الاحتيال الضريبي حيث يقوم بدور الشاهد عن استخدام تقريره وخبرته للاثبات. كما يقوم بدور المتحري من خلال قيامة بكشف الحقيقة والتوصل الى معطيات وادلة مادية لاثبات الوقائع المادية بجيمع طرق الاثبات. ومع ذلك، يكون المحاسب القضائي مسؤولا عن كشف وسائل واساليب مرتكبي جرائم التهرب الضريبي ومواكبة ابداع المحاسبين في تطوير وسائل مبتكرة للتهرب الضريبي لم تكن مطبقة سابقا بهدف تخفيض حجم الوعاء الضريبي وتخفيض الضرائب المستحقة على المكلفين.
تقوم الادارة الضريبية وبشكل مستمر باستخدام اساليب فكرية متعددة تخدم المحاسبة القضائية والحد من جرائم التهرب الضريبي ومنها تطبيق الذكاء الاصطناعي ومراجعة التشريعات الضريبية بشكل مستمر يضمن مواكبة التطور في اساليب التهرب الضريبي، اضافة الى نشر الوعي الضريبي بين المكلفين وزيادة الثقة بين المكلف والادارة الضريبية والذي ادى في الاونة الاخيرة الى زيادة نسبة الامتثال الضريبي. كما قامت الادارة الضريبي في الاردن الى الحد من جرائم التهرب الضريبي من خلال تحقيق العدالة الضريبية، اضافة الى تطبيق العديد من من المشاريع ومنها:
1- مشروع الرقابة الرقمية على مصانع الدخان.
2- مشروع الرقابة الرقمية الالكترونية على مصانع المشروبات الكحولية.
3- مشروع استخدام الذكاء الاصطناعي في التدقيق الضريبي.
4- مشروع فوايتري.
5- مشروع نظام الفوترة الالكتروني.
6- مشروع التوسع في الخدمات الالكترونية للمكلفين.
7- مشروع نظام الايرادات الضريبية المحوسب.
8- مشروع الرقابة المباشرة على مصانع المعسل.
9- مشروع امن وحماية نقل المعلومات.
10- مشروع التخصيم الضريبي.